وقفة مشرفة لمنظمات وشخصيات وطنية لمناهضة العنف في العراق

340

حميد مراد

برزت على الساحة العراقية في الآونة الاخيرة احداث متسارعة وخطيرة على ابناء العراق المكافح في العاصمة بغداد ومدن المحافظات العراقية الاخرى الثائرة من الذين يطالبون بالحرية وتغيير الاوضاع المتردية في البلد بعد التخبط والفشل الكبير في ادارة الدولة ولمدة “17” عام، وتعريض حياة الافراد وممتلكاتهم للخطر، وخاصة ً الطبقات الكادحة نتيجة قيام العديد من الاحزاب المتنفذة وبإيعاز من اطراف خارجية بتشكيل ميليشيات وعصابات مسلحة لحماية نفسها، وزرع الفوضى والاستفراد بمقدرات الدولة، وتصفية كل من يخالف نهجهم المدمر، وقامت هذه العناصر بالعديد من جرائم القتل والخطف والابتزاز والاعتقال وبأسلوب العصابات، وممارسة التعذيب في معتقلاتهم السرية ونشرها وتوزيعها في العديد من المواقع عبر شبكة التواصل الاجتماعي، في تحدي صارخ للعدالة والمجتمع والحكومة.

ان ظاهرة اتساع مساحة الجرائم والعنف والتصفيات الجسدية والاختفاء القسري الذي دمر الالاف من العوائل وبأساليب وادعاءات طائفية، وكل الانتهاكات الجسيمة الاخرى تنفذ بحق العراقيين بأيدي عناصر الميليشيات والعصابات والمجاميع المنفلتة والمدعومة من قبل القيادات المسيطرة على اجهزة الدولة غايتها زرع الرعب في صفوف الشباب الثائر والاصوات الحرة، وافشال واضعاف اي عملية تصحيحية تحاول الحكومة الجديدة اتخاذها فيقوم هؤلاء المسلحون وبإيعاز مباشر من قبل احزابهم بخلط الاوراق من جديد ليبقى النهج السابق هو السائد في هيكلية الدولة والذي يعتمد على الفساد والاتاوات وتدمر الاقتصاد، وتنفيذ اجندات خارجية وبلغة القوة لكونهم اقوى من اجهزة الحكومة.

وقامت هذه الفئات الضالة خلال الفترة الماضية بعمليات اغتيال في وضع النهار وبكل اريحية وفي مناطق مزدحمة وقريبة من نقاط التفتيش الامنية طالت العديد من الشخصيات المعروفة والمهمة في الحراك الجماهيري والتنويري كان في مقدمتهم الباحث الدكتور هشام الهاشمي، والدكتور الناشطة رهام يعقوب، والناشط المدني في تنسيقات التظاهرات بمحافظة البصرة ” اسامة تحسين الشحماني ” الى جانب عملية اعتقال الناشطة الالمانية في بغداد ” هيلا ميفيس ” مع الاستمرار بالتهديد والتصفية لعشرات الفاعلين في الحراك المدني، ناهيك عن الاعتداءات والتجاوزات على دوائر الدولة وبسيارات مظللة، وتدفع لهم الحكومية رواتبهم !! ولا يطالهم القانون لكونهم لا يعترفون به، وهم اعلى من سلطة القانون.

وعبر مراحل التاريخ تعتبر اي ميليشيا مسلحة راعية للإرهاب، وتهدد الوضع العام في الدولة حيث لديهم القدرة والارادة على تنفيذ الجرائم، وتستقوي على ابناء شعبهم، ويكون هدفها الاساس هو القمع وخلق حالة من الانفلات والتوتر، وجاء تشكيل وتأسيس الميليشيات في العراق بدعم وحماية ورعاية العديد من الشخصيات المسيطرة على المشهد السياسي والتي تعتبر مخالفة للمادة التاسعة من الدستور العراقي لسنة 2005 والتي تنص على ” أولاً ب. يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة ” كانوا هؤلاء البرغماتيون قد كتبوا هذه المواد الدستورية وصوتوا عليها، وعندما تمكنوا ودعت حاجتهم قاموا هم انفسهم بالالتفاف على هذه المادة وغيرها من المواد الاخرى من خلال إعطائها ومنحها الصفة القانونية.
ولمناهضة هذه الجرائم والخروقات الصارخة لقيم حقوق الانسان نظمت مجموعة كبيرة من منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان والشخصيات البرلمانية والاكاديمية والمدنية والاعلامية العديد من البيانات والنداءات التضامنية التي طالبت الامم المتحدة والهيئات والوكالات الدولية والحكومة العراقية الى بالتدخل الفاعل المسؤول لوقف الاغتيالات والعنف والمنظم، وحصر السلاح بيد الدولة، والكشف عن قتلة المتظاهرين وتقديمهم للقضاء، والمساهمة في فرض هيبة الدولة وسيادة القانون، وعدم السماح لمصادرة الحريات العامة، والحد من التدخلات الاقليمية التي غايتها النيل من العراقيين وطموحاتهم المشروعة للعيش بكرامة، وبناء دولتهم المدنية الديمقراطية.

المصدر