علاء هادي الحطاب
كثيرا ما نقرأ هذه الايام عبارة هاشتاك الوعي قائد او مفردات اخرى مرتبطة مع مفردة الوعي، وللوهلة الاولى هذا امر جيد ان نفكر ونبحث في هكذا مفردات بديلا عن مفردات البدع والخرافات وبعض الاعراف والتقاليد “السلبية” التي لا تستند الى منطق الحكمة، لكن البحث الاهم هنا كم فهمنا الوعي بمفهومه الادراكي واقصد هنا الوعي المعياري الاخلاقي الذي يجعلنا نصدر أحكاما قيمية على الأشياء والسلوكات فنرفضها أو نقبلها، بناء على قناعات أخلاقية من خلال شعورنا بالمسؤولية تجاه أنفسنا والآخرين.
تحول عبارة الوعي الى مجرد هاشتاك نكتبه لنطرح انفسنا مثقفين “طشة” تزيد الجهل جهلا والتخلف تخلفا من دون اي تقدم يُذكر في حكمنا على الاشياء واتخاذ مواقفنا ازاءها، فهناك الكثير من “الفيسبوكيين” يذيلون منشوراتهم بهكذا عبارات، لكن واقع حال منشوراتهم فضلا على تصرفاتهم وتصوراتهم وحكمهم على الاشياء لا يدل لا من قريب ولا من بعيد على وعي بما يبحثون ويتناولون بل هم ابعد ما يكون عن تلك المساحة، وما يحركهم فقط هو اتجاهات الرأي السائد في منصات التواصل الاجتماعي سواء كانت ممنهجة من قبل فاعلين مجهولي او معلومي الهوية او غير ممنهجة انتشرت بشكل تصاعدي، حتى يصبح الحكم على الاشياء وفق طريقة “حشر مع الناس عيد” و “ عليهم اخوتي النشامى عليهم” عندها لن يبقى الوعي قائدا بل يصبح الوعي ميتا بمرض معدٍ يهرب منه جميعنا.
اذا اردنا ان نوجد لانفسنا سلطات فاعلة تؤدي وظائفها المنوطة بها بشكل صحيح وسليم وتحقق قبولنا ورضانا فلابد لنا من وعي في اساس ذلك من خلال انتخاب الاكفأ والانزه بعيدا عن ايديولوجيتنا وطائفيتنا وقوميتنا او اي مؤثر غرائزي، فالوعي الانتخابي ينتج سلطات على الاقل تؤدي وظائفها بشكل صحيح. اذا اردنا ان ننهض بمجتمعنا من مشكلاته وازماته التي باتت تعصف بنا باشكال وانماط مختلفة، فالوعي قائدنا لذلك، الصحة نديمها بالوعي، التعليم نرتفع به من خلال الوعي، التنمية بكل اشكالها لن يكون لها امكانية التقدم والفعل الا من خلال الوعي، لكن اي وعي نريد؟ هل الوعي الذي يشكل هاشتاكا من دون مصداق له؟ ام الوعي المعياري الاخلاقي الذي ينعكس على سلوكنا وتصرفاتنا وحكمنا وادارتنا للاشياء؟
الوعي…. والوعي فقط هو ما يمكنه ان ينقذ جهلنا المجتمعي الجماعي لا الفردي وعندها يمكن ان نفكر بشكل صحيح وننتج بشكل أصح.
العراقالمصدر