هيومن رايتس ووتش: الحكومة تقاعست عن إيقاف الانتهاكات بحق المتظاهرين

127

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، ان الحكومة الحالية تقاعست عن وضع حد للانتهاكات ضد المتظاهرين، بحسب تقريرها السنوي.

وقالت أيضا ان نظام العدالة الجنائية يشوبه استخدام واسع للتعذيب وانتزاع الاعترافات القسرية. وأشارت المنظمة الى انه في موجة الاحتجاجات التي بدأت في تشرين الأول 2019 واستمرت حتى أواخر 2020، أدت الاشتباكات مع قوات الأمن، بما فيها “قوات الحشد الشعبي” إلى مقتل ما لا يقل عن 560 متظاهرا وعنصرا في قوات الأمن في بغداد ومدن أخرى جنوبي العراق. وأعلنت الحكومة في تموز 2020، أنها ستعوّض أهالي الشهداء خلال الاحتجاجات واعتقلت ثلاثة من ضباط الأمن من الرتب الدنيا.

وبعد سلسلة من عمليات قتل ومحاولات قتل للمتظاهرين في البصرة في آب 2020، فصلت الحكومة مدير شرطة البصرة ومدير الأمن الوطني في المحافظة، لكن يبدو أنها لم تُحِل أي شخص إلى المحاكمة.

عندما تولّى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي منصبه في أيار 2020، شكّل لجنة للتحقيق في مقتل المتظاهرين. لم تعلن اللجنة عن أي نتائج حتى أواخر 2020.

الاحتجاز التعسفي

واحتجزت القوات الامنية متظاهرين تعسفيا وأفرجت عنهم لاحقا، بعضهم في غضون ساعات أو أيام، والبعض الآخر في غضون أسابيع، دون توجيه تهم إليهم.

رغم المطالبات، لم تكشف الحكومة الاتحادية عن الهياكل الأمنية والعسكرية التي لديها تفويض قانوني لاحتجاز الأشخاص، وفي أي منشآت.

في كانون الثاني 2020، نشرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) تقريرا يقيّم نظام العدالة الجنائية، بناء على مراقبة مستقلة لـ 794 محاكمة جنائية، 619 منها لرجال ونساء وأطفال متهمين بموجب قانون مكافحة الإرهاب بشكل خطير في العراق.

وقالت هيومن رايتس ووتش ان الـ”نتائج التي توصلت إليها بعثة يونامي كانت تؤيد النتائج التي توصلنا اليها مسبقا عن عدم احترام المعايير الأساسية للمحاكمة العادلة في المحاكمات المتعلقة بالإرهاب”. وأضافت المنظمة ان “المحتجزين ادلوا بشهادات قاسية عن التعذيب أثناء الاستجواب في سجون الموصل الخاضعة لسيطرة وزارة الداخلية، والتي أدت في بعض الحالات إلى وفيات. تتوافق هذه الشهادات مع التقارير السابقة (أصدرتها المنظمة ذاتها) التي تتحدث عن الاستخدام الواسع للتعذيب من قبل القوات العراقية لانتزاع الاعترافات بدلا من إجراء تحقيقات جنائية سليمة”.

ظروف الاحتجاز

ولفتت المنظمة الدولية الى ان “السلطات تحتجز المشتبه بهم جنائيا في ظروف مزدحمة وفي بعض الحالات غير إنسانية”.

وبحسب تقارير إعلامية، أطلقت قوات الامن سراح 20 ألف سجين في نيسان كإجراء وقائي للتصدي لتفشي فايروس كورونا، لكنها لم تكشف أي معلومات عن هويات المفرَج عنهم ومعايير اختيارهم. وقالت هيومن رايتس ووتش “السلطات رفضت الرد عندما طُلب منها الكشف أو الإعلان عن عدد الأشخاص في السجون العراقية، مما يجعل من المستحيل تقييم ما إذا كانت عمليات الإفراج خففت بشكل كاف من الاكتظاظ الحاد لتمكين التباعد الاجتماعي”. في تموز، كانت هناك 31 إصابة بفايروس كورونا مُبلَغ عنها في أحد سجون بغداد.

عقوبة الإعدام

وأصدر القضاء أحكاما بالإعدام على عديد من المدانين بالانتماء إلى داعش بموجب قانون مكافحة الإرهاب ونفذ إعدامات دون الكشف عن الأرقام الرسمية. وفي آب 2019، أصدرت السلطات بيانات من وزارة العدل والتي أظهرت أن 8022 محتجزا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام وأن الدولة أعدمت أكثر من 100 بين كانون الثاني آب 2019، لكنها لم تقدم إحصاءات لعام 2020. وفي أواخر تشرين الثاني، أعدمت السلطات 21 محتجزا على الأقل كانوا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، بحسب تقارير.

جرائم داعش ضد الإيزيديين

وقالت هيومن رايتس ووتش انه “رغم نظام الاغتصاب المنظم والاستعباد الجنسي والزواج القسري الذي اتبعه داعش، وحتى عندما اعترف المتهمون أثناء المحاكمات بإخضاع النساء الأيزيديات للعبودية الجنسية، تجاهل المدعون اتهامهم بالاغتصاب، والذي تصل عقوبته إلى 15 عاما. بدلا من ذلك، اتهموهم بالعضوية في داعش أو دعمهم للتنظيم أو تعاطفهم أو مساعدتهم له بموجب قانون مكافحة الإرهاب”.

في 7 نيسان 2019، قدم رئيس الجمهورية برهم صالح مشروع قانون الناجيات الأيزيديات إلى مجلس النواب. ويهدف القانون إلى إعادة التأهيل، وإعادة الدمج، والتمكين الاقتصادي للناجيات الأيزيديات، وينص على أنه سيوفر “اعترافا رمزيا بالإبادة الجماعية المرتكبة ضد الأيزيديين”. إلا أن مشروع القانون فيه أوجه قصور، مثل حصر تعريف الناجيات على النساء والفتيات الأيزيديات اللائي اختطفهن داعش ثم أطلق سراحهن. لم يشمل الرجال والفتيان، وكذلك الناجين (ات) وضحايا داعش من المجتمعات الأخرى.

العقاب الجماعي

ولم تمنح قوات الأمن التصاريح الأمنية المطلوبة للحصول على بطاقات هوية وغيرها من الوثائق المدنية الأساسية لآلاف العائلات التي ترى السلطات أن احد افرادها كان منتميا إلى داعش. وعلى مدى سنوات، منعت السلطات آلاف الأطفال الذين ليست لديهم وثائق مدنية من الالتحاق بالمدارس الحكومية، بما فيها المدارس الحكومية داخل مخيمات النازحين.

وسمحت السلطات لبعض العائلات بالحصول على تصريح أمني إذا كانت على استعداد لفتح شكوى جنائية للتنصل من أي قريب يشتبه في انضمامه إلى داعش. بعد أن يفتح الأفراد الدعوى الجنائية، تُصدر لهم المحكمة وثيقة لتقديمها لقوات الأمن تُمكنهم من الحصول على الموافقات الأمنية. وفي أواخر 2020، أطلقت السلطات جهودا ترمي إلى إغلاق جميع المخيّمات التي تضمّ عائلات النازحين، ومنحت في ذلك السياق تصاريح أمنية لعدد أكبر من الأشخاص وأصدرت لهم وثائق مدنية جديدة.

وقالت المنظمة انه “وبسبب منح السلطات العائلات في بعض الحالات إشعارا بأن عليها إخلاء المخيمات التي كانت تعيش فيها لسنوات في غضون 24 ساعة، حُرِمت بعض العائلات من إمكانية الحصول على الغذاء والمياه والرعاية الصحية وأصبحت بلا مأوى”.

وأضافت ان “ما لا يقل عن 30 ألف عراقي فروا من العراق بين 2014 و2017، بمن فيهم بعض الذين لحقوا داعش أثناء انسحابه من الأراضي العراقية، احتجزوا في مخيّم الهول وما حوله في شمال شرقي سوريا”.

وفي 2019، ناقشت الحكومة العراقية خططا لإعادة ونقل واحتجاز هذه العائلات وغيرهم ممن يُعتقد أنهم ينتمون إلى داعش في مخيمات معزولة في العراق، لكنها لم توافق بعد على مثل هذه الخطة.

حقوق المرأة

ويُجرم القانون الجنائي الاعتداء الجسدي، وتمنح المادة 41 (1) الزوج حقا قانونيا في “تأديب” الزوجة، وللأهالي بتأديب أطفالهم “في حدود ما هو مقرر شرعا أو قانونا أو عرفا”.

ينص قانون العقوبات أيضا على عقوبات مخففة على أعمال العنف، بما فيه القتل بسبب “البواعث الشريفة” أو إذا ضبط الشخص زوجته أو قريبته تمارس الزنا أو الجنس خارج الزواج.

وتوقفت الجهود المبذولة في البرلمان لإقرار مشروع قانون مناهضة العنف الأسري طوال 2019 و2020. وتتضمن نسخة 2019 من مشروع قانون مناهضة العنف الأسري الذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش، أحكاما تتعلق بالخدمات المخصصة لضحايا العنف الأسري، وأوامر الحماية (التقييدية)، والعقوبات المفروضة على انتهاك هذه الأحكام، وتشكيل لجنة وزارية لمكافحة العنف الأسري.

مع ذلك، يتضمن مشروع القانون العديد من الثغرات والأحكام التي تقوّض فعاليته، بما فيها أنه يعطي الأولوية للمصالحة على الحماية والعدالة للضحايا.

التعليم

بسبب كورونا، أغلِقت المدارس في آذار 2020 حتى نهاية العام الدراسي في إقليم كردستان، وأغلِقت المدارس في المنطقة التي تسيطر عليها بغداد من آذار حتى تشرين الثاني 2020.

ووفقا للمعلمين والأهالي والطلاب، كان الأطفال الذين يعيشون في فقر والعائلات التي نزحت من منازلها بسبب القتال السابق بين القوات العراقية وداعش، الأكثر تضررا، حيث كان معظمهم يفتقرون إلى خيارات التعلم الرقمي. كان لفقدان التعليم خلال هذه الفترة تأثير أكبر على الكثير من الأطفال الذين خسروا ثلاث سنوات دراسية قبل تفشي كورونا عندما كانوا يعيشون تحت حكم داعش.

العلاقات الدولية

وتعرضت العلاقات مع الولايات المتحدة، الشريك الرئيسي في الحرب ضد داعش، للتوتر. في 2019 و2020، نفّذت مجموعات مجهولة هجمات صاروخية متعددة على أهداف أميركية في العراق. ردا على إحدى تلك الهجمات، قتلت غارة أميركية بطائرة مسيّرة الفريق الايراني قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري الإيراني”، في مطار بغداد ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في 3 كانون الثاني 2020.

وبعد يومين، أصدر النواب العراقيون قرارا غير ملزم بطرد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من البلاد، والذي لم يتم العمل به. وفي آب، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها ستُخفض وجود القوات الأميركية في العراق بمقدار الثلث اي إلى حوالي 3500 جندي.

وفي السنة المالية الأميركية 2020، خصص الكونغرس الأميركي 451 مليون دولار كمساعدات عسكرية للعراق، بما فيه من خلال التمويل العسكري الخارجي والتعليم والتدريب العسكريين الدوليين وبرامج أخرى.

وخصص الكونغرس أيضا 745 مليون دولار كتمويل دفاعي لبرامج العراق في إطار “صندوق تمويل التدريب والتجهيز لمكافحة داعش”، وخصّص 30 مليون دولار أخرى لـ”مكتب التعاون الأمني” في السفارة الأميركية ببغداد، الذي يساعد في إدارة برامج التدريب والدعم الممولة من خلال المبيعات العسكرية الأجنبية ومساعدة التمويل العسكري الأجنبي.

بالمقابل تتمتع إيران بنفوذ سياسي كبير في العراق، إلى حد كبير من خلال الأحزاب السياسية وبعض الجماعات المسلحة داخل قوات الحشد الشعبي. ويعتمد العراق أيضا على إيران للحصول على الغاز الطبيعي، من بين الواردات الحيوية الأخرى.

الى ذلك استمرت الغارات الجوية التركية طوال 2020، والتي استهدفت حزب العمال الكردستاني وتسببت أيضا بقتل أكثر من عشرة مدنيين في المنطقة.

المصدر