مقترحات لتخفيض الرواتب إلى النصف أو إلغاء المخصصات لتجاوز الأزمة المالية

426

بغداد/ محمد صباح

ما يزال مقترح خفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار من الحلول المطروحة لتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية للأشهر المتبقية من السنة الحالية.

كذلك بدأت الحكومة دراسة مقترحات اخرى ابرزها إلغاء مخصصات الرواتب او تقليل الرواتب إلى 50%.

وبشكل مفاجئ ارتفع سعر صرف الدولار قبل ثلاثة أيام في سوق البورصة والأسواق المحلية قبل ان يعاود الانخفاض التدريجي خلال الساعات القليلة الماضية.

ودفعت ظروف الأزمة المالية وانهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية وتداعيات أزمة جائحة فايروس كورونا، حكومة مصطفى الكاظمي إلى مراجعة السياسة المالية في العراق من اجل تجاوز الضائقة المالية التي تهدد الاقتصاد العراقي.

ويفسر مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء في حديث مع (المدى) أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار خلال اليومين الماضيين قائلا إن “السوق النقدي في العراق حساس ويتأثر بالمعلومات والأخبار الاقتصادية والسياسية مما انعكس على عملية الطلب والعرض للدولار”.

واضاف صالح، وهو مستشار رافق ثالث رئيس حكومة منذ 2014، “إننا مجتمع مدفوعات نقدية لا يتعامل بالصكوك ولا بالحوالات المصرفية، وبالتالي أثرت هذه السياسة (النقدية) على العرض والطلب للدولار”، مضيفا أن “قلة الايرادات من العملة الاجنبية بسبب انخفاض اسعار النفط في الأسواق العالمية قابلته زيادة في شراء الدولار وهذا ما سبب ارتفاع سعر صرف الدولار في الاسواق”.

ويبين صالح أن “90% من نافذة العملة الأجنبية في البنك المركزي هي عبارة عن حوالات خارجية لتمويل التجارة الخارجية للقطاع الخاص و10% منها هي للدولار النقدي الذي يبيعه البنك لشركات الصيرفة والمصارف ومجالات تغذية السوق”.

ويقدر المستشار الحكومي، ان “الخزين من العملة الأجنبية الموجودة لدى الناس (غير مودعة في المصارف أو البنوك) تتراوح بين (7 إلى 10) مليار دولار، وبالتالي تتأثر هذه الأرقام الكبيرة بالإشاعات، والأخبار والمعلومات قد تسبب أيضا ارتفاعا في سعر الصرف”.

من جهته، وضّح البنك المركزي أن التصريحات التي انتشرت مؤخرًا بخصوص (تخفيض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار) تمثل وجهة نظر من صرح بها ولا تمثل الموقف الرسمي للبنك المركزي، وقد رافق ذلك عدد من الإشاعات التي أطلقها المضاربون وهو ما أثر على السعر (مؤقتًا). وبين البنك المركزي في بيان اطلعت عليه (المدى) أن “سعر الصرف ثابت ولم يتغير، وان سياسته النقدية واضحة وشفافة. علمًا أن الاحتياطيات من العملة الأجنبية جيدة جدًا وفقًا لجميع المؤشرات الدولية وبما يمكنه من تجاوز الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد”. وطالب البيان من وسائل الإعلام “اعتماد المصادر الخاصة بالبنك المركزي حصرًا بهذا الخصوص”.

وخلال الساعات القليلة الماضية انخفضت أسعار صرف الدولار مقابل الدينار العراقي في أسواق البورصة الرئيسة والأسواق المحلية.

بالمقابل، يبين الخبير الاقتصادي ماجد الصوري أن “إحدى الفقرات الواردة في الورقة البيضاء التي أرسلتها الحكومة الى البرلمان تشير إلى وجود نية لدراسة إمكانية رفع قيمة سعر صرف الدولار مع المحافظة على السياسة النقدية وثبات قيمة الدينار”، معتبرا أن هذه “الحلول اخطر من تقليل الرواتب”.

ويضيف الصوري في تصريح لـ(المدى): “معنى تخفيض العملة هو تخفيض قيمة الرواتب بشكل غير مباشر، وكل المدخولات التي تدخل إلى أفراد الشعب العراقي، كما سيؤثر على ذوي الدخل المحدود وطبقات الفقراء عبر ارتفاع أسعار السلع”.

ويوضح أنه “في حال تخفيض قيمة الدينار بنسبة 25% فان الأسعار وبعامل مضاعف ستصل زيادتها نحو 40 إلى 50%”، منوها إلى أن “الورقة البيضاء لم تقل بشكل صريح انه سيتم تقليل سعر الصرف، وانما قالت إن من ضمن الإجراءات التي من المكن ان نلجأ لها هو تخفيض سعر الصرف”.

ويؤكد الصوري أن “الحكومة لم تقدم مقترحا مباشرا يدعو إلى تخفيض قيمة الدينار، لكن واحدا من المقترحات التي تبنتها الحكومة في ورقتها البيضاء هو تقليل سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار”. وتقترح الورقة البيضاء التي ارسلتها الحكومة للبرلمان فرض تخفيض بالأجور والرواتب من 25% من الناتج المحلي الإجمالي يتناقص الى 12.5% خلال ثلاث سنوات، واصلاح صندوق التقاعد بحيث يكون غير مرتبط بالموازنة ويتم صرف رواتب التقاعد مباشرة من الصندوق. كما دعت ايضا إلى خفض الدعم المالي للشركات المملوكة للدولة بنسبة 30% كل عام لمدة ثلاث سنوات، وتخفيض اجمالي الدعم الحكومي من 13% من الناتج المحلي الإجمالي الى 5% خلال ثلاث سنوات، واعادة هيكلة سلم الرواتب العامة من خلال إيقاف عمليات التوظيف والاستبدال الجديدة في القطاع العام، وتحديد سقف اعلى لرواتب الموظفين بما يحقق العدالة ويقلل الفوارق، وتطبيق ضريبة الدخل على مخصصات الموظفين والحوافز والعلاوات وغيرها.

ويقول الخبير الاقتصادي، ان احد أسباب ارتفاع سعر الصرف هي “التصريحات غير مسؤولة التي تناولت موضوع ان الحكومة ستتجه نحو تخفيض سعر الصرف”، مضيفا ان “من الأمور الأخرى التي ساهمت بارتفاع سعر بيع الدولار عدم وجود استقرار سياسي ولا امني مما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار والسلع”.

وتطرق الخبير الاقتصادي الى الحلول التي ستتبعها الحكومة لتجاوز أزمتها المالية بالقول إن “الحكومة لديها عدة خيارات لحل الأزمة المالية منها محاربة الفساد وتقليل النفقات التشغيلية من خلال إلغاء كل مخصصات الرواتب والتي تقدر باكثر من (15) تريليون دينار من أصل (28) تريليون دينار مجموع رواتب الموظفين في الدولة العراقية”. ويتابع أن “إجراءات الحكومة في العام 2019 أدت إلى زيادة في حجم الرواتب بحيث ارتفعت من 40 تريليون دينار إلى أكثر من 50 تريليون دينار”، موضحا أن “تخفيض المخصصات والرواتب الكبيرة سيوفر اموالا كبيرة جدا تصل إلى اكثر من (15) تريليون دينار”.

ويضيف أنه “من بين الحلول او الخيارات المطروحة هي تخفيض النفقات التشغيلية وتخفيض الرواتب على مدار ثلاث سنوات من 25% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 12,5 أي يكون التخفيض بحدود 50%”، معتقدا ان “هذا الإجراء سينقذ أجزاء كبيرة من ابناء الشعب العراقي من أزمة التضخم في الأسعار”. ويشير إلى أن “من المقترحات المطروحة ايضا هي زيادة الموارد المالية من غير النفطية كالمنافذ والضرائب المباشرة وغير المباشرة، وتفعيل القطاع العام والخاص والمختلط وتفعيل الصناعة والزراعة ستؤدي لتشغيل الأيدي العاملة وبالتالي ستؤدي إلى زيادة الضرائب”.

ويضيف أن “من ضمن المقترحات التي قدمت للبنك المركزي والتي رفضها هو رفع سعر الصرف” مشيرا إلى أن “هذا الخيار من الخيارات الأخيرة التي قد يلجأ لها البنك المركزي في حال عدم وجود حلول أخرى لمعالجة الأزمة المالية”.

المصدر