عن الصحة وجيشها الأبيض العظيم

418

حمزة مصطفى

لم تكن المواجهة ضد وباء كورونا مجرد معركة، بل كانت حربا عالمية، فهي شملت العالم أجمع، وفتكت بأرواح نحو مليوني إنسان وأصابت أكثر من 88 مليونا، سياسيا واقتصاديا غيرت الكثير من قواعد التعامل العالمي، أسقطت ترامب فهزت الديمقراطية الأميركية، وجاءت ببايدن الذي سيتعين عليه ترميم «البيت

الأميركي».

عراقيا لم نكن بمعزل عن الجائحة، خشينا تداعياتها، لأننا لا نملك منذ عقود نظاما صحيا بمقاييس أنظمة صحية في دول أخرى، من بينها كبريات الدول التي بقيت «تزامط» بما لديها من بنى تحتية في المجال الصحي، سقطت تلك الأنظمة تحت سنابك خيل الجائحة، وانتظرنا أن نسقط نحن بل «نروح بالرجلين» حتى هناك من راهن أن جثث موتانا ستنتشر في الشوارع، بسبب عدم قدرة مشافينا على الاستيعاب، فضلا عن عدم توفير العلاجات

المناسبة.

ولأننا لا نثق في مؤسساتنا فلم نكن نتوقع أن وزارة الصحة عندنا سوف تحشد ملاكاتها من أطباء وممرضين وملاكات صحية وكل ما يندرج تحت مسمى «الجيش الأبيض»، لكي يخوضوا بجدارة الحرب ضد كورونا، حصل ذلك في وقت لم نلتزم نحن المواطنين بأي تعليمات أصدرتها الوزارة، بل وقفنا مع الجائحة ضد الصحة وملاكاتها، فسخرنا من الكمامات، وزدنا من التقارب الاجتماعي، بدلا من التباعد، وحين فرض حظر التجوال ظهر أن سكان العراق البالغ عددهم 38 مليون نسمة يملكون 40 مليون باج يسمح لهم بالتجوال.

الآن بدأت تنحسر عندنا أعداد الإصابات بالوباء، يحصل ذلك في وقت ما زالت فيه تسجل أعلى المعدلات في دول متقدمة في المقدمة، منها الولايات المتحدة الأميركية وربما كل أوروبا. السؤال، لماذا كنا نهاجم وزارة الصحة وملاكاتها حين بلغت الأعداد 5000 يوميا ولا نشيد بها وبدأت نتائج المسحات الموجبة تهبط نحو بضع مئات؟ الإنصاف يقتضي الإشادة بما حققه الجيش الأبيض، فهؤلاء لم يكونوا مجرد مقاتلين على جبهات قتال الجائحة فقط، بل كانوا من أوائل المضحين بالأرواح وبالآلاف، فلقد خسرنا عشرات الأطباء الكبار الذين يصعب تعويضهم إن كان على مستوى التخصصات أو الإمكانيات، كما خسرنا الآلاف من الملاكات الصحية التمريضية والإدارية، ما كان يمكن أن يحصل ذلك لو لم يكونوا جميعا في الخطوط الإمامية.. حرصا وكفاءة وغيرة.

المصدر