دولة الآلهة «مقطع من رواية أبواق إسرافيل»

606

الجزء التاسع والستون

وفى الأسفل ، أعلنت وكالة ناسا على الفور وكذا كلّ وكالات الفضاء العالميّة نجاح رحلة جاك ، وأنّ الثقب قد دُمّر ، وهو أوّل ثقب في تاريخ البشريّة تمّ تدميره .

خرج العالم على بكرة أبيهم للاحتفال واستقبال مرحلة جديدة من مراحل الحياة البشريّة على الأرض ، وقد بدتْ بوادرها بسيطرة أصحاب القوة والنفوذ على كلّ وسائل الإعلام في كلّ بلد لإعلان دستور الأرض الجديد .

الاحتفال ……

خرج الرأسماليون من اليهود وكبار أصحاب النفوذ منهم رافعين أعلام قيام دولة إسرائيل الكبرى ، ومن ورائهم يتبعهم كبار رأسماليّ العالم وكذلك أصحاب النفوذ والقرار من غير اليهود ليعلنوا معًا قيام دولة الآلهة ، كبار آلهتها من اليهود وصغارها من غيرهم .

ولقد أعلنوا أنّ كلّ شعوب العالم أراذل إلّا شعب اليهود لأنّهم الشعب المختار والذي اصطفته دولة الآلهة الجديدة ، وتابعوهم وأقرّوهم الأقوياء من غير اليهود”الجوييم”على ذلك .

أعلنوا قيام دولتهم ، أعلنوها وهم يزأرون ، وهم يعوون ، وهم يحلّقون بأجنحة الصقور ، وهم يزفرون أبخرة السمّ الزعاف .

وما تمكّن اليهود من بسط نفوذهم وسلطانهم وإعلانهم بأنّهم كبار آلهة الكون وأنّ شعبهم هو الشعب الوحيد الذي يجب أن يعيش أسيادًا إلّا بخراب ذمم البشر وكثرة تنازعهم وحروبهم ، ذاك العامل المعنويّ الفتّاك هو الأساس في قيام دولتهم .

كما أنّ المال كان الوسيلة الماديّة التي بها استطاعوا أن ينفذوا قرارهم على باقي الخلق ، المال هو الذي جعلهم كبار الآلهة ، ففي الوقت الذي أهدر فيه اقتصاد العالم في الإنفاق على رحلة جاك وكذلك هذا الهدر الذي ضاع من زلزال الأرض العظيم كانت اليهود تخزّن أسلحتها وتكثّر أموالها ، فكانت سياستهم لها الكلمة العليا في الأرض .

وهكذا منذ أن خلق الله الكون ، كانت وستكون الكلمة العليا لأصحاب المال والقوّة .

ومع ذلك لم يرضَ الحاخامات المتطرّفون منهم بوجود دولة الآلهة إلى جانب دولة إسرائيل الكبرى ، لأنّ ذلك فيه خرْق صريح لنصوص التوراة ، ولا شعب يشارك شعب الله المختار في أيّ متعة من متاع الدنيا ، فأعلنوا اعتراضهم ومناهضتهم لكبار مسئوليّ اليهود وأصحاب القرار منهم ، كما أنّهم معترضون على دولة الآلهة نفسها لأنّهم مؤمنون بالله الواحد الأحد .

بيد أنّ أصحاب القرار قالوا لهم ما المانع أن يكون هناك دولتان تعيشا في سلام .

لكنّهم قابلوا كلامهم بسخريّة واستهزاء ، وظلّوا ينادون بقيام دولة إسرائيل الكبرى ، وأنّ شعبها أسياد وليسوا آلهة ، وكانت الثورة ، ثار الشعب الإسرائيليّ احتجاجًا على مشاركة دولة الآلهة لدولة إسرائيل الكبرى .

والتفّ الجمع منهم ، وتبعهم في ذلك المتطرفون من شعب اليهود ، وساروا متوجّهين إلى الهيكل الذي بنوه على أنقاض المسجد الأقصى منذ عشر سنوات إلّا قليلاً .

ذهبوا هناك في انتظار نزول المسيا الملك ليحقق لهم السيطرة الكاملة على العالم .

أعلنوا بانتهاء معركة هرمجدون وهم الآن ينتظرون المسيح للملحمة الكبرى والتي لا يكون فيها أسياد إلّا اليهود .

وظلّوا هناك في رباط يبتهلون ويصلّون حتى تنزل رحمات الربِّ بنزول المسيا .

كما أعلنوا أنّ الهيكل هو المعبد الوحيد في الأرض .

لم يعبأ كبار الرأسماليين وأصحاب النفوذ بتطرّف حاخامات اليهود ومَن تابعوهم من الشعب اليهوديّ ، فقد اجتمعوا ليعلنوا دستور دولتهم الجديدة من معقلهم الرئيس مصادم الوادي الجديد بعد زحفهم إليه وكان من أهم بنوده .

بعض بنود الدستور الهامة..

1-العالم كلّه عبارة عن دولة واحدة اسمها “دولة الآلهة”آلهتُها من أصحاب النفوذ والمال والقوة.

2-يكون المقرّ الرئيس لدولة الآلهة هو FCC-2 ، منه تصدر أوامرهم ومنه يصنعون قنابل الثقوب السوداء .

3-الآلهة كلّها يجب أن يكونوا على الدوام في اتحاد ومحبّة ، ويجب فضّ أيّ نزاعات تنشب بينهم والعمل على إحلال السلام فيما بينهم على الدوام .

4-ردّ أموال الأغنياء التي أخذها الفقراء طوال إحدى عشر سنة مضتْ في عالم الفضيلة المزعوم ، وعليهم بعد ذلك بتقديم فوائدها ، ثمّ تقديم القرابين لدولة الآلهة الجديدة تزلّفًا إليها لترضى عنهم .

5-تحوّل كلّ المؤسسات التي بنيت في عالم الفضيلة المزعوم إلى أملاك دولة الآلهة الجديدة ، مؤسسات الإرهابيين الذين كانوا يسمّوا أنفسهم الفقراء .

6-القبض على أيّ متهم يثبت ارتكابه للجريمة الكبرى التي لا تُغتفر وهي جريمة الفقر ، القبض عليه وإلقائه في أنفاق تحت الأرض ، ولا يخرج منها أحد إلّا بإذن الآلهة عندما يريدونهم ليبنوا لهم القصور ويأتوا إناثهم ورجالهم الفرش ليمارسوا معهم الزنا واللواط .

7-الجريمة الكبرى الثانية هي الثورة ، وعقابها نفيهم بقنابل الثقوب السوداء.”لم توجد قنابل على الأرض لحظة إعلان الدستور ولا بعده”.

وظلّ حال دستور آلهة الدولة الجديدة ساريًا في الكون ، وكانتْ فزّاعتهم الرئيسة هو ادعائهم بحصولهم على قنابل الثقوب السوداء من المصادم ، وظلّ المتطرفون من الحاخامات مرابطين أمام هيكل الأقصى ينتظرون المسيا الملك ليحقق الملْك الغير منقوص لدولة إسرائيل .

وسامت دولة الآلهة المزعومة شعوبَ العالم كلّه سوء العذاب ، يستبيحون أموالهم ويذبحون رُضعّهم من الذكور ويتمتّعون بفروجهم ويأدون أيّ بوادر تمرّد .

وأقام فقراء الأرض وضعفاؤهم دولتهم في الأنفاق ، هي نفس الأنفاق التي تركوا شعب فلسطين فيها ، وهذا هو المآل الطبعيّ لكلّ من تقاعس عن نصرة الحق هذا فضلاً عن مناصرته للباطل .

وكُتبت عليهم الذّلة والمسكنة ، كثر صراخ المتوجعين ، وتعالتْ صيحات المحبوسين ، وتخالط صراخ رُضّع الإناث من كلِّ أجناس الأرض حتى كان يموت أكثرهنّ جوعًا .

بقلمي : ابراهيم أمين مؤمن

رقم الايداع الدولي : 2 – 49- 6767 -977 /978

رقم الايداع المحلي : 25255 – 2019

تاريخ اصدار الطبعة الأولى : 2019 – 12 – 2

المصدر