دعوات لتطهير مثلث وعر يحرك خلايا داعش في المناطق المحررة

360

بغداد/ تميم الحسن

منذ ثلاث سنوات على الاقل، وماتبقى من تنظيم “داعش” يسكن ويتحرك في “مثلث وعر” الذي يربط عدة محافظات في شمال بغداد، ومنذ ذلك الوقت ايضا، كان “العيساوي” الذي اعلنت القوات الامنية قبل ايام عن مقتله، قائداً لتلك المنطقة.

وبعد التفجيرات الانتحارية الاخيرة التي طالت لاول مرة منذ أكثـر من عام، قلب العاصمة بغداد، حصلت الحملات العسكرية الجديدة، في تلك المناطق على دعم شعبي واسع، بينما هناك شكوك في النتائج المتوقعة على الارض.

وكانت (المدى) قد وصلت عبر حساب العوامل التي يعتقد انها دفعت الى تصاعد الهجمات المسلحة في أطراف المدن ثم في بغداد، الى 15 سبباً على الاقل، تبدأ من الفساد وتنتهي بـ”المصادر المراوغة”. وجردت (المدى) تصريحات لبرلمانيين ومسؤولين محليين ومصادر امنية مطلعة، منذ أواخر 2020 وحتى هجوم صلاح الدين منتصف كانون الثاني الماضي، وكشفت التصريحات عن أخطاء وثغرات امنية وكلف كبيرة لعمليات ملاحقة المسلحين.

إعلان النصر

بعد انتهاء عمليات التحرير الرسمية، نهاية 2017، تقلصت دولة الخلافة المزعومة لـ”داعش” في العراق من مساحة وصلت الى نحو الـ200 الف كم مربع، الى قرابة الـ500 كم متر مربع فقط، لكنها تتواجد فيه بشكل مشتت ومتقطع. احد اهم المناطق التي يتواجد فيها التنظيم هو مايعرف بـ”وادي الشاي”، جنوب كركوك، ويرتبط مع محافظات ديالى وصلاح الدين، وهي اكثر المدن التي مازال داعش يشن فيها هجمات بشكل شبه يومي.

ويقول مسؤول محلي في كركوك لـ(المدى) إن “الوادي يمتد لنحو 100 كم، من كركوك الى العظيم في غربي ديالى، مرورا بصلاح الدين التي تضم الجزء الاكبر منه”، معتبرا إياه “الدولة البديلة المصغرة لداعش”.

بدأ أبو ياسر العيساوي، وهو جبار سلمان علي فرحان هراط العيساوي، الذي قتل نهاية الاسبوع الماضي، بحملة امنية في “الشاي”، باستغلال الموانع الطبيعية في الوادي، ويدير منه ماتبقى من الدولة المحطمة.

ويضيف المسؤول في كركوك الذي طلب عدم نشر اسمه، ان “العيساوي وهو المسؤول عن داعش في العراق بعد اعلان النصر على التنظيم، ارعب اغلب القرى القريبة من الوادي، وكان يقتل ويخطف من يحاول افشاء اسرارهم هناك”.

ويشن تنظيم داعش هجمات متكررة على القرى والمدن النائية والتي هي قريبة من مواقع التحصن الخاصة به، او تلك الواقعة على طرق التهريب التي يستخدمها التنظيم بالتنقل من شمال بغداد الى الصحراء ثم الى سوريا.

وكان سكان هذه المناطق، قد طالبوا الحكومة عدة مرات بالحصول على تسليح خفيف لمواجهة الهجمات، حيث يسكنون على مسافات تبعد على الاقل 5 كليومترات عن اقرب سيطرة امنية، فيما تعارض بعض القوى السياسية فكرة التسليح خوفا من تسرب السلاح الى داعش. ويعتقد المسؤول في كركوك ان “مقتل قيادي في داعش لن ينهي التنظيم، لانه سيضع مسؤولا آخر بدلا عنه”، مشيرا الى ان “الحل بحملة عسكرية واسعة وكسب السكان المحليين”.

في صلاح الدين

وعلى الرغم من تهديدات “داعش” للمدنيين، فان العملية التي اطاحت بـ”رأس داعش” في الوادي كان مصدرها من السكان المحليين في صلاح الدين.

وأعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الخميس الماضي، مقتل والي تنظيم داعش المكنى أبو ياسر العيساوي.

وقال الكاظمي في تغريدة عبر تويتر: “توعدنا عصابات داعش الإرهابية برد مزلزل، وجاء الرد بالقضاء على زعيم عصبة الشر، أو من يطلق على نفسه نائب الخليفة ووالي العراق في تنظيم داعش أبو ياسر العيساوي، في عملية استخبارية نوعية”.

والعيساوي هو من مواليد عام 1982 في منطقة الحصي بقضاء الفلوجة محافظة الأنبار، ومتزوج من أربع نساء، وكان قد شغل منصب والي بغداد وصلاح الدين في التنظيم، بعد مقتل الوالي السابق صعب ناجي داود المكنى “أبو عزوز”.

ويقول احد شيوخ العشائر في صلاح الدين لـ(المدى) ان “سكان قريبين من وادي الشاي هم من ابلغوا القوات الامنية بامكان تواجد القوات، لكن المعلومات ليست جديدة”.

ويوضح الزعيم العشائري الذي قاتل ابناء قبيلته ضد داعش: “منذ سنوات نعرف اماكن تواجد المسلحين في تلك المناطق ودائما نعطي معلومات، لكن المعالجات ليست سريعة”.

ويشتكي الزعيم العشائري، الذي فضل عدم نشر اسمه، من ان “الاجهزة الامنية تكون متعاونة جدا مع المدنيين عندما تحتاجهم، لكنها تتخلى عنهم في وقت الاسترخاء وبعد نهاية العمليات العسكرية وتخسر المصادر”.

ولم يكشف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تفاصيل إضافية عن مقتل العيساوي، لكن تحسين الخفاجي، المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة في الجيش، قال إن “العيساوي قُتل على يد قواتنا الأمنية في وادي الشاي بمحافظة كركوك الواقعة ضمن المنطقة المسماة بـ(مثلث الموت) كركوك وديالى وصلاح الدين”. وأضاف في تصريح متلفز، أن العيساوي “مسؤول عن تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية في العراق، وقد جلب العديد من الانغماسيين في التنظيم”. وأعلن اللواء يحيى رسول، المتحدث باسم القائد العام، مقتل 17 قياديا بتنظيم “داعش”، غير العيساوي، خلال عمليات أمنية وعسكرية نفذتها قوات بلاده بعدة محافظات خلال الفترة بين أيلول الماضي وكانون الثاني الجاري. وأوضح رسول، في بيان تلقته (المدى) أن “من بين القتلى أبو صادق الذي يشغل منصب والي كردستان، وغسان نجم يشغل منصب مسؤول تنظيم داعش في محافظة كركوك، ولائق البياتي السائق الشخصي للعيساوي”.

وكثفت القوات الامنية حملاتها لملاحقة ماتبقى من “داعش” على مدى الأيام القليلة الماضية، عقب التفجير الانتحاري المزدوج، الذي استهدف رواد السوق الشعبي في ساحة الطيران ما أوقع 32 قتيلا و110 جرحى، في هجوم تبناه التنظيم.

بعد تفجير الطيران

لكن علي الغانمي، وهو عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان، اعتبر ان العملية الاخيرة هي “جزء من العمليات المستمرة لملاحقة بقايا تنظيم داعش، وليست ردة فعل على حادث الطيران”.

واضاف عضو لجنة الامن لـ(المدى) ان “المقتولين في وادي الشاي لديهم ارتباط مع الانتحاريين الذين فجروا ساحة الطيران”، بحسب معلومات قال انها وصلت الى اللجنة. وأعلن تنظيم “داعش” عبر وكالة “أعماق” التابعة له، بعد ساعات قليلة من حادث الطيران، مسؤوليته عن الهجوم الانتحاري المزدوج. واكد الغانمي ان “العملية مهمة جدا في انها اعطت رسالة الى داعش بانه تحت مراقبة القوات الامنية”، كما اضاف ان “اهميتها تأتي ايضا من انها نفذت بايدي عراقية بحتة”.

لكن الزعيم العشائري في صلاح الدين والذي يسكن في منطقة قريبة من وادي الشاي، قال ان “طائرات اميركية هي من نفذت الهجوم، ولم تكن هناك قوات على الأرض”.

المصدر