بغداد/ تميم الحسن
للمرة الثالثة يخالف رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي “قاعدة التغليس” في التعامل مع الفصائل المسلحة. وأعلن، امس، اعتقال “عصابة الموت” في البصرة، المسؤولة عن عدة جرائم من بينها استهداف ناشطي التظاهرات.
وسبق ان نصح زعيم حركة العصائب قيس الخزعلي، رئيس الوزراء ــ في احداث اعتقال مسلحين بمنطقة الدورة في الصيف الماضي متهمين بقصف المنطقة الخضراء ــ بـ”التغليس” على ما وصفها حينها بـ”المقاومة”.
وتنتمي المجموعة التي أعلن عن اعتقالها في البصرة، فجر يوم امس، الى احدى الفصائل المسلحة في البلاد، وهي متهمة بتنفيذ نحو 12 جريمة من بينها قتل محافظ سابق، وعدد من الناشطين والصحفيين في المدينة الجنوبية.
ارتدادات اعتقال المجموعة
وبحسب مصادر (المدى) في البصرة ان “احمد ابو رغيف قد وصل الى البصرة صباح امس، بعد ساعات فقط من اعلان الكاظمي اعتقال المجموعة المسلحة”، في اشارة الى احتمال وجود اجراءات جديدة ضد بعض الفصائل واعتقال مسؤولين. وابو رغيف هو رئيس لجنة مكافحة الفساد التي شكلها رئيس الوزراء في ايلول الماضي، وتعتقل الآن المئات من المسؤولين، كما عين ابو رغيف في الشهر الماضي، وكيلا لاستخبارات الداخلية عقب موجة من التغييرات الامنية بعد تفجير ساحة الطيران.
ووفق المصادر القريبة من عمليات البصرة ان “المجموعة تم اعتقالها في شمالي البصرة، مكونة من اكثر من 10 اشخاص، لكن قد تم تهريب اكثر من نصفهم عن طريق حزب سياسي – تحفظ على ذكر اسمه”، الى خارج البلاد من بينهم زعيم المجموعة الذي لم يذكر اسمه ايضا. وبحسب تسريبات ان العصابة تتكون من كل من عقيل هادي وهيب شكري، وهو موظف في شركة نفط البصرة، وحمزة كاظم خضير خالد العيداني ويعمل كمفوض في الشرطة القضائية في البصرة، وخلف أسعد خلف منصور اللامي وهو طالب في كلية القانون جامعة البصرة، وحيدر فاضل عبد جبر الربيعي ويعمل كمدير شركة التطوير الفني للمقاولات. واشارت التسريبات التي وصلت الى (المدى) الى ان المتهمين اعترفوا بانتمائهم الى مجموعة اجرامية خارجة عن القانون يترأسها المتهم الهارب المدعو احمد عبد الكريم ضمد (احمد طويسة وهو قائد العصابة)، ويمتلك اجازة استثمارية في ميناء ام قصر ولديه ثروة طائلة.
كما تضم المجموعة متهمين آخرين هاربين وهم كل من خلف ابو سجاد، سيد علاء الغالبي، وعباس هاشم، وحيدر شمبوصة، واحمد عودة، وبشير الوافي.
قائمة الاتهامات
وتُتهم المجموعة باغتيال مدير التجاوزات في البصرة مكي التميمي في منطقة الحكيمية، واغتيال الناشط مجتبى احمد جاسم الملقب (مجتبى الزاجل) في منطقة الهندية، بالاضافة الى اغتيال جنان ماذي شمخي الملقبة ام جنات (مسؤولة منظمات مجتمع مدني).
كما ان العصابة متهمة باغتيال الصحفيين احمد عبد الصمد وصفاء غالي في منطقة الشمشومية والهجوم على دار محافظ البصرة أسعد العيداني في منطقة مناوي باشا والهجوم على دار وميض العيداني شقيق المحافظ في منطقة التحسينية وضرب دار المدعو حاتم محسن هامل الدراجي مدير شركة النرجس، وهو مقاول معروف في محافظة البصرة.
ايضا المجموعة متهمة بمحاولة اغتيال المقدم مثنى عدنان عبد الكريم، منتسب في مديرية استخبارات البصرة واصيب على اثرها بعدة اطلاقات نارية في جسده، فضلا عن تفجير عبوة ناسفة على دار المقدم مصطفى عباس، المنتسب في استخبارات البصرة واصابته بجروح مع اضرار مادية في داره. كذلك المجموعة متهمة بقتل محافظ البصرة الأسبق محمد مصبح الوائلي، بحسب ما أعلن شقيقه، الذي اكد ان المجموعة التي تم اعتقالها “تضم عناصر تابعين لكتائب حزب الله”، وان الهاربين من العصابة “لجأوا الى مقر هيئة الحشد الشعبي في البصرة”.
وحسب شقيق المحافظ اسماعيل مصبح الوائلي الذي ادلى بتصريحاته لوكالات ومحطات اخبارية عراقية، إن “المنفذين هم اكثر من فرقة، ترتبط مع بعضها مسؤولة عن سلسلة اغتيالات في البصرة”، مضيفا ان “اسماء اخرى توجد ضمن هذه المجموعة”، لم يفصح عنها لدواع امنية.
واكد الوائلي وجود “ضغوط تمارس الآن من قبل كتائب حزب الله، والحرس الثوري لتغيير مجريات التحقيق”.
وفي ايلول 2012، اغتال مسلحون مجهولون محافظ البصرة الأسبق محمد مصبح الوائلي، الذي شغل منصب المحافظ منذ عام 2005 ولغاية عام 2009. وفي مطلع عام 2020، اغتالت جهات مجهولة الإعلامي أحمد عبد الصمد، ومصوره صفاء غالي، اللذين كانا يغطيان احداث القتل التي حدثت في التظاهرات.
ماعلاقة المجموعة بخلايا الكاتيوشا؟
وبحسب مصادر (المدى) المطلعة ان “المجموعة متهمة بابتزاز وضرب شركات النفط الاجنبية في البصرة، واستهداف ارتال الدعم اللوجستي للقوات الاميركية والتحالف الدولي على الطرق السريعة”، وهي جماعات تطرح نفسها كـ”مقاومة شيعية”.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد أعلن فجر الاثنين ان “عصابة الموت التي ارعبت اهلنا في البصرة ونشرت الموت في شوارعها الحبيبة وازهقت ارواحاً زكية، سقطت في قبضة ابطال قواتنا الأمنية تمهيداً لمحاكمة عادلة علنية”. وأضاف في تغريدة على (تويتر) “قتلة جنان ماذي واحمد عبد الصمد في قبضتنا اليوم، وغداً القصاص من قاتلي ريهام والهاشمي وكل المغدورين .. العدالة لن تنام”.
ويعد موقف الكاظمي في التعامل مع الجماعات المسلحة هو الثالث من نوعه، بعد اعتقال وسام الزريجاوي، نهاية العام الماضي، الذي يعتقد بانه مسؤول الصواريخ في عصائب اهل الحق ومتهم بقصف المنطقة الخضراء في بغداد.
وبحسب المصادر المطلعة انه “منذ اعتقال الزريجاوي لم تتعرض المنطقة الخضراء او السفارة الاميركية الى هجمات بالكاتيوشا”.
كذلك كان الكاظمي قد اعتقل في حزيران 2020، 11 عنصرا من كتائب حزب الله في منطقة الدورة جنوبي بغداد، قبل ان يتم اطلاق سراح اغلبهم بعد اقل من اسبوع، وظهروا حينها داخل مقر “امن الحشد” وهم يقومون بإحراق صور الكاظمي. وكان قيس الخزعلي زعيم العصائب قد قال حينها ان “الهدف من حكومتك (في اشارة الى الكاظمي) هو التحضير للانتخابات المبكرة، والعبور بالبلد الى بر الامان بمواجهة الوضع الاقتصادي والصحي”.
واضاف الخزعلي في كلمة متلفزة: “لا تدخل في قضايا أخرى فموضوع معالجة استهداف القوات الاميركية من قبل المقاومة هذا لم يحصل في تاريخ الحكومات العراقية لانها لم تفعل ذلك ومن يريد ان يفعل ذلك لم يكن يستطيع، وكان الجميع (يغلس) عن الموضوع”.
البصرة ساحة لتصفية الحسابات !
الى ذلك قال النائب عن البصرة رامي السكيني ان “التحقيق مع عصابة الموت مازال سريا ولم تترشح اي معلومات رسمية حتى الآن”.
ويخشى السكيني في اتصال مع (المدى) ان “يتم تسويف الامر وافلات المسلحين من العدالة” بسبب تدخلات دولية وسياسية، بحسب وصفه. وكانت (المدى) قد كشفت العام الماضي و2019، عن وجود “قوائم موت” تعدها جهات سياسية لتصفية الناشطين في البصرة والصاقها بـ”الثارات العشائرية” و”جرائم اخلاقية” خصوصا وان القوائم كانت تضم اسماء نساء.
ويصف السكيني وهو نائب عن سائرون، البصرة بانها “ساحة لتصفية الحسابات”. ويضيف “اي جهة تريد ان تقتل اي شخص تستدرجه الى البصرة لتصفيته”.
وينتقد النائب “اهمال الحكومة الاتحادية للمدينة وادارتها بعقلية بعيدة عن عقلية البصرة”، كما قال ان “الادارة المحلية مرتبطة باجندات سياسية في بغداد ولا تعمل لمصلحة المحافظة”.