الموازنة العامة وأسئلة الواقع

431

علي حسن الفواز

حديث الموازنة الاتحادية لعام 2021 يفتح شجونا كبيرة، ويثير اسئلة أكبر، حول ابواب الصرف فيها، وحول قدرتها على احتواء ومعالجة الازمة الاقتصادية، وحول طبيعة الارقام المثيرة للجدل فيها، فضلا عن توضيح ما مُلتبس في مستويات العجز التي تتجاوز 58 ترليون دينار عراقي.. وبقطع النظر عن ضخامة هذه الموازنة، ومدى امكانية التصويت عليها في مجلس النواب، فإن مايثار حول تخصيصاتها لهذا الجانب أو ذاك يستدعي تأطيرا عقلانيا يستوعب مشكلات الواقع، مثلما يستدعي شفافية وشجاعة في التوصيف والتوضيح. فنحن لا نريد ان تكون لعبة الارقام خادعة، ولا نريد للعجز أن يظل شماعة لصناعة المزيد من الازمات، ولا حتى القبول بتأسيس افتراضي على “سعر النفط” المتذبذب بوصفه المرجعية الوحيدة لتحديد طبيعة الموازنة وحالات العجز التي قد تزداد أو قد تقل.. التضخيم التشغيلي قد يكون أبرز العناوين الاشكالية في الموازنة، وهو مايعني- تحليليا- وجود أزمة بنيوية في الواقع، وفي بنية الاقتصاد ذاته، لاسيما أن تهميش الجانب الاستثماري أو حتى محدوديته سيصنع مأزقا مستقبليا، قد تعاني منه الاجيال العراقية الجديدة، وسيُكرّس تقاليد عمل نمطية تتضخم فيها الوظيفة الحكومية، مقابل تعطيل أي أفق للقطاع الخاص ودعمه، وبرامج التنمية التي يمكن للاستثمار ان يلعب دورا حيويا في تغيير معادلاتها. مراجعة الموازنة برلمانياً يمكن أن تقود الى مشكلة سياسية بين الفرقاء، وسيكون الوقت محدودا فالكثير يعرفون صعوبة عزل الموازنة عن الارادات السياسية، وأن المراجعة والتدقيق وترحيل ابواب صرف هناك وهناك ستكون مدخلا لتلك الأزمة، فضلا عن الوقت الذي قد ينعكس على اقرار الموازنة، وعلى اهميتها في تحريك الحياة الاقتصادية، وفي دعم برامج ومشاريع الورقة البيضاء التي طرحها رئيس الوزراء. الحاجة الى الصراحة ستكون مدعاة لانضاج وتسريع المراجعة، وبالاتجاه الذي يجعل من الموازنة أمرا واقعيا، مثلما سيجعل من مراجعتها شأنا وطنيا يحمل معه مسؤوليات المشاركة، ومراعاة الزمن الاقتصادي واهميته في معالجة مشكلات الاقتصاد، وانضاج مشاريع التنمية على اسس علمية وصحيحة، وعلى وفق حوكمة عملياتية تقطع الطريق على الفساد، والهدر بالمال العام، وتعطي لقانون لموازنة بعدا وطنيا يعزز مشاريع بناء الدولة ومؤسساتها..المصدر