العواقب المدمرة لمهادنة السياسيين والإعلاميين لحكومة الكاظمي

184

كاظم حبيب
العواقب المدمرة لمهادنة السياسيين والإعلاميين لحكومة الكاظمي
لا يكفي فضح الميلشيات الطائفية الولائية المسلحة وكل الميلشيات الأخرى بما تمارسه من أعمال مناهضة للدستور العراقي وللوائح الدولية لحقوق الإنسان، بل حتى للشرائع التي تدعي هذه الميليشيات زيفاً الإيمان بها، كما لا يكفي فضح تلك الميليشيات والقيادات المسيطرة على الحشد الشعبي التي تمارس نفس الإعمال الإجرامية بحق الشعب. ولا يكفي كذلك فضح تلك القوى في أجهزة الأمن الداخلي أو القوات المسلحة المتواطئة مع الدولة العميقة وأجهزتها الفاعلة في العراق، بل لا بد وفي كل الأحوال إدانة الحكومة العراقية التي تعمل تلك الأجهزة تحت إدارتها ومسؤوليتها ودورها المطلوب في حماية المواطنات والمواطنين من الأفعال الإجرامية لتلك القوى المعادية للشعب والوطن. كما لا بد من فضح وإدانة فعلية لرئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة، الذي من أولى مسؤولياته حماية الشعب وحقوق الأساسية من الإساءة إليها من أي جهة جاءت أو شخص حصلت تلك الإساءة، ومنها الحق في الاحتجاج والتجمع والتظاهر وتوجيه النقد والتعبير عن الرأي دون أن يتعرض لأي مساءلة أو عقاب من الدولة أو من أي جهة أخرى رسمية أو غير رسمية. ولكن ماذا يحصل في العراق ولِما هذا السكوت من جانب الحكومة ورئيسها والقائد العام للقوات المسلحة عما يحصل في العراق يومياً؟ لِماذا لا تنشر نتائج تحقيقات اللجان التي شكلها رئيس الوزراء ودوخنا بها يومياً دون أن نقرأ شيئاً عنها؟ لماذا لا تطلق حرية المختطفين والمعتقلين في سجون الحشد الشعبي من مدنيين وديمقراطيين وانتفاضيين؟ لماذا الهجوم على حياة ومعيشة الكادحين والفقراء والمعوزين ويترك السراق والحرامية والفاسدين يسرحون ويمرحون ويمارسون دورهم في سلطات الدولة وأجهزتها المختلفة والحساسة؟ لماذا.. لماذا.. لماذا؟ أين توفيق التميمي، أين مازن لطيف، أين الذين اختطفوا ولا نسمع عنهم شيئاً حتى الإعلام سكت عن ذكر أسمائهم؟ لماذا..؟
أسئلة تدور في بالي وأنا أتابع الصحافة وأجهزة الإعلام العراقية في الداخل والخارج، لاسيما الديمقراطية منها، فبعضها بدأ بمهادنة رئيس الحكومة بوضوح كبير وبعضها بدأ ينتقد الحواشي لا غير، في حين أن يترك المسؤول الأول عما يجري في العراق، يترك رئيس الحكومة ومن معه في الحكومة دون أن يذكره أو يشير إلى دوره في كل ما يحصل. لنرى ماذا حصل في هولندا حين ارتكب بعض المسؤولين خطأ كبيراً بحق أطفال العائلات الهولندية. جاء في خبر لدويتشة فيلة ما يلي: “أعلن مارك روته في مؤتمر صحافي استقالة الحكومة، والتي تأتي قبل شهرين من الانتخابات التشريعية وفي خضم أزمة صحية .وكانت آلاف العائلات اتهمت خطأ بالحصول على مساعدات اجتماعية عبر الاحتيال وأجبرت على إعادتها، ما أغرق عدداً كبيراً منها في مشكلات مالية خطيرة. كما واجه العديد منهم تمييزاً عرقياً استناداً إلى ازدواج الجنسية.”. (أنظر: استقلالية الحكومة الهولندية بسبب “فضيحة إعانات الأطفال”، دويتشة فيلة، 15/01/2021.) استقال رئيس الوزراء الهولندي لأنه يحترم نفسه ويحترم شعبه ويحترم أولئك الذين تضرروا من جراء ذلك الفعل الخاطئ. وقد ساهمت الصحافة والإعلام الهولندي في كشف هذا الخطأ. ولكن ماذا يحصل في العراق ويومياً يقتل أو يختطف عراقي من قبل قوى الدولة العميقة وربما بالتعاون والتواطؤ مع بعض الأجهزة الأمنية، وربما بمساومة أكبر بين الميليشيات الشيعية المسلحة، ومنها سرايا السلام، مع الكاظمي بضرب قوى الانتفاضة ووأد الحركة كلية ليخلو لها الجو في ممارسة ما تشاء من سياسات. في البلاد.
على الصحافة والإعلام الديمقراطي أن ينتبه، فالناس في العراق تمتلك عيونا مفتوحة، بل “مفتحة باللبن، و”تقرأ الممحي والمكتوب”، كما يقول المثل العراقي، وتراقب تلك الصحف التي بدأت تسكت عن رئيس الحكومة، رغم معرفتها بمسؤوليته الأولى عما يحصل في البلاد. لا يكفي أن نشن حملة على الأجهزة وقوى الدولة العميقة المنفذة للجرائم على أهميته فحسب، بل وبالأساس أن تكون الحملة على المسؤول الأول الذي يعطي الأوامر، وعلى أولئك الذين يسكتون عما يجري في البلاد وما يرتكب من جرائم بحق الشعب والوطن. الفساد يملأ البلاد، إضافة إلى إرهاب الناس، وهما وجهان لعملة واحدة في نظام طائفي محاصصي فاسد ومقيت ومكروه من الشعب. لا تنفع أحد مهادنة مسؤولي النظام والاحتفاء بهم، بل لا بد من فضح ما يجري في البلاد لصالح الشعب والوطن. هذا ما يتوقع الشعب من سياسيين ديمقراطيين وتقدميين ومن إعلاميين أقسموا في ان يقفوا إلى جانب الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية…

المصدر