انتقلت عمليات “حصر السلاح” الى محافظة جديدة، فيما قرر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فتح تحقيق باستهداف مطار بغداد الدولي من قبل “جماعات الكاتيوشا”.
وميسان هي المحافظة الثالثة بعد بغداد والبصرة، التي تنفذ فيها عمليات ملاحقة “السلاح المنفلت”، حيث شهدت المدينة في الاشهر الماضية، حالات اغتيالات لناشطين.
ومنذ صباح امس، باشرت قطعات فرقة الرد السريع، التابعة لوزارة الداخلية، بتفتيش قضاء المجر في محافظة ميسان لـ”فرض القانون”.
وذكر بيان للفرقة، امس، أن “اللواء الاول واللواء الرابع وفوج الاستطلاع والمهمات الخاصة باشروا صباحا بتفتيش قضاء المجر في محافظة ميسان لفرض القانون ونزع السلاح غير المرخص وحصره بيد الدولة”.
وكانت قيادة العمليات المشتركة، قد اعلنت السبت الماضي، ان العمليات الامنية التي انطلقت في بغداد والبصرة حققت نتائجها، فيما أكدت أنها ستفرض القانون في جميع المحافظات التي تشهد انفلاتًا امنيًا بسبب السلاح غير المنضبط. وبحسب مسؤولين، فانه قد يكون من الصعب على الحكومة السيطرة على “السلاح المنفلت” الذي يقع خارج سيطرة الدولة، فيما لو استمر تدفقه من الخارج.
استمرار تدفق السلاح من الخارج هو عنصر جديد انكشف مع بدء القيادة العسكرية بعمليات “حصر السلاح”، حيث تجري تجارة واسعة، خاصة في الجنوب، لتهريب السلاح الى يد جهات مسلحة وعشائر.
وتضاف هذه المشكلة الى المشاكل القائمة، في امتناع عدد من الفصائل والاحزاب التي تملك اذرع مسلحة، التخلي عن السلاح.
مشكلة الحدود
وميسان تشبه البصرة، حيث ترتبط حدوديا مع ايران، وهي من اكبر المصادر التي يعتقد بانها تورد السلاح المهرب الى العراق.
مصدر مطلع في ميسان يقول لـ(المدى): “السلاح مخلوط مع المخدرات في ميسان، وهناك حرب بين فصائل وحلفائها من العشائر على تلك التجارة”. وتثير الامتيازات المتأتية من حركة البضائع عبر منفذ الشيب مع ايران، صراعًا دائمًا بين الجهات العشائرية والحزبية التي تسيطر على المعبر الحدودي الواقع ضمن حدود ميسان. وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، قد اكد قبل اكثر من شهر، انه لن يتهاون في سرقة المال العام، وأكد ايضا تصميمه على ضبط المنافذ الحدودية. وشرعت قيادة العمليات المشتركة بتخصيص قوات أمنية تنتشر عند جميع المنافذ مع ايران ويكون حجمها بحسب طبيعة كل منفذ، وفق بيانات سابقة.
وأوضح البيان نهاية تموز الماضي، أن “10 منافذ برية و4 بحرية أصبحت حاليًا بحماية القوات الأمنية المخولة بجميع الصلاحيات القانونية، لمحاسبة أي حالة تجاوز ومن أي جهة أتت”.
وعادة ما تندلع اشتباكات مسلحة بين عشائر ووكلاء السلاح وهم اشخاص تابعين للجماعات المسلحة، تستخدم فيها اسلحة ثقيلة وتستمر لعدة ايام، على خلفية صراع للسيطرة على منفذ الشيب. ويؤدي ذلك الصراع في الغالب الى توقف المنفذ بين حين وآخر كإجراء تلجأ إليه السلطات المحلية لمنع المواجهات، لكن ذلك أدى الى تراجع إيرادات الممر الحدودي بشكل كبير. ويقدر المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، ان دخل الفرد الواحد من تلك الجماعات “نحو 100 الف دولار يوميا بسبب اعمال السيطرة على المنفذ، وعلى محطات النفط والمرائب ايضا في المحافظة”.
وتصل إيرادات منفذ الشيب، بحسب بعض التقديرات الى 4 مليارات دينار شهريا في حال عمل بأقصى طاقته.
الى ذلك يقول عامر نصر الله، وهو عضو في مجلس محافظة ميسان المنحل لـ(المدى) ان “عشائر وافراد وبعض الجماعات المسلحة التابعة لاحزاب، تمتلك اسلحة ثقيلة ومتوسطة في ميسان”. وكانت 4 أفواج عسكرية وصلت نهاية 2017، الى ميسان لملاحقة تجار الاسلحة والمخدرات، ونزع الاسلحة الثقيلة، واعتقلت حينها نحو 40 مطلوبا.
ويضيف نصر الله: “نحتاج الى اجراءات صارمة، واوامر بالحبس لكل من يحمل السلاح، والا السلاح سيبقى منتشرا”. وبحسب مصادر في ميسان، فان الكثير من اوامر الاعتقال التي تصدر ضد “حاملي السلاح” لا تنفذ بسبب الارتباطات العشائرية، و”انتقام الفصائل المسلحة”. ووفق المصدر، ان القوات الامنية – حتى نهار امس- “صادرت نحو 40 قطعة سلاح في ميسان”.
اغتيالات وكاتيوشا
ويستخدم “السلاح المنفلت” في البلاد، بحسب المصادر، في إدامة النزاعات العشائرية وبسط النفوذ، وكذلك في استهداف المنشآت الحيوية والمعسكرات وعمليات الاغتيال.
وشهدت ميسان اثناء احتجاج تشرين، مقتل نحو 30 متظاهرًا واصابة اكثر من 200 آخرين في مصادمات مع القوات الامنية.
وقتل مسلحون مجهولون في آذار الماضي، الناشطين في احتجاجات ميسان عبد القدوس قاسم، والمحامي كرار عادل. وفي الشهر نفسه نجا منسق الاعتصام الطلابي في ميسان رضا العقيلي من محاولة اغتيال، بعد ان تعرضت سيارته إلى إطلاق نار بسبع رصاصات.
ويتهم ناشطون “مليشيات” و”جماعات الكاتيوشا” بتنفيذ تلك الحوادث، حيث فتحت العمليات المشتركة تحقيقًا لتحديد الجهة المقصرة بخصوص احدث هجوم لتلك الجماعات على مطار بغداد. وكانت ثلاثة صواريخ “كاتيوشا” سقطت مساء الاحد، على مطار بغداد الدولي، أحدها سقط على مرآب للعجلات في المطار المدني، مما أدى إلى تضرر 4 عجلات مدنية للمواطنين.
وبحسب بيان حكومي، ان انطلاق تلك الصواريخ “كان مِن منطقة الزيتون في قضاء أبي غريب غربي بغداد”.
وعقب الهجوم، قالت خلية الاعلام الامني في بيان امس إنه “بتوجيه مِن رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة فتحت قيادة العمليات المشتركة تحقيقا لتحديد الجهة المقصرة بخصوص إطلاق صواريخ الكاتيوشا على مطار بغداد الدولي”.