التسيب والإهمال واللامبالاة سمة حزبي الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني في العمل التنظيمي؟

36

محمد مندلاوي

كي لا يخلط القارئ الكريم الأمور في بعضها، أرجو أن يلاحظ الجزئية المحددة التي جاءت في نهاية عنوان المقال أعلاه، إلا وهي: العمل التنظيمي. أي: إن نقدي للحزبين المذكورين محصور في هذا المضمار، ومحدد عن نشاطهما الحزبي (التنظيمي) في أوساط الشعب الكوردي، الذي هو دون المستوى المطلوب،لأننا نراقب، ونسمع جيداً جهل وسذاجة أعضاء الحزبين المشار لهما، حيث نشاهد ونقرأ في وسائل الإعلام أو من خلال الكتابات التي تنشر هنا وهناك أن مستواهم الثقافي، ونضوجهم السياسي ليس بالمستوى المطلوب، لأنهما – الحزبان- لم يغرسا في فكر أعضائهما المفردات السياسية التي تنمي الوعي القومي الكوردي، أضف أنهما لم يلقناهم حقيقة الانتماء الوطني الكوردستاني على أصوله الصحيحة والسليمة كما يجب، وهذا ما لا يبشر بالخير، ولا يسر الكورد الذين ينتظرون بفارغ الصبر من الأحزاب الكوردستانية المنضوية تحت راية الحركة التحررية الكوردية تحرير الشعب الكوردي من نير الاحتلال البغيض وتأسيس دولته الوطنية أسوة بدول العالم. كي لا أظلم الحزبين، إن هذا الداء القاتل موجود في كل الأحزاب والمنظمات الكوردية بكل عناوينها،إلا إننا ركزنا على هذين الحزبين لأنهما صاحبي القرار في إقليم جنوب كوردستان.

عزيزي المتابع، بلا أدنى شك أنك تعرف جيداً، لا توجد فتاة إسلامية ترتدي المايوه – الثوب المخصص للسباحة- على سواحل البحار، ولا تشاهدها ترقص مع الرجال في الملاهي الليلية – ديسكو- ولا تشرب الخمر في البارات أو في غير البارات، ولا تخرج سافرة إلى الشارع والمناطق العامة، لأن لها زيها الإسلامي الخاص، وتؤدي وتلتزم ما تفرضها عليها عقيدتها بأوقاتها المحددة الخ. وهكذا تجد الرجل الإسلامي وليس المسلم، كي لا يقع بالمحذور العقدي يلتزم بكل الأوامر والنواهي الشرعية – افعل ولا تفعل- التي تفرضها عليه العقيدة الإسلامية.

لكن، بالمقابل، تجد الكوردي الذي ينتمي لحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يقول في منهاجه و نظامه الداخلي: أنه حزب ينتمي للمجموعة الدولية التي تتبنى الاشتراكية الديمقراطية، ويضيف: أنه حزب “سيكولار= Secular”. أي: علماني، لا ديني، دنيوي غير الأخروي؟ لكنك تجد أعضائه في تصرفاتهم وأقوالهم أناس إسلاميون أكثر من أي إسلامي حقيقي!!، حيث تجد الكثير من عضوات الحزب المذكور، لكي أكون دقيقاً وهكذا حزب البارتي أيضاً تجد عضواته يرتدين الحجاب الإسلامي!، ويؤدين الفرائض الإسلامية!، وعندما تستمع إلى أحاديثهن يتشبهن بأية امرأة إسلامية ملتزمة دينياً ومذهبياً!!. وكذلك تجد أعضاء هذين الحزبين من الذكور، يقومون بأداء الفرائض الإسلامية كالصوم والصلاة ودفع

الخمس والزكاة وأداء الحج وبعضهم تجد في جبهته أثر السجود “الزبيبة” الخ. كي لا يفهم القارئ كلامي خطأ عن هذا المشهد السياسي المرتبك في كوردستان بامتياز، أقول التالي: أنا لست ضد أي دين أو عقيدة، لكني أتعجب من أقوال وأفعال شخص أو حزب يُعرف نفسه كحامل لفكر دنيوي محدد، لكن سلوكه وأقواله ميتافيزيقية بحتة، وذلك بخلاف الفكر الذي أعلن ويعلن عنه بأنه معتنقه؟؟!!، أعني بكلامي، إن الحزبين المذكورين، يزعمان أنهما حزبان علمانيان توجد بينهما وبين الآخر؟ مميزات وفوارق فكرية كبيرة وكثيرة،لا تربطهما معه مشتركات فكرية، لأنهما – الحزبان- تأسسا وفق مبادئ سياسية دنيوية معروفة، بينما الآخر، لديه عقيدة مقدسة يعمل وفقها ولا يسمح المساس بها، أو الخروج على محدداتها، افعل ولا تفعل. لكننا نجد أفعال وأقوال أعضاء الحزبين المذكورين كأفعال وأقوال أي شخص منتمي لأي حزب ديني؟؟!!. وفيما يتعلق بالبارتي تحديداً، دعني عزيزي القارئ، أن أضع أمامك نموذجاً أعرف تفاصيله حق المعرفة، لقد قدم شخص مسيحي من بلد ما وطلب يد كريمة أحد كوادره، قال له الكادر المبجل: لا أزوجك ابنتي قبل أن تعلن إسلامك!!!. هل حقاً هذا شخص علماني وينتمي لحزب علماني!!!، هل هو فاهم ودارك شيء من العلمانية!!!هل بهذه العقلية الازدواجية المتناقضة يريد أن يخدم القضية الكوردية!!!. هناك كادر آخر في ذات الحزب، في أيام العاشوراء يرتدي اللباس الأسود كرمز للحزن على إمام الحسين، ويطبخ الأكل ويوزعها على مشاية إمام الحسين؟؟ أنا لا أقول أن هذا العمل خطأ، لكن المنتمي لحزب علماني لا يقوم بمثل هذه الأعمال، لأنه قبل لنفسه أن يكون عضواً في حزب غير ديني، ولا يشجع على اهتمام بالغيبيات. وعلى مستوى الفن والأدب، تجد أن أدوات القوة الناعمة العربية والتركية والإيرانية قد فعلت فعلتها وأثرت فيهم ما فيه الكفاية، ليس يستمعون لأعمالهم التي تمسخ العقول فقط، بل ينشرونها في صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، ويزوقونها للقارئ أو المستمع الكوردي الضحية!!!، وحين تحاول أن تشرح لهم، أن ما يقومون به جريمة بحق الشعب والوطن، ويجب أن يوقفوا عنه، لأن ما يقومون به هو عمل دعائي ضد الكورد لصالح محتلي كوردستان لأنه يشوه المنظومة الفكرية القومية، والوطنية الكوردية لديه، لكن بما أنهم ممسوخون ولا يوجد في حزبيهما لجان الضبط والربط كي تحاسبهم وتتابع مستواهم الفكري والثقافي سرعان ما يثورون عليك ويعتبروك عنصري ويابس وشوفيني الخ. عزيزي القارئ، لقد تجاوز هذا حدود الصمت؟. على أية حال، بعد تحرير العراق على يد الجيش الأمريكي، وتسليمه السلطة السياسية للأشياع – جماعة إيران- وقعت غالبية الكورد الشيعة تحت تأثير إعلام المنابر الحسينية، وأصبح انتمائهم المذهبي الطائفي الشيعي أقوى ألف مرة من انتمائهم القومي الكوردي والوطني الكوردستاني، وينطبق عليهم المثل الشائع: كالقط يحب خناقه. يا ترى أين الحزبين المذكورين من هذه الآفة القاتلة التي تسمى القوة الناعمة، التي تفتك بعقول أعضائهما وتستحوذ عليهم وتسيرهم إلى مربع الخيانة، وتجعلهم مرتزقة لها بمحض إرادتهم ودون إكراه؟؟!!. عزيزي المتابع، لولا تأثير القوة الناعمة لا يظهر شخص كوردي في الانتخابات عام 2005 على شاشة التلفزيون يقول بصوت عالي ودون خجل: أنا عضو في الاتحاد الوطني الكوردستاني وهذه هويتي، لكني منحت صوتي لأياد علاوي؟؟!! بالإضافة إلى تأثير القوة الناعمة السلبية، أن الحزب، أو الأصح الحزبين المذكورين، بسبب الجهل المركب الذي تتمتع به قيادتيهما تاركين أعضائهما لقمة سائغة للقوى المعادية كي تلتهمهم باسم الدين والمذهب، التي في حقيقتها وجوهرها لا علاقة لها بالدين والمذهب، بل أنها جهات سياسية لها أجندات إيديولوجية تختبئ رجالها تحت الزي الإسلامي؟ والمسميات الإسلامية التي تذيل أسمائها بها؟، لكنها كما أسلفت لها أجندات عقدية وقومية عنصرية محضة، وتتخذ من الدين والمذهب أداة لكي تحكم بها على رقاب الآخرين، ومثل هؤلاء… لا تستطيع إلا أن تكرههم وتنبذهم.

وفي الختام، أود أن أقول للحزبين المذكورين، أن كنتما تريدان أن تخدمان الشعب الكوردي الجريح والوصول به إلى النور الذي في نهاية النفق، يجب أن تقبلا برحابة صدر بأن الانتقاد حالة صحية من أجل تصحيح المسار.

شكراً على القراءة

04 11 2020

المصدر