ابنة الطاغية

167

كم هي محظوظة تلك الأحزاب المسيطرة على المشهد السياسي ( والأمني ) في العراق ، فبعد أن وصل غضب الناس من أدائهم السياسي والخدمي حداً صار معه من غير المنطقي أن يظهروا ، بعد اي انتخابات تجري بالحد الأدنى من المقبولية من حيث نزاهتها ، أن يظهروا ليعلنوا عن فوزهم وتصدرهم للمشهد مرة أخرى ، حتى وإن استعرضوا الآلاف من أتباعهم مدنيين او عسكريين في شوارع بغداد ، أقول كم هم محظوظون عندما يتم ،وبشكل مفاجئ ، بث حلقات عدة على قناة العربية السعودية تظهر فيها ابنة الطاغية رغد صدام حسين لتعلن ، من الاْردن، انها من المحتمل أن (تعود) للعمل السياسي في العراق .

رغم أن ما ظهر من سلسلة اللقاءات حتى الآن كان بائساً جداً ، من خلال الأسئلة الساذجة والإجابات المملة وغير المقنعة ، من مثل هل كان ابوك غاضباً من زوجك بعد خيانته وهروبه؟ وهل غضبتي لإعدام زوجك؟ واجابات من مثل ابي لم يكن يحب الحروب ، وكان ودوداً ، وكنا اسياد البلد ، وغيرها مما يثير القئ عند الاستماع اليه.رغم ذلك وجدت الأحزاب الحاكمة الآن في هذه اللقاءات ، خاصة والانتخابات على الأبواب ، فرصة لتذكير العراقيين بجرائم النظام السابق ورغبة بقاياه بالعودة للسلطة ، ولتوصل رسالة بائسة للشعب العراقي أن البديل عن احزاب الفساد والفشل هو عودة مجرمي النظام السابق والحصار والحروب والتنكيل ، ولهم أن يختاروا ، حيث لا خيار أخر لهم ، حتى صارت الأقلام القريبة من هذه الأحزاب والقوى هي اكثر المحتفين والمهتمين بلقاءات رغد البائسة على صفحات مواقع التواصل والفضائيات.

ولكني ،من جانب آخر ، أسأل هل سيحاول مذيع القناة السعودية ، في باقي حلقاته المسلسلة مع رغد صدام ، وهي التي خرجت فجأة من ركام النسيان ، وبشكل جديد (new look )وقد تخلت عن معطفها الأبيض حول رأسها الذي ارتدته بعد الخلع والسقوط ، وبعمليات تجميل واضحة ، وبإعلانات مكثفة تسبق اللقاء ، هل سيحاول أن يسألها مثلاً:
ماذا كان شعورك عندما اعلن ابوك ، دون مقدمات ، احتلال مدينة (الخفجي) السعودية ، وأعلن وقتها أنها البداية ل( تحرير ) كامل الجزيرة العربية من الخونة والعملاء؟
ماذا كانت ردة فعلك عندما قلد صدام ملك السعودية وسام الرافدين من الدرجة الاولى في الثمانينات ، وأجبر الآلاف من طلاب المدارس بالتصفيق له من المطار حتى القصر ،وأهداه بندقية مصنوعة من الذهب ، ثم سماه (خائن الحرمين الشريفين) في التسعينيات بدل من خادم الحرمين كما يلقب نفسه؟ (خادم الحرمين الشريفين ، بالمناسبة، لقب كان يطلقه السلاطين العثمانيين على أنفسهم رغم أنهم تاريخياً وطوال عمر الخلافة العثمانية ، لم يؤد اي احد منهم مناسك الحج او العمرة على الإطلاق).
ماذا كان شعورك عندما كان تلفزيون صدام يبث حلقات يومية اسمها ( الملف ) يقدمها المخرج المعروف فيصل الياسري ويلتقي فيها الإعلامي وأستاذ التاريخ في جامعة بغداد محمد مظفر الادهمي ، ليُظهر ( وثائق) توكد أصول العائلة الحاكمة في السعودية اليهودية وأن جد عبدالعزيز آل سعود الخامس او السادس اسمه موشي؟
ولماذا لم تجدي انت او اخوتك او حتى والدك الطاغية بيتاً واحداً في طول العراق وعرضه ، لتختبئوا فيه ، بدل الهروب الى سوريا ومنها الى الاْردن وقطر ، او اللجوء الى حفرة ذليلة في قضاء الدور؟.

عبدالأمير الخاقاني

المصدر