وثائق كنعوص تكشف خطوط الإمداد: جواسيس هرّبوا قيادات من الجزيرة قبل اقتحامها

بغداد/ تميم الحسن

تصاعدت هجمات داعش في المدن المحررة، تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى لمقتل زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي.

وفي 27 تشرين الاول 2019، قتل البغدادي بغارة اميركية على شمالي سوريا، بعد سنوات من اختفائه عن الأنظار. ومنذ بداية الأسبوع الحالي، شهدت 5 محافظات كانت تحت سيطرة التنظيم، اكثر من 10 هجمات، تسببت بمقتل واصابة 15 شخصا بين مدني وعسكري. ونفذت تلك الهجمات، بواسطة عبوات ناسفة وهاونات بالاضافة الى رصاص القناصة، كما جرت حوادث خطف لمدنيين. وقال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في ذكرى مقتل زعيم التنظيم، إن تنظيم داعش “لا يزال يشكل تهديدا”، فيما سيواصل التحالف الدولي عمله لهزيمته. وكتب بومبيو على تويتر، قائلا: “اليوم مر عام على إطلاق الولايات المتحدة عملية أسقطت زعيم داعش أبو بكر البغدادي.

على الرغم من هذا الإنجاز البارز لا يزال داعش يشكل تهديدا وسنواصل العمل مع التحالف الدولي لضمان هزيمته بشكل دائم”.

ويعتقد مصدر امني ان “داعش قد يصعد من هجماته أكثر خلال هذه الفترة”، وفقا لاسلوب التنظيم الذي يستغل مثل تلك المناسبات لضرب استقرار المدن. وظل البغدادي لفترة طويلة هدفا للقوات الأميركية وقوات أمنية أخرى في المنطقة تحاول القضاء على تنظيم داعش حتى بعد استعادة معظم الأراضي التي سيطر عليها التنظيم. وذاع صيت “الدولة الإسلامية” أو دولة الخلافة التي أعلنها البغدادي في حزيران 2014 بعد سيطرتها على نحو ثلث مساحة العراق، وجزء من الأراضي السورية.

وأدت ضربات جوية أميركية إلى مقتل معظم قيادات البغدادي بما في ذلك أبو عمر الشيشاني وأبو مسلم التركماني وأبو علي الأنباري وأبو سياف وكذلك أبو محمد العدناني المتحدث باسم التنظيم.

بعد غزوة الاستنزاف

ويقول المصدر الامني لـ(المدى) انه “منذ بداية الاسبوع الحالي بدأت تتصاعد الهجمات بشكل تدريجي، حيث نفذ التنظيم 12 هجوما في ديالى، الانبار، صلاح الدين، الموصل، وكركوك”. وكان خليفة البغدادي، والذي يتوقع بحسب بعض التقارير انه ابو ابراهيم القريشي، قد اعاد بعد تسلمه المنصب، هيكلة التنظيم والغى عددا من الولايات.

ولا يستبعد المصدر أن تكون هناك خطة جديدة للتنظيم في توسيع الهجمات، خصوصا وان “داعش” كان قد نفذ في الاشهر الماضية، ما أسماه “غزوات استنزاف” ضد القوات الامنية.

وعثرت القوات الامنية، مؤخرا، على “وثائق مهمة” في عملية اقتحام جزيرة كنعوص، جنوب الموصل، بعد عدة حملات فاشلة للسيطرة على المنطقة.

واعلنت العمليات المشتركة، الاثنين، عن قوات الفرقتين 16 و20 في قيادة عمليات نينوى والقوات الخاصة، من تطهير جزيرة كنعوص بشكل كامل وازالت التهديد عن المناطق المجاورة لها”. ووفق مسؤول محلي في نينوى لـ(المدى) ان “الوثائق التي عثر عليها تكشف عن أسماء متعاونين مع الدواعش المتواجدين في الجزيرة”.

ويسيطر التنظيم على “كنعوص” منذ 6 سنوات، فيما كان طيران التحالف قد أسقط 36 ألف كيلوغرام من الصواريخ على الجزيرة منذ عمليات ‏التحرير نينوى التي بدأت عام 2016.‏

زوجات في “كنعوص”!

ويضيف المسؤول المحلي الذي طلب عدم نشر اسمه إن الوثائق “تظهر سجل الزيارات من مناطق مختلفة الى الجزيرة، من بينهم زوجات التنظيم المتواجدين في كنعوص، واسماء ممولين وطرق نقل الاكل والمساعدات”.

ونشر التحالف الدولي في أيلول العام الماضي، شريط فيديو على تويتر يوثق الغارات ‏الجوية وكمية القنابل التي أسقطت على المنطقة باستخدام مقاتلات ‏F-15‎‏ وF-35‎‏ تابعة ‏للتحالف بقيادة الولايات المتحدة.‏

وألقت مقاتلات أميركية أكثر من 80 ألف رطل أو ما يعادل 36 ألف كغم من القنابل الموجهة ‏بأشعة الليزر على “الجزيرة الموبوءة” بحسب تسمية التحالف للمنطقة في ذلك الوقت.‏

آنذاك نفذت تلك الضربات ضمن عملية أطلقتها قوات مكافحة الإرهاب بالتنسيق مع ‏التحالف الدولي سميت بـ”التراب الأسود” بهدف ملاحقة مسلحي داعش في كنعوص.‏

وتعتبر “كنعوص” ملجأ لعناصر داعش الذين يتسللون من سوريا ‏باتجاه الاراضي العراقية، فيما تستخدم الزوجات والممولين “قوارب بدائية” للوصول الى الجزيرة.

وكانت القوات العراقية قد استمرت لعدة ايام بإنشاء جسور اصطناعية للوصول الى “كنعوص” لأول مرة منذ عمليات التحرير الى داخل الجزيرة.

لكن المسؤول المحلي يقول إن “جواسيس داعش” في بعض القرى القريبة، أبلغوا قيادات داخل “كنعوص” قبل الهجوم وتم تهريبهم.

وأضاف المسؤول: “لم تقتل القوات او تصيب اي داعشي، باستثناء عنصرين سلموا انفسهم الى القوات العراقية”.

وكان بيان لخلية الاعلام الامني قد صدر يوم الجمعة الماضية، اكد إلقاء القبض على “إرهابي” أثناء محاولته الفرار سباحة من جزيرة “كنعوص” جنوب مدينة الموصل.

وقالت الخلية إن “القوات الأمنية تمكنت من إلقاء القبض على الإرهابي (م.ع.د) خلال عبوره من جزيرة كنعوص الى الضفة الثانية سباحة”.

وتقع قرية كنعوص على بعد نحو 30 إلى 40 كيلومترا شمال قضاء الشرقاط التابع لمحافظ ‏صلاح الدين.

وتبعد جزيرة او “زور كنعوص” نحو 10 كيلومترات عن القرية وهي منطقة مليئة ‏بالقصب وغير مأهولة بالسكان ويحيط بها نهر دجلة من كل جانب هو ما جعل السكان ‏يطلقون عليهم اسم جزيرة.‏ وعشية تحرير “كنعوص” سقطت هاونات على قريتي العين وصفية، جنوب الموصل، القريبتين من الجزيرة، دون تسجيل إصابات.

مجزرة ثانية في صلاح الدين

وهاجم تنظيم داعش منطقة يثرب التابعة لمحافظة صلاح الدين والواقعة في الجانب الجنوبي من “كنعوص”، مرتين بعد حادثة “الفرحاتية” الذي كشفت التحقيقات الحكومية بشكل رسمي عن تفاصيل المجزرة التي أودت بحياة 8 شباب، فيما مازال 4 آخرين في عداد المفقودين.

وبحسب مصادر (المدى) في صلاح الدين، ان مسلحين يعتقد انهم تابعين لـ”داعش”، اطلقوا النار ليلة الاثنين، على مجموعة من المدنيين، بينهم أشقاء اثنين لقوا حتفهم في الهجوم.

ووفق المصادر ان “راسم ومهدي صالح توفيا على الفور على اثر اطلاق النار عليهما أثناء تواجدهما في الحديقة الامامية للمنزل”.

بدوره قال عضو اللجنة الامنية والنائب عن محافظة صلاح الدين جاسم الجبارة، إن “مجزرة جديدة في يثرب ادت الى استشهاد 2 وجرح ثلاثة آخرين بسبب هجوم مسلح على ناحية يثرب عشيرة المزاريع”.

ونوه الجبارة في منشور على صفحته على (فيسبوك) إلى ان ذلك حصل رغم وجود “فوج طوارئ كامل، كذلك لواء جيش، لواء حشد شعبي، فوج حشد عشائري، وشرطة محلية، أمن وطني واستخبارات”.

واكد النائب ان الهجوم الاخير هو “رقم 20 الذي نفذ في منطقة يثرب خلال سنتين”. وقبل 24 ساعة من الهجوم الاخير، كان “داعش” قد هاجم نقطة مشتركة لقوات “شمر” –حشد عشائري- شرق صلاح الدين في جزيرة العيث دون خسائر تذكر.

وقوات شمر بقيادة صباح الحسان الشمري، تقع مهام عملها في مناطق شرقي صلاح الدين تحديدًا لمنطقة الجبل ومناطق جلام الدور.

مواجهات مع داعش وعمليات خطف

وفي الاسبوع نفسه نفذ التنظيم 5 هجمات في ديالى، منها هجوم في قرية ام حنطة الواقعة شرقي المحافظة استمر لمدة 45 دقيقة تواجه فيها التنظيم مع مفارز حماية من الاهالي، بحسب مروان الاحمد، احد ابناء القرية. وقال الاحمد لـ(المدى): “قبل الهجوم بيوم واحد كان داعش قد قتل 3 من عائلة واحدة واختطف اثنين آخرين، بعد ان هاجم سيارتين على الطريق العام في جلولاء شرقي ديالى”.

وكان التنظيم، قد قتل جنديا واصاب آخر في هجوم قناص في نقطة عسكرية بمنطقة المخيسة شمال شرقي ديالى، كما فجر عبوة في المقدادية، شرق بعقوبة (مركز محافظة ديالى) وتسبب بإصابة ضابط ومنتسبين اثنين.

كذلك هاجم قناص يوم السبت الماضي، نقطة عسكرية في العظيم شمال بعقوبة، واصاب جنديا واحدا.

وفي الأيام الـ5 الاخيرة فجر داعش سيارة نوع كيا في منظقة البو فراج التابعة لقضاء الرمادي، دون خسائر.

وفجر التنظيم يوم الأحد الماضي، عبوة لاصقة في قضاء عنة غربي الأنبار، اسفل سيارة موظف في وزارة الصحة، اصابته بجروح.

بالمقابل قالت مصادر في الانبار لـ(المدى) ان مهندسا يعمل ضمن احدى منظمة (un) في العراق، تم اختطافه يوم الأحد الماضي، جنوبي المحافظة.

وأكدت المصادر أن “المهندس اختطف في منطقة الرطبة على الطريق السريع اثناء عمله على أحد الجسور في الطريق الرابط بين الرمادي والحدود الاردنية”.

المصدر