نودع عاماً محملاً بالألم.. ونستقبل العام الجديد بالتحدي والأمل والاستحقاقات الكبيرة

برهم صالح رئيس الجمهورية
مع إطلالة العام الميلادي الجديد نتقدم إلى شعبنا العراقي العزيز بالتمنيات كي يكون عامَ رخاءٍ وطمأنينة، تتعزز فيه الآمال ويتم فيه تجاوز الصعاب، وتنتهي خلاله جائحة كورونا، والتحدياتُ الأمنيةُ والاقتصاديةُ التي ما زلنا نُعاني منها في العراق والمنطقة برمتها. نودعُ 2020، عامَ الالام والازمات، إذ شهدنا فيه تحديات استثنائية، من جائحة كورونا وما تعرضنا له من الالم في فراق الاهل والأحبة، وفي العواصف السياسية والأزمات الأمنيةِ والاقتصاديةِ التي كادت تدفع البلاد نحو منزلقات خطيرة. فالأزمات المتتالية والتحديات تؤكد حجم وحقيقة الخلل البنيوي في النظام القائم وطريقة الحكم، وأن المسؤولية التاريخية والوطنية تقتضي العمل الجاد على إنهاء دوامة الأزمات التي تعصف ببلدنا، ويستوجب ذلك منا الإقرار بأن منظومة الحكم التي تأسست بعد عام 2003 تعرّضت إلى تصدع كبير، ولا يُمكنها أن تخدم المواطن الذي بات محروماً من أهم حقوقه المشروعة، لذا فنحنُ بحاجةٍ ماسة إلى عقد سياسي جديد يؤسس لدولة قادرة ومقتدرة وذات سيادة كاملة. ومن غير الممكن أن يتحمل المواطن العراقي ضريبة الصراعات والإخفاقات السياسية والفساد، الى حد التلاعب بقوتهِ اليومي، وهذا يستدعي مراجعات وقرارات إصلاحية جديدة تُبنى على الصراحة، وتستند إلى مبدأ أساسي في عدم زجّ المواطنين في الصراعات السياسية، إذ لا يمكن ان يُربط قوت المواطنين، ورواتب الموظفين في العراق، ومنهم ايضاً في إقليم كردستان، بالصراعات السياسية وآفة الفساد. كما يجب، في هذا الظرف الاقتصادي العصيب، أن تكون هناك أولوية في دعم الطبقات الفقيرة عبر حزمة إجراءات فاعلة وسريعة، ومواصلة الحرب على الفساد والمفسدين، إذ لا مجال للمحاباة والمجاملة على حساب سيادة البلد وفرض القانون وترسيخ مرجعية الدولة وحصر السلاح بيدها. تنتظرنا في العام الجديد استحقاقات مصيرية، تتمثلُ في إكمال مشروع الاصلاح من خلال التمهيد لانتخابات مبكرة عادلة ونزيهة، تضمنُ حق الناخب العراقي في الاختيار بعيداً عن التلاعب والتزوير والضغوط وسرقة الأصوات. لا بد من إكمال الإصلاح الذي خطّته دماء الأبرياء والشهداء، الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل أن ينعموا ببلد يعيشون فيه بحرية وكرامة، لا مكان فيه للمتطرفين والمفسدين والخارجين عن القانون. يستحقُ العراقيون أكثر مما هم عليه الان، في بلد أنعم الله عليه بالخيرات وبموقع جيوسياسي يمكّنهُ من أن يكون محطة التقاء المصالح الإقليمية والدولية، وأن يكون نقطة تواصل وتوازن بين الشعوب والدول، وهذا لن يتحقق من دون إبعاد العراق عن سياسة المحاور والتخندقات الدولية، وأن يشغل العراق دورا فاعلاً في إحلال السلام والأمن في المنطقة. نودعُ عاماً عصيباً ومليئاً بالتحديات والآلام، ونتفاءل بعامٍ جديد نستنهض فيه مقومات النجاح في هذه البلاد، وننتصر فيه لطموحات شعبنا وتطلعاته في حياة حرة كريمة تليقُ بحاضره وتنتصرُ لامتداده الحضاري العريق. شكرا لِحُماة الحياة من الملاكات الطبيةِ الساهرة على سلامة المواطنين من جائحة كورونا، شكرا لِحُماة الوطن ابطالنا في القوات الأمنية بمختلف صنوفها الساهرين من اجل امن المواطنين، شكرا لجموع الشباب المتطوعين في شتى الميادين من اجل تطييب جروح الوطن. حفظ الله العراق وشعبه من كل سوء، والرحمة لكل الشهداء. كل عام والعراقيون والإنسانية جمعاء بألف خير وسلام.. سائلين العلي القدير أن ينعم على بلدنا وشعبنا بالأمن والأمان. إنه نعم المولى ونعم النصير.المصدر