بغداد /عديلة شاهين
زادَ هوس التجميل لدى النساء و الرجال بعشرات الأضعاف عن الأعوام السابقة رغبةً في الحصول على شباب دائم أو التشبه بالمشاهير
و كان ذلك حافزاً لإفتتاح الكثير من مراكز التجميل المرخصة و غير المرخصة كصالونات الحلاقة التي تحوّلت إلى عيادات طبية تجميلية تستخدم مواد طبية يستخدمها الأطباء بحذر كحقن الفلر و البوتكس و البلازما مع بيع الكريمات و الخلطات المضرة دون الحصول على الخبرة الكافية ، و الهدف الأساس هو جني الأموال دون الالتفات الى المضاعفات التي قد تلحق بالمريض جراء الحقن بجهل و الإساءة الى مهنة طب التجميل نتيجة الأخطاء التي تقع في تلك المراكز من قبل غير المختصين مما يؤدي الى إصابة المرضى بالضرر نتيجة الخدمة غير الآمنة.
و في بيان لنقابة الأطباء تابعته المدى يوم الثلاثاء الماضي حول مراكز التجميل غير المرخصة أعلنت فيه عن تزايد مراكز وعيادات التجميل الطبية و العيادات الوهمية غير المجازة في الآونة الأخيرة و المخالفة للشروط و الضوابط الصحية الصادرة من نقابة الأطباء ووزارة الصحة من ناحية عدم وجود كوادر طبية مختصة و استخدام عَمالة من غير ذوي المهن الصحية و الطبية و ممارسة تداخلات طبية غير مرخصة و خارج السياقات الطبية المعتمدة مما أدى الى تضرر عدد من المواطنين و المواطنات و زيادة الشكاوى في هذا المجال. هذا و أكدت النقابة على أنها أحالت عدد من مراكز التجميل غير المرخصة الى الجهات المختصة لمتابعة الإجراءات اللازمة.
مراكز التشويه و أسعار جنونية
أصبحت مهنة التجميل مهنة “من لا مهنة له” بعد القيام بدعايات ضخمة و جذّابة حول إزالة الكلف و التصبغات من البشرة و شد الوجه و تكثيف الشعر و تعويض الحواجب بالوشم أو ما يطلق عليه بالتاتو ، و تملَكتها الفوضى في استخدام أجهزة الليزر و الحَقن العشوائي الذي لطالما أدى إلى تشوهات ووفيات ، تقول الخمسينية سعدية محمد ، و هي من منطقة اليوسفية جنوبي بغداد : إنها قصدت إحدى عيادات التجميل لتكثيف شعر إبنتها عن طريق حقن فروة الرأس بالخلايا الجذعية و أكدت للمدى : بعد الحقن شعرت إبنتي بصداع شديد لم يفارقها لأيام عدة و بعد مراجعة العيادة نفت المعالِجة بأن يكون الصداع ناتج عن الحقن .
مضيفةً : استمر الصداع الشديد لدى إبنتي لذا ارسلتها للعلاج في الهند من أجل سحب المادة من رأسها و لكنها انتقلت الى رحمة الله في الهند.
و دَعت سعدية إلى ضرورة التأكد من الشهادات والرخص الممنوحة للمراكز و اختصاصات الأطباء الذين يقومون بالحقن و مدى تأهلهم للتعامل مع الحالة و تشديد الرقابة الصحية على مراكز التجميل غير المرخصة مع سَن قانون يغلّظ العقوبة على من يتهاون بصحة و حياة الناس و تعزيز الوعي الصحي في وسائل الإعلام.
وقالت السيدة الثلاثينية فاطمة حسن من منطقة المنصور في بغداد موضحةً للمدى : خرَجت صالونات التجميل عن طبيعة عملها المعروف كقص و صبغ و تصفيف الشعر و إزالة شعر الوجه و العناية بالجسم و الأظافر ، إذ نجد أنها تحولت الى مراكز تحتوي على أقسام عدة كقسم حقن البشرة و الليزر و طب الأسنان و الحمام المغربي و قسم بيع أدوية و مراهم تجميلية و مستحضرات التجميل ، بل توفر في هذه المراكز قسماً لإجراء العمليات الصغرى و الكبرى بعد الاستعانة بطبيب جراح ، مع عدم احترام شروط التعقيم و النظافة.
و ذكرت فاطمة : قَصدت أحد صالونات التجميل بعد إنجذابي لإعلان ممول على الفيس بوك يظهر نتيجة ممتازة لحقن الشفاه بمادة السوفت فلر و بما أنني أُعاني من شفاه تبدو مضمحلة أقبلت على حقن الفلر للشفاه مما أدى الى ألم و تورم كبير في شفاهي و امتلائها بالقيح و عند عودتي للمركز طالبوني بدفع مبلغ ١٠٠ دولار أميركي لسحب المادة من شفاهي!
و طالبت فاطمة الجهات ذات العلاقة بوضع حد لقائمة الأسعار الجنونية في صالونات الحلاقة التي تحولت الى مراكز تجميل و التي تستنزف جيوب السيدات ، أيضاً لا بد من تشديد الرقابة الصحية تلافياً لانتقال الأوبئة و الأمراض خاصة في ظل انتشار وباء كورونا.
مراكز تصنع الكارثة!
و في مقابلة مع الدكتور حازم ناصر أخصائي الامراض الجلدية موضحا للمدى : إن الكثير من العمليات في مراكز التجميل يقوم بها أطباء غير مختصين و يتم إجراؤها في أماكن غير مخصصة لإجراء العمليات كعمليات شفط الدهون و تجميل الأنف و قص الأجفان و تجميل الثدي و شد الوجه و باتت آثارها السيئة أكثر من فوائدها التجميلية ، مضيفاً : تعد صالونات الحلاقة أرضية خصبة لنقل الفايروسات كالتهاب الكبد و الكورونا حالياً و الفطريات مثل داء الثعلبة من الشعر فاذا ما تحولت هذه الصالونات الى مراكز تجميلية غير مرخصة التي عادة ما تستميل الزبائن بدعايات مبهرة مع انعدام النظافة ووسائل التعقيم ، قد تساهم بصورة مباشرة في انتشار الأوبئة و الأمراض.
لافتاً : تحتاج عمليات التجميل الصغرى و الكبرى الى تخدير لا يخلو من المخاطر بسبب الحالة الصحية للمريض أو طبيعة العملية و إن التخدير الواجب استخدامه في مراكز التجميل هو التخدير الموضعي فقط أما بالنسبة للتخدير العام فيتم استخدامه في المستشفيات ، و إن اختصاص التجميل يتعلق في الأغلب بطبيب الجلدية دون الحاجة الى تداخل جراحي.
و اعتبر الدكتور حازم أن الإستعانة بالمراكز غير المرخصة قد يسبب التهابات و تشوهات عند إستخدام الحُقن التي تخترق طبقات الجلد و يبدأ الجسم بمحاربة المواد المحقونة خاصة إذا ما كانت ضعيفة الجودة.
خطر آخر يهدد الحياة
و تروي نور حسام للمدى من منطقة زيونة في بغداد تفاصيل ذهابها الى أحد صالونات الحلاقة لعمل التاتو عندما قررت تكثيف الحواجب لأول مرة مضيفةً : أثناء انتظار دوري تفاجأت بالوشّام يجري العملية و بجانبه عدة مكونة من السرنجات و مادة مخدرة و أدوات الوشم و تساءلت هل يجوز حقن مادة مخدرة في الحاجب من قبل شخص لا ينتمي للمجال الطبي و لاحظت كمية دماء هائلة تنزف من حاجب سيدة كان يجري لها العملية الوشّام الذي اطلق على نفسه لقب الدكتور! دون ارتدائه هو و الزبونة عدة الوقاية من فايروس كورونا! ، مما دفعني الى الخروج من المكان و إلغاء فكرة التاتو.
و بدورهِ يعود الدكتور حازم ناصر ليؤكد للمدى : إذا ما تمت عملية الوشم في أماكن تفتقر لشروط النظافة و الرعاية الصحية أو استخدام ألوان وعدة ملوثة ربما يؤدي ذلك الى أمراض خطيرة مثل التهاب الكبد و نقص المناعة البشرية لأن الإبر الخاصة بالوشم تصل للدم مباشرة و الاصباغ التي تستخدمها معظم الصالونات هي أصباغ غير صحية و بعد الانتهاء من عملية الوشم تصلنا عدة حالات تعاني من تقرحات الجلد و الإحمرار في مكان التاتو و الحساسية الزائدة من أشعة الشمس و حكة شديدة و تورم و ربما تستمر هذه الأعراض لأكثر من أربعة اشهر و ربما تمتد لسنوات مسببة مضاعفات سلبية تحتاج الى أدوية مضادة للالتهابات أو الاضطرار الى إزالة الوشم بالليزر.
و يقول الدكتور ناصر : بحسب دراسة ألمانية أثبتت أن الأحبار المستخدمة في الوشم تشبه في تركيبتها طلاء السيارات و البعض منها ربما يسبب السرطان كالكاربون الأسود المستخدم في الطابعات و هي مواد غير قانونية و لا يجوز حقنها في الجلد.