ما ستحصده الاجيال القادمة

ما ستحصده الاجيال القادمة
دكتور/ علي الخالدي
الحديث عن ما ستجنيه أجيالنا القادمة لمواصلة حياتها اليومية، في اجواء يتحكم بها القانون والعدالة الإجتماعية، وخارج إطار نهج المحاصصة الطائفية والإثنية أمر بعيد المنال. لكون كما يٌُرى من مسار العملية السياسية، ان قادة الكتل واﻷحزاب التي جاء بهما المحتل في 2003 ،لم يتركوا اي معلم من معالم حياتنا اليومية وأي ركن من أركان الدولة إلا ودُنست بنهجهم المحصصاتي المقيت، حيت لم يُخَلدوا أو يبنوا معلما في الوطن والمجتمع العراقي، تفتخر به جماهير شعبنا الحالية وأجيالهم القادمة أمام شعوب العالم.
بدأنا نحسد شعوب كثيرة على ما حققه لها حكامها من إنجازات في بناء أنظمة متطورة تخضع لقوانين يلتزم بها كافة ناسهم وعلى مختلف الاصعدة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، تواصلا مع تاريخهم الذي توارثته اجيالها، لكوننا لا زلنا آخر الصف (نسعى في كل الإتجاهات والعشا خباز إن توفر)، تسبقنا بعشرات السنين إلا في بهرجة الشعائر الطائفية والقومية على حساب تمتين وتعزيز الروح الوطنية العراقية. فصار إستبدادها ووﻻءها للخارج الذي فرضه فساد البعض من قادة الأحزاب و الكتل الولائية، أضحى عامل في إفقار أكثر من 30% من فصائل جماهير شعبنا لسرقتهم المال العام، وتعاملهم مع السحت الحرام بالغش والتزوير، فأجبر الكثير من ابناء الشعب أن يعيشوا في كنف قوانين الفقر والحرمان على الرغم من أننا أثرياء ونُحسد على ما نملكه من ثروات نفطية ومعدنية وأرض خصبة تضعنا لو أدارها المخلصون للعراق لنُقلنا بسرعة فائقة، إلى مصاف الدول المتطورة في بناء البنية التحتية، وأمنا مستقبل آمن ومستقر للأجيال القادمة، متحرر من نهج المحاصصة المقيت، وهي مُلتزمة بمقولة القدماء زرعوا فاكلنا ونزرع فيأكلون
لقد حُرمنا وأجيالنا من التمتع بفرح تغيير النظام، والميزانيات الإنفجارية بعد الإحتلال مباشرة (سبق ذلك عشنا ظروف حروب عبثية وحصار مميت)، أغلبها ذهبت لجيوب بعض قادة الاحزاب والكتل وإلى ميليشياتهما ومحسوبيهم، لنستقر حاليا على ميزانية أستثنائية في عام 2021، نفقاتها بلغت 164 ت (ترليون) أضيف اليها 14 ت دينار خلال ايام معدودة، ما يعني أن هناك ضغط مورس حتى يُرفع سقف العجز لهذه الدرجة، علما إن ما إستدانته الحكومة وصل إلى 32 ت، ويزمع الٌإقتراض من البنك الدولي أغلبها لتغطية رواتب ومصروفات الرئاسات الثلاث. غير عابئة (قادة الكتل والأحزاب الحاكمة) بما سيحصده الجيل القادم من مآىسي وويلات، والكثير من مردود الضائقة المالية والإقتصادية وهي تحاول معالجة الديون الداخلية والخارجية وأرباحها المتراكمة التي تركها الفاسدين برقبته وما عليه إلا تسديدها مع أرباحها
وإذا ما أضفنا إلى ذلك إتساع الفجوة العلمية بعدم التخطيط لتطوير العلم والثقافة وهجرة آلاف الاكاديميين والخبراء، وسوء بناء البنية التحتية للتطور بسبب أوضاع الفساد والقهر وسرقة ثروات البلاد. وغياب القانون والإنفلات الامني وغيرها من التي كانت وراء إزدياد الفقراء فقرا، وإفلاس الحكومة، مما أضطرها اللجوء لحلول ترقعية لتسديد رواتب موضفيها
وعلى الرغم من صدور 147 الف حكم على بعض المتهمين بالفساد لا أنها تشكل نقطة في بحر الفساد المتلاطم الأمواج والمستشري في دوائر الدولة كافة. ومع هذا فإن ملفات حيتان الفساد الكبيرة لم تمس، وقد لا تصل اليها النية في كشفها، حيث تشابك المصالح المريب بين الفاسدين وأصحاب القرار والأمن المفقود، وحيث السلاح المنفلت وضعف الحكومة وعدم قابليتها للتصدي للفاسدين ومحاسبة من يرهب شباب تشرين ويخطفهم، ويصفيهم جسديا، لا لذنب إقترفوه سوى مطالبتهم سلميا بوطن آمن تسوده العدالة اﻷجتماعية والقانون تعيش في كنفه مع ضمان مستقبل الجيل القادم
يراودنا سؤال هل ستنتقل مباديء المحاصصة التي تتمسك بها الكتل والأحزاب لجيلنا القادم !!؟؟ أم أن شعبنا سيتزاحم حول المشاركة بالإنتخابات المبكرة، التي هي إحدى مكاسب ثورة تشرين والملاذ الذي سيخلصنا من نهج الحكومات السابقة والحالية القائم على أن كل شيء يجري عبر التوافق وإتفاق محاصصاتي وصفقات سياسية، وأن ما يعلم به المواطن هو تسويف تنفيذ مطاليبه التي إستمرت لأكثر من 17 عاما. لقد اضحى المواطن على يقين أن النية معدومة للإستجابة لمطاليب تشرين، فالإنتخبات المبكرة التي وعد بإجراءها ضمن الشروط التي وضعت خطط (كما يقُال) لتوفيرها ، قد أجلت لأوكتوبر القادم 2021 ، وهناك اقوال عن تأجيل الى اواسط عام 2022 لتكون مناسبة مع إنتهاء الدورة الإنتخابية وبهذا سيكون لقادة الكتل والأحزاب الوقت الكافي للملمة أواضاعها واحوالها وتنسق فيما بينها لمواصلة نهجها المقيت، بحجة عدم جاهزية مفوضية الإنتخابات، وعدم توفير الاموال الازمة لها. كما أن عدم حسم قانون المحكمة الإتحادية المتعمد. هي من الأمور التي تعرقل إجراء إنتخابات شفافة ونزيه. وكأنهم يدعون لها أن تكون كذلك. كما لا زال هناك جدل حول موقف الامم المتحدة هل هو إشراف أو مراقبة للإنتخابات
فهل سيرث الجيل القادم قيادة أمنية مفككة؟؟، وتتواصل أحداث مشابهة للحدث الأجرامي في ساحة الطيران الذي حصد أرواح32 شهيد وعدد يفوق ذلك من الجرحى، أم أن الناس ستراجع نفسها وتكثف من مساعيها للمساهمة في اﻷنتخابات القادمة انقاضا لذاتها ولجيلها القادم

المصدر