على هامش حلول ذكرى انقلاب 14 شباط الدموي : لكي لا تكون ذاكرتنا مقعرة بطحالب النسيان

على هامش حلول ذكرى انقلاب 14 شباط الدموي : لكي لا تكون ذاكرتنا مقعرة بطحالب النسيان

بقلم مهدي قاسم

مع الأسف لم تجرعملية توقف كبيرة واسعة عميقة وشاملة عند محطات تاريخنا الحديث و المعاصر ذات محطات و عربات وعهود محتشدة بسلسلة مجازر رهيبة ومتواصلة بدأها حزب البعث الفاشي أبان انقلابه الدموي في 14 شباط من عام 1963 ، ثم كرروها فيما بعد ، عند انتزاعه السلطة مجددا بتآمر مع ضباط ( ولا سيما حردان التكريتي الذي أغُتيل في الكويت حسب أوامر صدام ـ) إذ سرعان ما وقعوا هم أنفسهم ضحية لهذا التآمر بسبب سلوك ونهج الغدر الذي تميز بهما البعثيون على مدى تاريخهم الحافل بروح الغدر حتى مع بعضهم بعضا كقياديين ــ خذ مسألة تصفية صدام بعثيين قياديين من جماعة عدنان الحمداني ــ مثلا وليس حصرا ..

وإذا كنا لسنا الآن بصدد تعداد وذكر تلك المجازر والجرائم ، وهي بالمناسبة لا تُعد ولا تُحصى ، إنما نود الإشارة إلى تعاملنا السطحي ــ كمجتمع ونخب ثقافية وفكرية ــ ومرورنا مرور كرام على هذا التاريخ المليء والمثقل بأنواع شتى من جرائم ومجازر رهيبة وشنيعة ، دون دراستها باستفاضة موسعة و أبحاث أكاديمية متخصصة ، عبر توثيق دقيق من قبل مؤرخين غير منحازين فئويا و متخصصين في شؤون التاريخ أصلا ، ومن ثم تدريسها للأجيال الحالية والمقبلة أيضا ، فضلا عن إقامة معاهد أو مؤسسات أرشيفية ــ مثلما في دول أوروبية عديدة ــ مدعومة بتفاصيل تلك الأحداث والمجازر مع أسماء وصور الضحايا وتاريخ ميلادهم وجريمة قتلهم ومسرح وتواريخ الأحداث والجريمة أو المجازر ومرفقة بأسماء القتلة..

وربما لهذا السبب كادت الذاكرة العراقية ان تنسى تلك الجرائم والمجازر للبعثيين ، مع أنها ليست ببعيدة ، كمرحلة تاريخية معاصرة وغضة ، مع وجود أهالي الضحايا الأحياء ، بل و حتى قسم الضحايا أنفسهم أيضا ، وهو الأمر الذي سمح للبعثيين أن يتسللوا إلى صفوف أحزاب إسلامية شيعية و سنية، ولا سيما تلك التي تأسست في العراق بعد سقوط النظام السابق مباشرة مثل حزب الفضيلة والتيار الصدري الذين كان غالبية القياديين والأعضاء على حد سواء من البعثيين ، حيث سرعان ما أصبحوا في مواقع قيادية و سياسية وإعلامية متقدمة ، بل أن يقوموا بإثارة الحنين إلى عهدهم الذهبي العظيم والسعيد الرغيد !!، حتى تجرأوا على تصوير ذلك العهد الدموي على أنه أفضل عهد في تاريخ العراقيين ، مستغلين من خلال ذلك فشل وفساد ولصوصية الأحزاب الإسلامية الحاكمة ، إضافة إلى تزايد استياء ونقمة الشارع العراقي يوما بعد يوم ، بسبب الأزمات المالية والأمنية والمعيشية والخدمية الرديئة والسيئة ولفترة طويلة وحتى الآن ، وما رافق ذلك من عمليات خطف واغتيال وقتل علانية وفي وضح النهار، ليزيح الفوارق بين ممارسات البعثيين القمعية والدموية وبين ممارسات الأحزاب الإسلامية وميليشياتها الإرهابية الحالية بحق المتظاهرين والناشطين المدنيين..

بحيث أصبح الجلادون و المجرمون البعثيون و” ضحاياهم ” السابقون من أحزاب إسلامية متساويين كقتلة وسفاحين ومرتكبي مجازر جماعية على حد سواء ..

المصدر