استعرض تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تهديدات حقيقية تواجه مدينة بابل القديمة في العراق، وهي إحدى مواقع التراث العالمي المعترف بها لدى اليونسكو، ووضحت أن تلك التهديدات تتراوح بين القديمة والحديثة.
وتقع المدينة على بعد نحو 85 كلم، جنوبي العاصمة بغداد. ويشير التقرير إلى أن “بعض جدرانها معرضة للانهيار، ويقاتل ناشطون للحفاظ على إرث المدينة العريق”، لافتاً إلى أن “أكبر التهديدات للموقع الهش هي من صنع الإنسان”.
ولإبراز أهمية المدينة بجميع تفاصيلها، حتى أصغرها، سلط التقرير الضوء على عالم الآثار العراقي، عمار الطائي، (29 عاماً) الذي التقط لوحاً طينياً كان قد سقط من أحد جدران المدينة القديمة، تظهر عليه آثار مخالب كلب كان يتجول على الطين قبل جفافه منذ أكثر من 2000 عام.
ووفقاً للصحيفة، يعمل الطائي في مشروع صندوق الآثار العالمية، ويهدف من خلال عمله إلى الحد من الضرر الذي بات يلحق بواحد من أهم المواقع الأثرية في العالم.
وكان علماء آثار من ألمانيا قد نقلوا أجزاء هامة من المدينة إلى بلادهم، بما فيها بوابة عشتار، تقول الصحيفة.
وتلفت إلى أنه تم بيع قطع من جدران بابل لمؤسسات عدة، منها متحف متروبوليتان في نيويورك.
وبحسب التقرير، فهناك عوامل عدة تشكل خطراً على المدينة التاريخية، منها خطوط الأنابيب النفطية وأعمال الإنشاءات التي تخلق تهديداً لمساحات شاسعة من المدينة.
ويلفت التقرير إلى معاناة بابل الممتدة منذ مئات السنوات وحتى منتصف القرن الماضي، عندما اعتاد سكان القرى المجاورة على تفكيك جدرانها لاستخدام الطوب بأعمال بناء خاصة بهم.
ورغم أن بعض الجدران لا تزال قائمة، إلا أن ارتفاع منسوب المياه في المنطقة بات يعزز مخاطر سقوطها بشكل كامل.
ويشير التقرير إلى أن تركيب نظام لمنع تسرب المياه أمر تبلغ تكلفته عشرات ملايين الدولارات.
ونقل التقرير عن الخبير في مجال الحفاظ على الآثار، جيف آلين، أن الطوب في المدينة يتعرض “بشكل متكرر للمياه، والجفاف، وارتفاع (منسوب) الأملاح، ومن ثم ينهار”.
ويوضح التقرير وجود أجزاء تآكلت فعلا بسبب الملح، ما جعلها تنهار بمجرد لمسها، حرفياً.
ويلفت إلى بناء وزارة النفط العراقية محطة قياس لواحد من ثلاثة أنابيب تم مدها خلال السنوات الأخيرة، داخل أسوار المدينة.
كما يشير إلى انتشار عدد متزايد من المنازل في محيط المنطقة.
وقال آلين إن “من الصعب وقف البناء غير القانوني بوضوح”.
ووفقاً لما نقلت الصحيفة عن تقرير أعده المتحف البريطاني، فقد لحقت أضرار كبيرة بالمدينة بسبب قاعدة بناها مقاولون يتبعون للجيش الأميركي بعد دخول العراق عام 2003، تضمن إنشاؤها حفر خنادق، بالإضافة إلى قيادة المدرعات في المنطقة ذات الشوارع الهشة.
كما أضاف أمر الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، بإعادة تشييد أجزاء من المدينة إلى معظم المشاكل المعيقة لجهود الحفاظ على الآثار حالياً، وفقاً لتقرير الصحيفة. وخلال إعادة بناء المدينة، آنذاك، تم تثبيت طوب حديث ثقيل فوق الطوب الأصلي الأقل وزنا، وأدت الأرضيات الإسمنتية إلى احتجاز المياه بشكل يهدد المدينة، وتسبب تثبيت سقف إسمنتي على أحد المعابد القديمة بهبوطه كاملاً نحو الأسفل، وفقاً للتقرير.
وبعد تأخير استمر لمدة عام بسبب جائحة كورونا، عاد فريق صندوق الآثار العالمية إلى بابل لبحث سبل معالجة بعض الأضرار التي لحقت بالمدينة، وفقاً للتقرير. ويلفت التقرير إلى مشروع اسمه “مستقبل بابل”، تموله وزارة الخارجية الأميركية جزئياً، عمل على تدعيم جدران آيلة للسقوط في المدينة، كما قام بتثبيت تمثال أسد بابل الشهير.
ويقوم المشروع بتدريب فنيي صيانة محليين وتقديم الاستشارات بشأن الموقع التاريخي.