سدت حاجة السوق.. المنتجات الزراعية العراقية تُصدر إلى الخارج

جبار بچاي

بدأت المنتجات الزراعية العراقية تتدفق الى العديد من الدول سيما دول الخليج بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي وسد حاجة السوق المحلية، وباتت منتجات وادي الرافدين مرغوبة في الخارج لما فيها من ملوحة الارض العراقية وطعم دجلة والفرات.

فقد صدر العراق خلال الصيف الماضي 700 ألف طن من تموره إلى دول الخليج والمغرب العربي وبعض البلدان الأجنبية بعد تصاعد الانتاج ووجود طلب كبير على التمر العراقي، كذلك تم تصدير 700 ألف من الشعير العلفي الى ايران، كذلك وافقت وزارة الزراعة العراقية على تصدير 5000 طن من الطماطم الى المملكة العربية السعودية عن طريق شركات القطاع الخاص وذلك بعد الطلب السعودي عليها إضافة الى تصدير 5500 طن من البطاطا الى الامارات والكويت.

ويرى متخصصون في الشأن الزراعي أن الفترة المقبلة ستشهد طلباً كبيراً على المنتجات الزراعية العراقية الاخرى التي تتميز بمذاقها الطيب، مطالبين في الوقت ذاته بفرض هيبة الدولة على المنافذ الحدودية مع دول الجوار ومنافذ التهريب المختلفة خاصة في اقليم كردستان والمنطقة الغربية التي لا تزال ممراً لمنتجات دول الجوار رغم وفرة تلك المنتجات محلياً وقدرة العراق على تصديرها.

دعم الفلاحين والمزارعين

ويرى معاون محافظ واسط لشؤون الزراعة والموارد المائية، سلام البطيخ أن “أفضل السبل الكفيلة بدعم المنتج المحلي هو المضي بعملية دعم الفلاحين والمزارعين وأصحاب البساتين ومشاريع الانتاج الحيواني والنباتي المختلفة من خلال منحهم السلف والقروض إضافة الى توفير الاحتياجات الداعمة للعملية الزراعية كالبذور ذات الاصناف الجيدة والاسمدة والمبيدات وباقي المستلزمات المطلوبة”.

لافتا الى “أهمية العمل بجدية لحماية المنتج المحلي وإحكام السيطرة على المنافذ الحدودية لمنع دخول المنتجات الزراعية المتوفرة محليا والمسجلة ضمن الروزنامة الزراعية التي تعتمدها الوزارة مع تقديم الدعم الكافي والتسهيلات المطلوبة وتقديم امتيازات كبيرة للشركات العراقية المصدرة للمنتجات الزراعية الى الدول العربية والأوروبية الراغبة باستيراد المنتجات الزراعية العراقية”.

وذكر أن “العراق في طريقه لتحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح وتوفير الكميات المطلوبة من الدقيق بعد زيادة المساحات المزروعة ووفرة مياه السقي وكل ذلك أدى الى تصاعد معدلات الانتاج في السنوات الاخيرة في أغلب المحافظات ومنها محافظة واسط التي تمثل سلة خبز العراق بعد أن تصدرت المحافظات الاخرى في انتاج القمح للسنوات الماضية”.

وكان المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف قد كشف في تصريحات سابقة عن أن الخطة الزراعية لموسم تسويق محصولي الحنطة والشعير الصيف الماضي نجحت بتحقيق 5 ملايين و500 ألف طن لبذور الرتب العليا للقمح والشعير.

ووصل انتاج العراق من القمح في الموسم الماضي لقرابة الـ 5 ملايين طن، بينما يحتاج 4 ملايين و500 ألف طن من الحنطة لتحقيق الأمن الغذائي، حيث أن الفائض سيكون خزينا ستراتيجيا للاستفادة منه في تحقيق الاكتفاء الذاتي للأعوام المقبلة ما يؤدي في النتيجة الى الاستغناء عن استيراد القمح لحساب وزارة التجارة.

عودة للأرض

ويقول المزارع من محافظة واسط أحمد حسن لهمود إن “الهجرة السابقة للفلاح العراقي من الريف وتركه الزراعة تحت ضغوط شديدة أهمها إغراق السوق المحلية بالمنتجات الزراعية المستوردة في ظل فوضى الاستيراد بدأت الآن بالتوقف وصارت عودة من قبل الفلاح للأرض والتمسك بها بعد سلسلة من الاجراءات التي اتبعتها الحكومة للحد من ظاهرة الاستيراد العشوائي والسيطرة على المنافذ الحدودية بصورة تامة”.

وأضاف “لا بد من تشديد الاجراءات من قبل هيئة المنافذ الحدودية والكمارك بمنع دخول المحاصيل الزراعية الممنوعة من الاستيراد وفرص إجراءات قانونية قاسية بحق المخالفين لقرارات دعم المنتج المحلي خاصة المنتجات الزراعية التي حقق القسم الاكبر منها وفرة في الانتاج”.

مشيراً الى أن “عملية اغراق الاسواق المحلية في السنوات السابقة بالمنتجات الزراعية المستوردة أضرت الى حد كبير بالفلاحين والمزارعين من خلال تدني أسعار المنتج المحلي وعزوف الفلاح عن الزراعة وتحمله خسائر كبيرة”.

ويصف لهمود ما حصل في فتح الحدود أمام المنتجات الزراعية لدول الجوار بــ”المؤامرة لضرب القطاع الزراعي كما هو الحال مع القطاعات الاخرى التي اصيبت بالشلل التام بسبب إهمال الحكومة وعدم قدرتها على منع الاستيراد وتأمين متطلبات القطاع الصناعي وإهمال مئات المعامل والمصانع على سبيل المثال”.

وصوت مجلس النواب في الخامس من أيار/ مايو 2019 على قرار لحماية المنتج الوطني، منع بموجبه استيراد عدد من المحاصيل والمنتجات الزراعية، وجاء في نصه، أنه “لحماية المنتج الوطني تقرر منع إغراق السوق المحلية ومنع استيراد الدواجن وبيض المائدة والأسماك الحية والمجمدة والمبردة من أجل الاعتماد على المنتج المحلي”.

تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية

من جانبه يقول أحد تجار الفواكه والخضار عدنان الشمري إنه “بالرغم من كل الاجراءات والخطوات الحكومية المتـأخرة لدعم المنتجات الزراعية وفرض محددات الروزنامة الزراعية فأن أسواق بيع الجملة لا تزال تشهد تدفقاً كبيراً لمنتجات دول الجوار رغم وفرتها محليا”.

وأضاف “من أجل ضمان قرارات منع الاستيراد لا بد من ضرورة أن تلتزم الجهات ذات العلاقة بمراقبة علاوي بيع الجملة والمخازن الكبيرة المبردة ورصد المخالفات الموجودة إضافة الى التنسيق مع سلطات إقليم كردستان التي تعد أهم مصادر دخول المنتجات الاجنبية وتشديد الرقابة على المنافذ الحدودية وعدم منح أي إجازة استيراد لجميع المنتجات الزراعية”.

وقال “بالرغم من أن قرار منع دخول المحاصيل الممنوعة من الاستيراد وهو قرار جريء وشجاع لوزارة الزراعة يشمل الطماطم، والخيار، والباذنجان، واللهانة (الكرنب)، والقرنابيط، والجزر، والنبق، والذرة الصفراء، والخس، والثوم الطازج، والشجر، والرقي (البطيخ الأحمر)، والبطيخ (الشمام)، والفلفل والتمر، فضلاً عن بيض المائدة، والدجاج، والأسماك لكن من يتفحص أسواق الفواكه والخضار يجد قسما من تلك المحاصيل الممنوعة متوفرا في الاسواق المحلية وهذا يعد مؤشراً على تراخي بعض الجهات في عمليات المنع والتهاون في محاسبة المهربين”.

ولا يستبعد الشمري الذي الزم نفسه مع مسوقين آخرين بالتعامل فقط مع الفلاح العراقي “وجود جهات نافذة تعمل على توريد المنتجات الزراعية من دول الجوار خاصة تركيا وايران وسوريا والاردن رغم أن المنتجات العراقية متوفرة بكميات كافية لسد حاجة السوق المحلية”.

وقال “نحن كمسوقين ندعو الجهات المختصة وهيئة المنافذ الحدودية والكمارك والجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية والمحافظين الى ردع المخالفات في قضية دخول المنتجات الزراعية بما يضمن رد الاعتبار للفلاح العراقي الذي تعرض الى خسائر كبيرة في السنوات السابقة وعلى الجميع تفعيل الاجراءات القانونية الهادفة لحماية المنتج المحلي وتضييق الفرصة أمام ضعاف النفوس وتجار الازمات وكل ممن يريد استهداف المنتج الوطني”.

وكان وزير الزراعة، المهندس محمد الخفاجي قد وجه في الثالث من شباط الحالي بتكريم كافة القائمين على السيطرات الامنية، التي تمنع دخول المنتجات الحيوانية والزراعية، المهربة، وفقا للروزنامة الزراعية، مؤكداً حينها على تنظيم قوائم خاصة لكل سيطرة، لرفعها للسيد رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ورئيس جهاز الامن الوطني، مع تكريمهم من قبله، وحسب الصلاحية والحد الاعلى، معتبراً ان الانتاج الوطني امانة في اعناق الشرفاء واصحاب الضمير الحي.

صادرات الجوار الزراعية للعراق

ووفق تقارير غير رسمية فإن إيران تحقق أرباحاً بنحو ثلاثة مليارات دولار، وتركيا 2,2 مليار سنوياً، عن طريق تصدير المنتجات الزراعية والغذائية إلى العراق.

وكانت إدارة شؤون الكمارك الايرانية اعلنت في، كانون الاول/2019، أنها صدرت محاصيل زراعية للعراق بلغت قيمتها 921 مليون دولار خلال عام واحد بوزن 4 ملايين و77 ألف طن.

وفي العام ذاته تراوحت كميات الخضار والفواكه المصدرة من سوريا إلى العراق منذ بداية الموسم، بين 40 ـــ 45 شاحنة براد يومياً، ما يعادل ثلث المصدّر إلى العراق ما قبل 2011 الذي كان يعادل من 130 إلى 150 براد.

المصدر