خَـمس عشـرة إتـفـاقـية مع مِـصـر …هـل تـصُب في مصـلحة ألعـراق!؟

د . عبد علي عوض

بمقاييس أللامعقول أصبحَ معقولاً في العراق، وإنقسم المجتمع بين راضٍ ومتناغم مع ما يحصل وبين مَن يلتزم الصمت على مَضض .. وحينما تقع السلطة والمال بأيدي حفنة من نكرات المجتمع ألذين كانوا بألأمس على الهامش فهيَ نهاية البلد.

إنّ الخراب ألمأساوي ألمالي وألإقتصادي ألذي يَمر به العراق لم يحدث ويتبلور بصورة عفوية بَلْ كان مخطَط له مسبقاً والدول ألإقليمية مع الولايات المتحدة متفقة ، تلقائياً، على إبقاء العراق كألبقرة الحلوب لا يستطيع تحقيق التنمية الشاملة ويبقى بلداً متخلفاً تنهشه الصراعات الداخلية وتنتشر فيه ألأوبئة البيئية وألإجتماعية ويسوده التخلف العلمي والثقافي والفكري وإنهيار البناء ألأخلاقي للإنسان.

بألأمس قدِمَ وفد مصري برئاسة رئيس الوزراء مصطحباً معه عشرة وزراء لعقد إتفاقيات إستثمارية وتجارية. وتمخضت تلك الزيارة عن إبرام 15 إتفاقية، وحينما نتصفح بعض تلك ألإتفاقيات سنجد أنها لا تصب في مصلحة العراق وهي كألتالي:

أولاً – ألإسراع بإنجاز مَد ألإنبوب الناقل للنفط العراقي من العراق عبر ألأراضي ألأردنية إلى ميناء ألعقبة ومن هناك يذهب إلى مصر/ بألإتفاق بين ألأردن وإسرائيل، السيطرة ألأمنية على مينائي العقبة وإيلات تكون خاضعة لإسرائيل، أي أنّ عملية تصدير جزء من النفط العراقي لإسرائيل متوقعة، ولو أن نفط إقليم كردستان يصل إلى إسرائيل عن طريق تركيا بصورة منتظمة/ وهنا سؤال يطرح نفسه – لماذا لا تستورد مصر النفط من السعودية عن طريق ميناء ينبُع السعودي الواقع على البحر ألأحمر، بحيث يصل إلى الساحل المصري خلال عدة ساعات، لكن توجَد ممانعة أمريكية إسرائيلية لكون إسرائيل لن تجني أية منفعة من وراء ذلك. وفي حينه عندما تمّ ألإعلان عن مشروع أنبوب ألنفط ، بيّنَ

مجموعة من خبراء النفط وألإقتصاد وكاتب هذه السطور واحد منهم، أثبتوا أنّ المتضرر الوحيد من وراء إنجاز مَد ألأنبوب هو العراق فقط، مصر وألأردن لن تساهما بألتكاليف، إنما العراق هو الوحيد ألذي سيدفع 4 دولار عن مرور كل برميل نفط إلى ألأردن ومصر… ثمّ تحوّلت مسألة تكلفة ألمشروع إلى فضيحة، إذ اعلنت الشركات ألإستثمارية أن تكلفة المشروع تصل إلى 18 مليار دولار ثمّ خفضتها إلى 12 مليار/ لاحظوا ألإبتزاز/ وبعد ذلك قللتها إلى 6 مليار دولار! .. مع العلم وضّح الخبراء أنّ المنطقة الغربية من العراق غير آمنة لتواجد خلايا داعش النائمة، أي أن ألأنبوب سيتعرض إلى التفجير.

ثانياً – على الصعيد التجاري..تحاول مصر أن تأخذ نصيبها من ألسوق العراقية ألإستهلاكية لتصدير منتجاتها ذات النوعية الرديئة، إذ ما بعد عام 2003 صدّرت مصر ألأجهزة الكهربائية وبعد فترة من إستخدام تلك ألأجهزة كان مصيرها مكبات النفايات، وهذه الصورة تذكرنا بباصات – نصر( فيات – تجميع مصري) إستوردها عبد السلام عارف، لم تصمد كثيراً لإرتفاع درجات الحرارة صيفاً قي بغداد… وهنالك أراء تؤيد إستيراد السيارات المصرية بدلاً من السيارات ألإيرانية/ تكنولوجيا الثمانينات/… أقول أنّ العراق يجب أن لا يقوم بدور فاعل الخير لمساعدة مصر وغيرها من الدول العربية لاسيما أنه يمر بظروف إقتصادية ومالية حرجة … يجب تنشيط المجمع الصناعي في ألإسكندرية لتجميع السيارات الكورية مع ألإرتفاع التدريجي لحصة العراق في عملية التصنيع ليصبح ألإنتاج مئة بالمئة إنتاجاً عراقياً، وإلى جانب إلغاء تجميع السيارات ألإيرانية / سايبة صارت طيبة/.

ثالثاً – على الصعيد ألإستثماري .. كما هو معلوم للجميع أنّ ألإقتصاد المصري إقتصاد ضعيف ومصر مكبّلة بديون صندوق النقد والبنك الدوليين وتعاني من إنفجار سكاني مخيف/ العراق تجاوزها في هذه النقطة/ .. لذا لا أعتقد أن الشركات المصرية قادرة على تحديث تكنولوجيا المصانع العراقية القائمة، بَل تريد تشغيلها بآلاتها القائمة ألتي عفى عليها الزمن، وكقاعدة يجب أن تجري عملية تجديد آلات أي مصنع كل فترة بين 10 –

15 سنة لكونها تتعرض للتهرؤ وألتآكل وتصبح بلا جدوى إقتصادية … ولو من المفترض أن تبقى مصانع القطاع العام بلا خصخصة وغير خاضعة للإستثمار، حيث أن عددها 185 مصنع/ حسب ألأرقام المتوفرة لدي/ تمثل قطرة في بحر قياساً بما يحتاجه العراق يُقدَّر بــ 30 ألف مؤسسة صناعية كبيرة ومتوسطة وصغيرة في القطاع الخاص.

الخلاصة : جميع الدول يسيل لعابها لإغراق السوق العراقية بمنتجاتها ما دام موجودون ألسماسرة( الوطنيون!؟) في داخل العراق لتدمير ألإقتصاد العراقي.

المصدر