الايمان بالله واليوم الآخر فوز وامان وسلام
ان الايمان بالله هو راس الأمر وبه يصبح الانسان مطمئن وسعيد في الحياة الدنيا. يعيش حر لا يخضع ولا يستسلم ولا يخاف من احد على وجه الأرض. طالما هو يعتقد بأنه لو اجتمعت الانس والجن على أن يضروا أحدا بأمر لم يكتبه الله عليه لن يستطيعوا فعل ذلك. ولو ارادوا أن ينفعوه لن يقدروا على ذلك الا باذن الله. الايمان بالله حصن حصين طيلة تقلبات الظروف الحياتية اذا ما غدر بك الزمان وتدهورت الصحة وفقد الجاه وضاع المال وتركه الناس اجمعين. الايمان بالله يضع اهمية الدنيا في مكانها الصحيح إذ قال الله عنها “وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور”. المؤمن هو الوحيد الذي يعيش في امن وامان لانه يعتقد بأن هذه الدنيا مزرعة يزرع فيها الخير والصدق والاخلاص والامانة والعلم. ليحصد في الاخرة النعيم في جنة عرضها السماوات والارض. المؤمن مطمئن من ان الله الذي يعلم الغيب ولا تخفى عليه خافية سوف يجزيه خير الجزاء. لان الذي سيحاسبه رب عادل غفور رحيم وهاب كريم. اله ليس بحاجة للناس وعونهم إنما هو الذي يرزقهم ويحييهم ويميتهم. انه يامر المؤمنين بعون ومساعدة اخوانهم واخواتهم ثم يجزيهم افضل الجزاء أضعاف مضاعفة.
اما اليوم الاخر وما يليه من جنة أو نار فلا بد من شرح بعض المفاهيم العالقة في الاذهان. لعل أهمها فيما يتعلق بالمسلمين هو أن هروبهم من المسؤولية والحياة والواقع العملي.الى العبادات لن يغنيهم شيئا. لان تلك العبادات المجردة لا يمكن أن توصلهم لرضى الله ودخول الجنة دون عمل الخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد لترسيخ العدالة الاجتماعية. اما فيما يتعلق بغير المسلمين فهناك الملاحدة والماديين وبعض العلمانيين ممن ينكر وجود الله وبالتالي اليوم الاخر. يعتقدون بأن الحياة خلقت دون خالق. لم يكلف هؤلاء انفسهم عناء التفكير بأن أي شئ مصنوع لا بد له من صانع أو خالق فالاشياء لا تخلق أو تصنع لوحدها. فهل من المعقول أن هذا الانسان المخلوق المعقد الخلق وما يمتلكه من عقل وضمير وروح وسمع وبصر وذوق وهو في احسن تقويم خلق عبثا دون هدف وغاية. كيف تستقيم منطقية الوجود دون حساب الآخرة. في عالم ارضي مليىء بالظلم والقهر لابد من توازن ليوم القيامة فيه ثواب وعقاب. كيف يمكن أن يعتقد انسان سوي بأن هذا العالم خلق دون غاية. اما أهل الكتاب فقد ظلموا أنفسهم عندما اهملوا يوم الحساب وبالتالي تركوا الغيب وانشغلوا بالدنيا وملذاتها مدارات للماديين وبعض العلمانيين خوفا من لومهم وعتبهم ووصفهم لاهل الكتاب بالايمان بشيء لا تراه اعينهم.
ان تحمل مصاعب الحياة والعمل لاصلاحها هي الطريق الوحيد للوصول الى جنة الله بعد يوم الحساب. لا نريد هنا أن نعطي اهتماما لاقوال المرجئة والقدرية والدهريين عن راي الاسلام في هذه المعتقدات المحورية والاساسية. لنذهب اذن إلى القران الكريم نفسه والذي يحظى باجماع كل الطوائف والمذاهب الاسلامية حتى المنحرفة منها. بأنه الكتاب الذي انزل على محمد صلى الله عليه وسلم دون زيادة أو نقصان. فيقول الله تعالى “فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون الا ما كنتم تعملون”. وقال ايضا “ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين”. وقال تعالى ،”وان ليس للإنسان الا ما سعى وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الاوفى”. هذه الايات وعشرات غيرها تؤكد بأن الجنة أو النار نتيجة لما يقدم الانسان لحياته الاخروية. ان القران الكريم يعطي اسم الحياة للاخرة لانها ابدية اما الدنيا فهي مجرد امتحان وجسر للعبور إلى ذلك النعيم السرمدي يقول تعالى “ياليتني قدمت لحياتي”. فالامر بيد الانسان وليس قدرا مقدرا ولو كان كذلك فما فائدة الحساب اذن ولماذا يحاسبنا الله على أمر قدره علينا. اين اذن العدل الالهي الذي اكده القران لأن الله حرم الظلم على نفسه وعلى عباده. كما ان العدل صفة واسم من أسماء الله الحسنى. ان الآخرة ويوم الحساب والجنة والنار هي بمثابة النتيجة النهائية لما يمر على الانسان من امتحانات في الدنيا. كما ان الله جعلها لجميع الناس ففيها الفقير والغنى والصحيح والسقيم والظالم والعادل. فمن يريد النجاح بالاخرة فإن طريق الجنة يحتم عليه عمل الخير للناس والصدق والامانة والوفاء والعلم والعمل والتسامح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة العبادات. فالدنيا اذن مزرعة الآخرة فمن وجد يوم القيامة خيرا فهو نتيجة سعيه وعمله ولن يحصد إلا الجنة ومن يرى غير ذلك فلا يلومن آنذاك الا نفسه.
الدكتور نصيف الجبوري