الازمة الاقتصادية العراقية …. واحلام الحلول

الازمة الاقتصادية العراقية …. واحلام الحلول

سوء الإدارة والاعتماد المطلق على الإيرادات النفطية هو ما أوصلنا الى الوضع الذي هو عليه و يشهد العراق حالياً شللاً شبه كامل في الحياة الاقتصادية و لا توجد صناعة لعدم تكيفها مع مزاجات بعض الدول الاقليمية . وضعف الحركة السياحية لفقدانها الوسائل اللازمة مثل نقل والفنادق والاماكن الضرورية وتتأثر الزراعة إلى حد كبير بهذه الكارثة والحاجة الى معالجة الامور قبل الانهيار الكلي من خلال العمل على تفعيل هذه القطاعات بعقول امينة كالزراعة والصناعة والسياحة والاستثمار الذي يحتاج إلى بيئة آمنة قادرة على أن تجذب الشركات العالمية، وهذا يحتم على الحكومة إعادة هيبة الدولة، وتحقيق الاستقرار الأمني والحصول على الضرائب بشكل معقول كي لا تزيد من هموم المواطن والسيطرة على المنافذ الحدودية ومزاد العملة واستيراد البضائع التي تدخل بدون حقوق كمركية وفساد المشرفين عليها والتي من الصعب تنفيذها بدون أن يتم القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة وملاحظة تطبيق موظف جباية الضريبة لعمله ووضع البدائل لهذه المهمة في إجراءات الحكومة للحصول على الضرائب؟، وكيف ستتابع موضوع ازدواج الرواتب الذي يضمن للبعض استلام أربع وخمس رواتب في وقت واحد؟ وغيرها وهذه الخطوات لو تم متابعتها بلاشك سوف تعظم من واردات البلد.

المرحلة الراهنة يجب أن تشهد المزيد من التعاون ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يخدم مصلحة البلد والمواطن قبل تضاعف معدل الفقر المتوقع في العراق إلى 40 بالمئة من نحو 20 بالمئة حاليًا.والتعاون بحرص على عقد لقاءات متواصلة مع اللجان النيابية والنواب، للتوصل الى نتائج ايجابية تنعكس على سير الأوضاع في العراق. ومعالجة التحديات الاقتصادية المهمة التي هي ليست سهلة تتطلب إصلاحاً حقيقياًفي بيئتها ، والأزمة الحالية ليست وليدة اليوم ولا تتعلق بهذه الحكومة انما هي بسبب السياسات الاقتصادية للحكومات المتلاحقة السابقة الفاشلة بعد عام 2003، المعتمدة على أساليب خاطئة في إدارة الملف الاقتصادي وإجراءاتها الغير سديدة مما جعلتها تحتاج إلى إصلاحات حقيقية وجذرية وخطط قصيرة وطويلة الأمد لتجاوزه.

و يعاني العراق من كارثة عند بيع النفط إلى المستهلكين حيث يُستغل بسبب الحاجة الى الموارد المالية حيث يجبر لبيعه باسعار اقل من المعهود في الاسواق العالمية في الكثير من الاحيان ولأن ما تأخذه شركات النفط الأجنبية من كلفة استخراج للبرميل تعادل ما يقبضه العراق وقد تكون عند حسابات التكلفة 10 دولارات وأحيانا أقل من ذلك و ما يحصل الآن يضر الجميع وليس هناك طرف مستفيد من هذه الأزمة، باستثناء الدول المستوردة والمستهلكة للنفط الخام، لأنها تحصل عليه بسعر رخيص، فالدول المنتجة والمصدرة جميعها متضررة والعراق يحتاج الى أربعة أضعاف سعر النفط الحالي، والتعويض سيكون إما بالسحب من الكتلة النقدية الاحتياطية في البنك المركزي، أو الاستدانة من الداخل أو الخارج، وهذا حل خاطئ والحل الصحيح بالذهاب إلى موارد أخرى لرفد الموازنة العراقية وما يزيد الطين بلة وخلفته هو تضاعفت الأزمات السياسية والاجتماعية والأمنية القائمة بسبب وباء كورونا العالمي، ولا ننسى الفساد الذي ساهم ويساهم في تقويض الاقتصاد العراقي مالم تتخذ الخطوات الحقيقة اللازمة لتجفيف منابعه ومكافحته عند ظهوره، وما يدلل على ذلك التقويض هو عدم وجود سلع وخدمات ذات قدرة تنافسية تستطيع اختراق الاسواق الدولية باستثناء النفط الخام، إذ إن الفساد يسهم في تضخم التكاليف الإنتاج الوطني وهذا ما يؤدي إلى إرتفاع أسعار المنتجات الوطنية فتضعف قدرتها على المنافسة في السوق المحلية والاقليمية فضلاً عن السوق العالمية،

وهذا الفساد جعل من الحكومة ان تطلب من مجلس النواب الموافقة على استقراض بمبلغ ٤١ تريليون دينار، ١٩ منها لدفع رواتب الموظفين الى نهاية ٢٠٢٠، والباقي لتسديد ديون مستحقة، فأذا وافق مجلس النواب يعني تكبيل العراق بديون جديدة ولكن لا سبيل إلإ المضي في ذلك اوسحب هذا المبلغ (٣٤) مليار دولار من احتياطي البنك المركزي والبالغ حالياً ( ٦٤) مليار دولار مما سيعرض الدينار العراقي الى فقدان قدرة الصمود أمام الدولار وبالتالي التأثير السلبي الكبير على المواطنين، وفعلاً المؤشرات تحكي ان الدينار العراقي في حالة تهاوي كما يلاحظ في الاسواق المحلية هذه الايام.

اما الورقة الاصلاحية التي طرحتها وتبنتها الحكومة الحالية تحتم الى تخفيض النفقات وتبويب الأموال بشكل سليم، وهي تحتاج إلى رؤية صحيحة واقعية والتي أبدت بعض القوى السياسية عدم ثقتها بهذه “الورقة البيضاءالاصلاحية” واعتبرتها تقييمات عامة كاستعراض عام موجود ومعروف ومناقش ولا يوجد شيء جديد بها وأنها لا تتجاوز الوعود وغير قابلة للتنفيذ والتي بحثتها الحكومة مع قوى سياسية مختلفة ، لعرضها على البرلمان والمصادقة عليها كورقة تسهم بتحقيق إصلاحات وتخفف من الأزمة المالية التي تمر بها البلاد،، والتي تقول بأنها تهدف إلى إعادة التوازن للاقتصاد العراقي، ولوضعه على مسار يسمح للدولة باتخاذ الخطوات المناسبة في المستقبل لتطويره إلى اقتصاد ديناميكي متنوع يخلق الفرص للمواطنين لعيش حياة كريمة. واعتقد باننا مهما طرحنا من نظريات حول تطوير الاقتصاد تبقى مجرد احلام، ما لم تكون هناك قيادة سياسية تتبنى خطوات استراتيجية تشرف عليها عقول متخصصة وكفوءة لا ان اتكون ( بكل قدر تمد رأسها ، يوم على الرياضة واليوم الاخر زراعة، او الصحة وهكذا تدور الدوائر بنا ) وتضعها على التنفيذ، فلا توجد في كل دول العالم نهضة اقتصادية بدون وجود قيادة سياسية ودودة على شعبها بعيدة عن المصالح الفئوية و لديها رؤية للنهوض بالواقع الاقتصادي.

عبد الخالق الفلاح

المصدر