بغداد/ محمد صباح
من المرتقب ان يعقد اجتماع تحضره الرئاسات الثلاث ورؤساء الكتل البرلمانية ومفوضية الانتخابات ومجلس القضاء الأعلى، اليوم الخميس، للاتفاق على موعد جديد للانتخابات البرلمانية المبكرة. وما ان حددت الحكومة السادس من شهر حزيران موعدا لاجراء الانتخابات المبكرة حتى عصفت الخلافات بين المكونات.
وانعكست هذه الخلافات ــ التي لم تظهر إلى العلن ـــ على أداء مجلس النواب كذلك انسحبت على إقرار مشروع قانون الموازنة الاتحادية الذي تشير الأنباء إلى ان اقراره سيتأخر نحو 45 يوما.
كتل تُريد التأجيل
ويقول رحيم العبودي، عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة، لـ(المدى) إن “تحالفي الفتح وسائرون يسعيان إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية المبكرة إلى الثلاثين من شهر تشرين الأول المقبل، وهما يماطلان عبر تبنيهما فكرة تمديد فترة مناقشة مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021 إلى أكثر من 45 يوما”.
وكشفت (المدى) في وقت سابق أن مفوضية الانتخابات سلمت رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي كتابا تعتذر فيه عن تمكنها من إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في موعدها المقترح في السادس من شهر حزيران المقبل.
ويضيف العبودي أن كلا من تيار الحكمة وائتلاف النصر ــ الذي يصفهما بـ(قوى الاعتدال) ــ “مع إجراء الانتخابات في المواعيد المقترحة في حزيران المقبل، بتأييد من رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي”.
ويلفت عضو تيار الحكمة إلى أن “المجتمعين اتفقوا على إجراء اجتماع لهم اليوم الخميس بمشاركة رؤساء الكتل البرلمانية وبحضور مفوضية الانتخابات والقضاء للبت بموعد اجراء الانتخابات البرلمانية الجديدة أو الإبقاء على الموعد الذي اقترحته الحكومة”.
ويوضح أن “الساحة السياسية منقسمة بين فريق يؤيد إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وفريق يرفض ويطرح مواعيد جديدة على أن تكون خلال العام الجاري”، مبينا أن “هناك الكثير من المواضيع مترابطة ومتداخلة في موضوع الانتخابات من بينها إقرار قانوني المحكمة الاتحادية والموازنة”.
وفي شهر تشرين الثاني الماضي ناقشت الرئاسات الثلاث موضوع تأجيل الانتخابات البرلمانية المبكرة والمقرر إجراؤها في السادس من شهر حزيران المقبل، إلى ما بعد الموعد المقرر بشهرين أو أربعة أشهر، وذلك بعدما استمعت إلى شرح قدمته مفوضية الانتخابات عن المشكلات التي تواجهها.
ويشدد القيادي في الحكمة على أن “القوى التي تريد تأجيل الانتخابات تعول على الوقت لضمان التأجيل بشكل قطعي”، مشيرا إلى ان “هذه القوى متخوفة من الانتخابات التي ستكون مرعبة بعد ضمان مشاركة الشباب بقوة فيها هذه المرة”.
ويلفت العبودي إلى أن العامل الخارجي ونقصد هنا الجانب الأميركي والإيراني أيضا له تدخل في الشأن الانتخابي حيث يحاول كل طرف تشكيل حكومة مقبلة تكون قريبة عليه، ويرجح أن “اجتماع اليوم سيكون حاسما لكل هذه التداعيات”.
القضاء يريد موعدا واقعيا
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، قد شدد خلال حضوره اجتماعا للرئاسات الثلاث عقد مساء الثلاثاء، على أهمية تحديد موعد الانتخابات القادمة بتاريخ واقعي تتمكن خلاله مفوضية الانتخابات من إجراء انتخابات حرة نزيهة.
وأكد زيدان، على ذات المبدأ خلال حضوره الاجتماع الثاني بين رؤساء السلطات الثلاث ومفوضية الانتخابات بحضور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، بحسب بيان اصدره اطلعت عليه (المدى).
وضم اجتماع الرئاسات الثلاث كلا من رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، ووزير الخارجية فؤاد حسين، ورئيس وأعضاء مفوضية الانتخابات، والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، لبحث ملف الانتخابات المقبلة.
وعقب الاجتماع، ذكر المكتب الاعلامي لرئيس الجمهورية برهم صالح في بيان أن المجتمعين شددوا على ضرورة اتخاذ كافة التدابير والاستعدادات الكفيلة لإجراء الانتخابات المبكرة، عبر توفير الشروط الضرورية التي تُضفي على نتائجها أقصى درجات المصداقية، وتضمن التمثيل الحقيقي لجميع العراقيين وتعكس إرادتهم الحرة في اختيار ممثليهم من دون تأثيرات وضغوط وبعيداً عن سطوة السلاح، لتكون نتائجها متوافقة مع الإرادة الشعبية وإيمانها الكامل بتمثيلهم في الحكومة ومجلس النواب.
وأضاف البيان انه جرى التأكيد على أهمية زيادة نسبة التسجيل البايومتري ووضع الآليات التي تساعد في عملية التسجيل لغرض اعتماد البطاقة البايومترية حصراً في الانتخابات القادمة، واستكمال التشريع المتعلق بقانون المحكمة الاتحادية في أقرب وقت، وضرورة دعم مفوضية الانتخابات من قبل مؤسسات الدولة والأجهزة الساندة ذات العلاقة، وتوفير الموارد البشرية والمالية من أجل إنجاح تنظيم الانتخابات.
وأكّد الاجتماع على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لمنع حصول التزوير والتلاعب في جميع خطوات العملية الانتخابية، بدءاً من تصويت الناخبين، مروراً بعملية العد والفرز، وصولاً إلى إعلان النتائج، كما لا بدّ من أن تراعى النزاهة والشفافية في مختلف مراحل إجرائها، وتتم دعوة مراقبين دوليين بصورة جادة بالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في بعثة الأمم المتحدة.
وأشار المجتمعون إلى ضرورة ضمان فرصة المشاركة في الانتخابات لجميع أبناء الشعب العراقي بكل أطيافهم، وحسم المسائل العالقة التي تحول دون ذلك، وتوفير المستلزمات القانونية والإدارية لمشاركة النازحين والمهجرين وغيرهم.
دليل آخر على تأجيل الانتخابات
وفي سياق متصل، يؤكد عادل اللامي الخبير في الشأن الانتخابي، أن “الرئاسات الثلاث أعلنت تأييدها ودعمها لجهود مفوضية الانتخابات لانجاز الاقتراع في موعدها المحدد”، في الوقت ذاته ابدى استغرابه من تصريح رئيس مجلس القضاء الأعلى.
ويضيف متسائلا: “هل الموعد المحدد غير واقعي، وهل هناك نية للقضاة الذين يديرون المفوضية لتأجيل الانتخابات؟”.
ويتابع: “هناك مؤشر يدل على عدم إمكانية إجراء الانتخابات في مواعيدها، هو تحديث وتسجيل سجل الناخبين الذي أعطي مهلة شهر وهي قصيرة لا تكفي في ظل إضراب الكثير من موظفي المفوضية”.
وبدأت مفوضية الانتخابات بعملية تحديث بيانات الناخبين من اجل منحهم بطاقات بايومترية خلال اقل من أسبوعين من خلال حملة تستهدف عبرها تحديث سجلات (10) ملايين ناخب غير مسجلين حتى هذه اللحظة”.
بطاقة الناخب مستمسك رسمي
وقرر مجلس الوزراء، في جلسته الاخيرة، اعتبار بطاقة الناخب البايومترية مستمسكاً رسمياً معتمداً لدى دوائر الدولة، فيما منح الموظفين 60 يوماً لتحديث بطاقاتهم الانتخابية.
وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس وزير الثقافة حسن ناظم في مؤتمر صحفي، إن مجلس الوزراء عد بطاقة الناخب البايومترية طويلة الأمد واحدة من المسمتسكات الرسمية المعتمدة في دوائر الدولة، مشيراً إلى أن المجلس قرر منح الموظفين مدة 60 يوماً لتحديث بياناتهم البايومترية.
ودعا ناظم الموظفين للإسراع بتحديث بياناتهم البايومترية، مؤكداً أن الحكومة عازمة على محاربة نزعة انحسار المشاركة في الانتخابات.
وانطلقت عملية تحديث سجل الناخبين في مراكز التسجيل الالكتروني في عموم العراق، والبالغ عددها 1079 مركزاً ولمدة 30 يوماً، وستنتهي في الثاني من شهر شباط المقبل، وتهدف هذه المرحلة لغرض جمع بيانات الناخبين النصية والحيوية وتحديثها، حيث تتمثل هذه المرحلة بإجراء حالات الإضافة، والحذف، والتغيير، والتصحيح، وتسجيل النازحين والقوات الأمنية. وضعت وزارة النقل، شرط تحديث سجل الموظف لمنحه راتبه. وبحسب كتاب صادر عن الوزارة فان “الوزارة اشترطت صرف رواتب موظفي مركز الوزارة وتشكيلاتها بعد اصدار بطاقة الناخب البايومترية المحدثة”. ويضيف اللامي أن “من ضمن المؤشرات الموجودة على عدم وجود امكانية لاجراء الانتخابات هو ان المفوضية فتحت الباب لتسجيل التحالفات السياسية والمرشحين الراغبين بالمشاركة في الانتخابات لفترة قصيرة توحي بعدم وجود جدية في اجراء الانتخابات بمواعيدها المحددة”. في أواخر شهر تموز الماضي، حدّد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، موعد الانتخابات التشريعية المبكرة في 6 حزيران من هذا العام استجابة لمطالب الحركات الاحتجاجية التي عمت مدن ومحافظات الوسط والجنوب.
التمديد بات قريباً
ويوضح المختص في الشأن الاقتصادي قائلا إن “مفوضية الانتخابات ستقوم في الفترة المقبلة بتمديد فترة تسجيل التحالفات السياسية والمرشحين الذين يرغبون في المشاركة بالانتخابات البرلمانية المقبلة”، مرجحا ان “هذا التمديد سيدفع بتأجيل موعد الانتخابات”.
وأنجزت المرحلة الأولى من التحضيرات القائمة لإجراء الانتخابات المبكرة باستكمال مشروع قانون الانتخابات البرلمانية ونشره في جريدة الوقائع العراقية، لكن هناك مراحل عديدة يتطلب إكمالها في مواعيد محددة منها توزيع البطاقة البايومترية.
وبحسب نص قانون تخصيص وتمويل نفقات انتخابات مجلس النواب، الذي صوت عليه البرلمان في 17 كانون الأول الماضي، فقد بلغت تقديرات نفقات الانتخابات لسنة 133 ملياراً و300 مليون دينار من الرصيد النقدي المدور لموازنة عام 2019 لحساب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استثناءً من قانون الإدارة المالية الاتحادية.
مشاكل أخرى
من جهته، يبين حازم الرديني، عضو مجلس المفوضين السابق ان “المفوضية تعمل ومنذ وقت طويل للتحضير لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة”، مستدركا “لكن هناك الكثير من المعرقلات التي تعرقل اجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة”.
ويضيف أن “هيكلية مفوضية الانتخابات تسمح لها بتعيين عشرة آلاف موظف لكن موظفيها الحاليين يصل عددهم الى نحو 4500 موظف، واكثر من 5500 موظف معتصمين امام مكاتب المفوضية منذ بداية عمليات تحديث سجل الناخبين، والتسجيل البايومتري”. ويلفت إلى أن “من ضمن التحديات التي تعرقل اجراء الانتخابات هي ارتفاع درجات الحرارة في شهر حزيران مما سيؤثر على عمل الاجهزة الالكترونية المسرعة للنتائج فضلا عن تزايد انقطاع التيار الكهربائي في هذه الفترة”، مؤكدا ان “هذه الامور ستفرض تأجيل الانتخابات المقبلة”.
أكدت مفوضية الانتخابات في وقت سابق أنها “مستمرة بعملها بكل جهدها، لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وكذلك العمل على إنجاحها”، داعية جميع شركاء العملية الانتخابية الى “التعاون من الناخبين، ووسائل الإعلام، والمهتمين بالشأن الانتخابي”. ويضيف الرديني أن “من جملة القضايا التي قد تتسبب بتأجيل الانتخابات عدم تعديل قانون المحكمة الاتحادية الذي يُلزم الدستور بمصادقتها على نتائج أي انتخابات برلمانية، فضلا عن عدم وجود إرادة حقيقية لأعضاء مجلس النواب بحل المجلس قبل ستين يوما من إجراء الانتخابات المبكرة”.
ويوضح أن من “المفروض حل البرلمان لنفسه في السادس من شهر نيسان المقبل إن كانت لديه جدية في إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة”.