بقلم سعيد هدروس جنوب السويد
من جديد وعلى صفحات جريدة إكس بريسن قرأنا مؤخرا زعاق أشبه بالنعيق مصدره حثالة من الأقلام اليمينية العنصرية والمتصهينة. طبعا ليست المرّة الآولى التي تطل علينا هذه الصحيفة الصفراء إكس بريسن مكشّرة عن أنيابها لتقذف بسمومها ليس فقط في جسد المجموعة 194 ولا حتى حزب اليسار كما جرت العادة وإنما هذه المرّة لتطال واحدة من أعرق مؤسسات المجتمع السويدي وهي مؤسسة بيت الشعب التابعة للحزب الإشتراكي وهي المؤسسة التي تعمل بلا كلل من أجل مجتمع متصالح مع ذاته خالي من المنغصات العنصرية في مدينة تميّزت بفسيفساء خاص في تكوينها مجتمع لكل أبنائه نموذجي ومتعدد الثقافات والحضارات. الحملة المسعورة والمعزوفة المشروخة هذه جاءت على خلفية مشاركة المجموعة 194 بمشروع لمكافحة الإنزواء والتقوقع بالتعاون مع مؤسستين أخريتين برعاية مؤسسة بيت الشعب. نعلم أنها معزوفة قديمة جديدة ومن عازفين لا همّ لهم سوى تقديم ولاء الطاعة للحركة الصهيونية حتى ولو كان عزفا نشازا قدّ ملّ من سماعه سكان مدينة مالمو والتي بالتأكيد يشكّل منتسبي المجموعة 194 جزء منهم وهم أكثر إصرارا على مواصلة دورهم الإيجابي إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني في بلدية مالمو وكذلك إلى جانب الأحزاب السويدية الغير عنصرية للمحافظة على إنجازات أبناء مالمو لا بل والعمل على تطويرها إلى الأفضل دائما وهم أكثر تصميما على مواصلة النضال من أجل مالمو أكثر أمانا يمد فيها الجميع يده للجميع وهذا بالتأكيد لم ولن يكون مصدر فرح وسعادة لعتاة المتصهينيين وبوقهم الوقح صحيفة إكس بريسن وذلك على خلفية عنصرية حيث تحفر أمام كل من هو ناجح في هذه المدينة الرائعة تحديدا إذا ما وقف خلف هذا النجاح مؤسسات أو أشخاص من أصول أجنبية. كثيرا ما رأينا تلك الصحيفة تفرد على صفحاتها إتهامات مفبركة وكاذبة كما جرت العادة تطال فيها المجموعة 194, ففي العام 2017 وحين حصلت المجموعة على جائزة مشتركة مع جمعية صومالية كأفضل جمعية في ذلك العام من بلدية مالمو على خلفية دورهما المتميّز في المحافظة على الأمان في مالمو, قامت قيامة تلك الأصوات منددة بما أسمته مكافأة جمعية معادية للسامية وداعمة للإرهاب معللة أن منتسبي المجموعة من أنصار الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي نفذ مقاتليها عملية معالوت الشهيرة. وبما أننا في حضرة معالوت ترشيحا الفلسطينية والتي إحتلها الصهاينة عام 1948 أصبح لزاما عليّ كصحفي أن اوضّح التالي أولا أن المجموعة 194 هي جمعية سويدية مسجلة وتخضع للقوانين السويدية. ثانيا من حق كل شخص فلسطيني أن يناصر بالرأي أي موقف سياسي لأي فصيل فلسطيني طلما إقتنع بصحته, وهم الذين ينحدرون من أصول فلسطينية شرّد آبائهم وأجدادهم من مدنهم وقراهم من وطنهم فلسطين وما زالوا متمسكين بحقهم المشروع في العودة, سيما أن هذه الفصائل هي فصائل مؤسسة في منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت السويد سبّاقة للإعتراف بها وفي إقامة أقوى العلاقات معها. ثالثا إن الأقلام التي تبعث بسمومها عبر صحيفة إكس بريسن وحين تناولت سابقا الجبهة الديمقراطية بأنه تنظيم مصنّف إرهابي كانت قد كذبت على قرائها وحاولت أن تخدعهم وعندما واجهناهم بالحقائق وطلبنا منهم أن يأتونا بدليل موثق يؤكد صحة إدعائهم, تراجعوا. أما اليوم فيعودون ليمارسون سياسة الكذب والخداع بحق قرائهم وهم يتناولون اليوم الجبهة الديمقراطية التي كانت مصنفة على لائحة الإرهاب, وهذا أيضا خداع جديد مكرر للقارىء ومحاولة مقصودة للإستخفاف بعقل الرأي العام السويدي لأن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطسن لم تصنّف في السويد أو في الإتحاد الأوروبي أو حتى في الأمم المتحدة بأنها تنظيم إرهابي, إلاّ إذا كانت الصحيفة تستقي معلوماتها من مصادر الدولة الراعية للإرهاب وقادتها متهمون بالوقوف خلف, وإرتكاب العديد من المجازر الجماعية والفردية بحق الشعب الفلسطيني والكثير منهم ممنوع من دخول اوروبا حتى لا يكون عرضة للإعتقال والمحاكمة. أما معالوت وما جرى فيها ما علاقة جمعية سويدية فيها, وغالبية أعضاء الجمعية إما ولدوا بعد تاريخ العملية أو كانوا حينها أطفالا, بمعنى آخر أن لا علاقة لهم بما حصل حينها, وإذا أردتم أن تحاكموهم على مناصرتهم بالرأي لسياسة الجبهة الديمقراطية, لماذا لا تعرّفوا الرأي العام السويدي بأن الجبهة الديمقراطية هي من بادرت في العام 1973 إلى تقديم برنامج سياسي يقوم على إيجاد تسوية سياسية للصراع الدائر وعرف حينها بالبرنامج المرحلي جوهره إقامة دولة مستقلة على الأراضي التي أحتلت في العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية مع ضمان عودة اللاجئين عملا بالقرار الأممي 194. فاجأني الكتّاب الفطاحل أنهم لم يعودوا إلى الإرشيف الإسرائيلي نفسه ليستقوا منه معلوماتهم, لآن في ذلك أن يكون له وقع الصاعقة عليهم وأنا أعتقد أنهم يعلمون ويعلمون الكثير ولكنهم متقصدين مرّة أخرى أن يستخفوا بعقول الناس, لأن التقارير الإسرائيلية كانت قد حمّلت حينها وزير الدفاع موشيه دايان المسؤولية حين أصرّ على إتباع سياسة مخادعة بعد أن جرت عملية تفاوض برعاية دبلوماسيين أوروبيين, كادت أن تؤتي بثمار إيجابية وكانت كفيلة أن تجنّب جميع الأطراف كل تلك الدماء بفعل سياسة التهوّر والإصرارعلى الحسم العسكري وذلك بأوامر مباشرة من موشيه دايان الذي أمر جنوده بإقتحام المبنى ما أدى إلى تلك النتيجة وإلى إقالة موشيه دايان وتحميله المسؤولية ما أفقده مستقبله السياسي والعسكري بعد أن كان يعد واحدا من أهم جنرالات إسرائيل. طبعا هذه الحقائق تتعمّد إكس بريسن تجاهلها والهدف واضح وهو مزيد من التضليل للقارىء والكذب عليه وأنا الذي ترددت كثيرا في الرد على هذه الأقلام قبل أن أقرر عدم خيانتي للأمانة الصحفية وضرورة مواجهة القارىء بكل هذه التفاصيل. صحيح أن للمجموعة 194 خصوصية جعلت من اليمين المتصهين مهاجمتها إلاّ أنها لم تكن الوحيدة التي كانت عرضة لإتهامات وإفتراءات الصحيفة وأقلامها, حيث لم تسلم مؤسسة الفيلم العربي ولا مؤسسة إبن رشد ولا غيرهما من كذب وتحريض هذه الصحيفة. الموضوع الأكثر حساسية والذي دائما ما تشهره الصحيفة بوجه الجمعيات والأشخاص هو معاداة السامية أو التحريض على اليهود وذلك بإتباع أسلوب غاية في الغباء متجاهلين بأن الفلسطينيين هم من ينتسبون إلى سلالة سام وأنهم أي الفلسطينيون يهودا ومسلمين ومسيحيين تاريخيا كانوا يعيشون بأمان سوية في فلسطين وأنهم جميعا يميزون بين حرية الإعتقاد للفرد وبين الحركات السياسية التي تستغل الدين تماما كما فعلت وتفعل الحركة الصهيونية. ما هو رأي الصحيفة وأقلامها المشهورة مثلا بحركة ناطوري كارتي اليهودية ولماذا تمارس الحركة الصهيونية بحقهم سياسة معاداة السامية وهم أنفسهم يهود ومتشددين بإنتمائهم لدينهم؟ المسألة ببساطة لأن حركة ناطوري كارتي لا تؤمن بالصهيونية ولا حتى بقيام دولة إسرائيل ويعتبروا أنفسم يهود فلسطينيين ولذلك تراهم مهمشين وملاحقين, أليس هذا الموقف معاداة للسامية. بإختصار شديد إن كل ما نراه من مواقف تتبناها صحيفة إكس بريسن وأقلامها لا تستهدف المجموعة كجمعية بحد ذاتها وإنما الهدف واضح للعيان وهو العنوان أي الرقم 194 ولما يحمله من معاني هو الذي ما زال يرعب اليمين المتصهين وأن الموقف منه هو موقف من الشرعية الدولية التي إتخذت هذا القرار الأممي بعد نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948 وقوّة هذا القرار تكرّست حين ربط وإشترط المجتمع الدولي أن الإعتراف بدولة إسرائيل مرتبط بإلتزام الإخيرة تنفيد القرار وكيف كلفت الأمم المتحدة الكورت برنادوت لمتابعة تنفيذ القرار وأثناء زيارته تم إغتياله وصدرت مذكرات جلب بحق إسحاق شامير الذي أتهم بالوقوف خلف عملية الإغتيال ولكن هذا الشخص أصبح فيما بعد رئيسا لحكومة إسرائيل. كم كنت أتمنى على الصحيفة أن تقلع عن عنصريتها وأن تكف عن لعب دور الأرجوحة بين اليمينين العنصري والمتصهين وأن تلعب دورا إيجابيا في دفع عجلة الإندماج إلى الأمام, خطوة على طريق بناء مجتمع متعدد الثقافات نموذجي وأكثر أمانا يعيش فيه أبنائنا بطمأنية على مستقبلهم. تشرين اول 2020 |