يا ثوار العراق الأماجد
لتجعلوا من ذكرى تشرين بزوغ فجر جديد
جواد وادي
لم يعد ممكناً بقاء الوضع الكارثي في العراق وتمدد مافيات الفساد ونواياهم الشريرة قابلا للتحمل والتعامل الصامت والسلبي مع ما يجري من هدم لكل شيء مع فلول المرتزقة ممن نذروا انفسهم وتجندوا لبيع العراق في أسواق (الخردة) بعد ان جزؤوه الى قطع غيار لا تصلح لأي شيء، وهذا ما ارادوه وخططوا له أعداء الوطن ممن تمكنوا من بسط سيطرتهم وممارسة عبثهم لتصفية الحساب مع الشعب العراقي ومستقبل العراق والحؤول دون النهوض من جديد بعد أن خرج من قمقم سلطة البعث الفاشي، تنفيذا لأجندات دول ناصبت وتناصب العداء للعراق والعراقيين، لتحرك ماكنات القتل التي زرعتها ووجهتها عبر اذرع خيانات تنتمي للعراق ولادة وتدين بالولاء لأعدائه، وتسمح لكل من هب ودب لأن يبسط سلطته حتى وإن كان من خارج البلد وبدفاع مستميت وتخريبي لتحويل هذا البلد العريق الى تابع وخانع وذليل من خلال تشكيل مليشيات لا علاقة لها بالسلطة، لتؤسس لسلطتها المستقلة الخارجة عن القانون والقيم المجتمعية وتتخذ قراراتها لتحديد مصائر الناس في كل شادة وفادة، وتتدخل حتى في لقمة العيش اليومي لمسحوقي العراق، بعد أن كونت أثرياء وسماسرة وقوادين، وحولتهم الى روبوتات وآلات شطرنج تحركهم كيفما تريد، وتشحنهم بالحقد والكراهية وضغائن لم نعرف لها مثيلا.
أن الابتلاء الذي خيّم على العراق منذ سقوط طغمة البعث الفاشي وسلطة صدام المجرم، جاء من لدن من كانوا يعادون سلطة البعث كما يدّعون، ليتحولوا بقدرة قادر من ضحايا ومتضررين وملاحَقين من طغمة البعث الى جلادين وقتلة بأساليب أعتى وأعنف واشد حقدا على أبناء جلدتهم.
وهذا السيناريو العجيب الذي يمر به العراق وما يجري من انفلاتات لا يمكن فهم تفاصيلها، ونحن نعيش حالات من الرعب والخوف والتهديد المتواصل والاستحواذ على كل شيء بطرق بلطجية تعيد الى الذاكرة ما كان يفعله مجرمو البعث، ولعل هؤلاء تجاوزوهم في افعالهم الشريرة، فأشاعوا المحاصصة وتقاسموا الغنائم واوقفوا عجلة التطور بكل حيثياتها لبلد خارج للتو من محارق صدام ليدخلوه في محارق اشد وافتك، ويضعوا مصائر الناس ومقدراتهم وسبل عيشهم على كف عفريت.
وإزاء هذا الخراب وما يحدثه من فواجع شملت كل شيء وازالت ما تبقى من بصيص أمل للعراقيين، لتضع العراقيين الأحرار وخصوصا الشباب منهم أمام تحدي مصيري وحاسم، ليتحول الشباب المتضرر من سياسة بلطجة أحزاب الإسلام السياسي، شيعية كانت ام سنية “ويا للألم الممض ونحن نذكر هكذا تقسيمات طائفية لم نكن نعرفها أو نحترمها” عربية أم كردية، مسيحية أم مسلمة، صابئية أم شبكية أو بهائية، بتأسيس مقيت لطائفية دينية ومذهبية واثنية وقومية ومناطقية، تنفيذا للشعار سيء الصيت (فرّق تسد)، وامتدت اذرع الخراب والنهب والفساد وترك دار لقمان على حالها في كل مناحي العراق الجريح.
توالى على سدة القرار فاشلون واميون وجهلة وانصاف متعلمين وقتلة ومجرمون وفلول لا تعرف الرحمة، لأنها توضئت بمال النهب والفساد والاستحواذ بالمطلق على ميزانية البلد المنكوب، نذكر هذه التفاصيل ودواخلنا يملؤها القيح وصدئت اجسادنا وسالت دماء العراقيين على كامل التراب العراقي ولم يسلم من حقد رصاصهم، لا شباب ولا كهول ولا أطفال ولا نساء، لا متعلمون ولا مفكرون ولا فعاليات عراقية يشار لها بالبنان، تمت تصفية الحساب مع كامل مكونات العراق المتنورة، ولم يسلم من حقد دبابيرهم إلا الخونة والمنافقون واللصوص ومن وضع نفسه في خدمة من يخطط لهم لإنهاء البلد وتفريغه من كل شيء.
فلا غرو اذن ان ينهض شباب العراق الأحرار للتصدي لهذه الذئاب المفترسة والضالّة، لنجد أن الشباب العراقي الثائر يتحول الى احرار حقيقيين أهذلوا العدو قبل الصديق، منذورين للتضحيات الأسطورية والتحدي الباسل لرصاص الجبناء والخونة، فيذهب مئات الشباب وآلاف الجرحى فداء للوطن والخلاص من هذه الطغمة الجبانة بكل مكوناتها، مسؤولين ومسلحين واعوان للحقد والضغينة، هؤلاء القتلة ظنوا أنهم سيظلون على سدة النهب والسرقات بهذه الأساليب القذرة، ونسوا أو تناسوا حجم الظلم وممارسات الإبادة التي ارتكبتها فلول البعث المقبور وفدائيي صدام القتلة، وكيف كان مصيرهم وأين هم الآن متمثلين بمن كان يشحنهم بالحقد ويدفعهم لارتكاب الجرائم.
ولكن يبدو أن القتلة الجدد أوقفوا كل مجسّاتهم وتحولوا الى أدوات قتل منزوعة الضمائر والمروءة ليشحنهم قادتهم المجرمون بكل أنواع الحقد لتصفية الحساب مع أبناء (وطنهم)… ويا للهول…
إن فرصة التغيير لإخراج البلاد والعباد من المحن التي مورست ضدهم من الضالين والمنحطين وفاقدي الآدمية أصبحت متاحة اليوم للخلاص من ممارسات الهمج والقتلة والفاسدين، وهذه الفرصة قد لا تتكرر اذا ما تقاعس ثوار الأمل وبردت جذوة ثورتهم المباركة وامامنا يومان لمرور عام على ذكرى شهداء الثورة وجرحى أسلحة الجلادين ممن لم يتوانوا في توجيه رصاصهم صوب صدور شباب يافع لا يطلب غير الحرية والكرامة والخبز واستعادة الوطن الذي سرقه الطغاة الجدد.
فلا مجال للتخاذل او التراجع او الخوف مما ينتظرهم، بعد أن تبين جليا أن الجلادين والخونة في حيص بيص من أمرهم، يخشون زحف الطوفان البشري الثائر صوب جحورهم في الخضراء، خشية أن يلاقوا ذات المصير الذي ناله طاغية العراق المقبور، ولعلهم قبل الخطوة الأخيرة للزحف المبارك يتراجعون عن غيّهم ويحكّموا بصيرتهم، رغم اننا نشك في الاحتكام عليها، لأنه ليس من الحكمة مطلقا ومهما كانت المبررات وتشعبت الأسباب، أن يوجهوا رصاصهم وماكنات ابادتهم المتنوعة صوب شباب لا يملكون من احتجاجهم السلمي المشروع سوى أجسادهم العارية وراياتهم واصواتهم الصادحة، وهم يطالبون باسترجاع وطنهم المسلوب والعيش بكرامة ورفعة وسلام كبقية شعوب العالم المتحرر، وهذه المطالب هي ابسط ما يسعى اليه المغلوبون على امرهم من مسحوقي العراق المتضررين من سياسة البلطجة والتخوين بذات الاتهامات التي كانت السلاح المثلوم لحكم البعث المقبور.
إن شباب تشرين الثائر تضاعفت عليهم المسؤولية الكبرى باستعادة حقوق الضحايا من زملائهم الأبرار وكافة المعطوبين وجرحى الحراك المبارك، فلا يضيّعوا هذه الفرصة العظيمة لهدم معاقل القتلة واسترداد حقوق الضحايا من ثوار تشرين الأماجد.
كلنا أمل أن تكون صرختنا ذات مغزى وأن تلقى الآذان التي تحقق أملنا في التغيير وتشفي صدور عوائل الشهداء وامهاتهم الثكالى ويتم أطفالهم وحسرة أحبتهم، ونحن نلاحظ أن القتلة يزدادون فتكاً بالأبرياء ولا يهابون العواصف التي ستسحقهم دون رحمة.
فلا تخيبوا أمالنا أيها الأبطال والنصر بات قاب قوسين، وإن انتصار الثورة المباركة لا بد من ضحايا للتعمّد بدماء الحرية التي عادت مطلبا إنسانيا ووطنيا، لتتحقق من خلالها العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية واستقلال الوطن الذي عبث به الفاسدون والأذلاء وعديمي المروءة والضمائر.
وليكن يوم الخامس والعشرين من تشرين المبارك يوم الانتصار الحقيقي على الظلم والاستبداد والفساد واسلحة الفتك الجبانة ومصادرة حقوق الناس.
بورك حراككم شبابنا الابي الثائر وستكتمل فرحتنا بكم ومن خلالكم لكافة احرار العراق والعالم.
قلوبنا معكم في ذلك اليوم الأغر