واشنطن تجهز حلف الناتو لمواجهة وشيكة مع جماعات الكاتيوشا في العراق

بغداد/ تميم الحسن

زادت فصائل مسلحة من استعداداتها بعد 24 ساعة من استهداف السفارة الاميركية في بغداد، بينما لا يبدو هناك رد من واشنطن حتى الآن. وقبل نهاية 2020 كانت خيارات اميركا بضرب الجماعات التي تقصف سفارتها في العراق، عالية جدا قبل ان يغادر دونالد ترامب البيت الابيض.

وبحسب سياسيين فان ادارة الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن، قد ابتعدت ولو مؤقتا عن المواجهة، وانها قد تنتظر شركاء جدد قبل الرد.

وبدأت بعض الفصائل عقب ساعات من قصف سفارة واشنطن في بغداد، باستبدال مواقعها خوفا من تعرضها لضربات جوية.

ووفق مصادر (المدى) فان “بعض الفصائل استخدمت بنايات قديمة كمواقع بديلة، فيما نشرت اخريات صواريخ قرب معسكرات في غربي البلاد للرد في حال تعرضها لهجوم”.

وكان بايدن قد اجرى اول اتصال مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في اليوم التالي لهجوم السفارة. وشدد على ضرورة “محاسبة المسؤولين” عن الحادث.

ووصف الكاظمي الصواريخ التي استهدفت المنطقة الخضراء مساء الاثنين، بـ”العبثية”، فيما أشار إلى أن هدفها إعاقة تقدم الحكومة.

وكانت معلومات حصلت عليها (المدى) اكدت ان الحكومة حددت فصيلين مسلحين ضالعين بالهجمات على القوات الاميركية، احدهما مشارك في العملية السياسية.

وتسبب هجوم الخضراء ليلة الاثنين، بتدمير 4 عجلات مدنية، حيث سقط صاروخ على مرائب للسيارات في منطقة الحارثية، وصاروخين داخل المنطقة الخضراء.

وكان من المتوقع ان تقوم واشنطن بالرد، خصوصا وان الهجوم جاء بعد ايام قليلة من هجوم مماثل على قاعدة اميركية في اربيل وتسبب باصابة 5 اميركان بينهم جندي.

لكن الاجابة الاميركية جاءت دبلوماسية، فيما يقول اثيل النجيفي وهو قيادي في جبهة التنمية والانقاذ، ان “هناك تغييرا كبيرا في سياسة بايدن عن سلفيه ترامب وباراك اوباما”.

مهمة جديدة للناتو

ويعتقد النجيفي في اتصال مع (المدى) ان “واشنطن لم تعد تثق بالشركاء السابقين في مواجهة ايران واذرعها في العراق، وهي تقوم الان بتحشيد العالم وتنتظر شريكا آخر وهو الناتو”.

وكانت قوى شيعية قد هاجمت في تصريحات صحفية خطة توسيع “الناتو” مهمته في العراق إلى ثمانية أضعاف حجمها الحالي.

ويؤكد النجيفي ان “واشنطن لا تريد الدخول في الملف العراقي لوحدها، وستعطي الثقل الاكبر من المهمة الى الناتو”. وكانت تقارير غربية قد المحت في وقت سابق، الى ان مهمة جديدة للناتو في العراق ستستهدف “الجماعات المارقة”.

واشارت تلك التقارير الى امكانية “مساهمة حلف شمال الاطلسي (الناتو) في حملة لردع (ميليشيات مسلحة جديدة) في العراق، عقب الهجوم الصاروخي على مطار اربيل، الاسبوع الماضي، والذي تبنته جماعة تطلق على نفسها اسم (سرايا اولياء الـدم)”. وأشار التقرير إلى ان حلف الناتو وافق الاسبوع الماضي على زيادة حجم قواته في العراق من 500 إلى اربعة آلاف.

ونقل التقرير عن خبراء قولهم، إن “هذه الجماعات هي افرع مارقة خارجة من فصـــــائل الحشد”، مشيرة إلى أن “عددها تزايد منذ حادثة المطار في بداية العام 2020”.

ويعود النجيفي ليقول انه “حين تحصل ايران على اتفاق جيد مع الولايات المتحدة ستترك المليشيات لوحدها في العراق”.

وأعلن البيت الأبيض في بيان الثلاثاء أن الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بحثا الهجمات الصاروخية التي استهدفت خلال الأسبوع الجاري سفارة الولايات المتحدة في بغداد، وأكدا ضرورة “محاسبة المسؤولين” عنها.

وأشار البيت الأبيض في بيانه إلى أن “الرئيس (بايدن) أكد دعم الولايات المتحدة لسيادة العراق واستقلاله وأشاد بقيادة رئيس الوزراء”.

وأوضح البيت الأبيض أن بايدن والكاظمي “ناقشا الهجمات الصاروخية الأخيرة ضد أفراد القوات العراقية وقوات التحالف واتفقا على ضرورة محاسبة المسؤولين عن مثل هذه الهجمات بالكامل”.

وأضاف البيان أنهما “ناقشا أيضا أهمية دفع الحوار الستراتيجي قدما وتوسيع التعاون الثنائي في قضايا كبرى أخرى”. وتعهد الكاظمي في اكثر من مرة بمحاسبة الفاعلين. وقال الثلاثاء في جلسة لمجلس الوزراء ان “أرض العراق لن تكون ساحة لتصفية الحسابات… أجهزتنا الأمنية ستصل إلى الجناة وسيتم عرضهم أمام الرأي العام”.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها حتى الآن عن هجوم السفارة الاخير، فيما حذّرت الولايات المتحدة، إيران من أنّها ستحمّلها “المسؤولية” عن أفعال أتباعها في العراق، لكنّها أكدت في الوقت نفسه أنّها لن تسعى لتصعيد النزاع حتى “لا يصبّ في مصلحة إيران”.

المعادلة الصعبة

في غضون ذلك يقول النائب السابق مثال الالوسي ان “بايدن بخبرته الكبيرة في العراق، يعرف ان القرار السياسي مسلوب من قوى سياسية تابعة لايران وخاصة للحرس الثوري”. ويضيف الالوسي في اتصال مع (المدى) ان “واشنطن حثت العراق في اكثر من مرة على مواجهة المليشيات لكنها تتراجع بعد ذلك بسبب توافقات مع طهران على حساب بغداد”. ويشير النائب السابق الى ان “الكاظمي لديه نية في المواجهة لكنه لا يمتلك القدرة على ذلك”، مبينا ان “الحث الاميركي للحكومة العراقية غير مجد بدون تدخل مباشر من واشنطن”. كذلك يلفت الالوسي الى ان رئيس الوزراء لديه تحالفات سياسية مع اطراف عراقية تابعة لايران، لكنه مخابراتيا (حيث لايزال الكاظمي المسؤول عن جهاز المخابرات) شريك لأمريكا “وهذه المعادلة لا تأتي بثمار في الوضع الحالي”.

المصدر