ماكرون وشيخ الازهر وحفيد العثمانيين

متي كلو

“لا يمكن ان تبنى الوطنية على اي اساس غير العلماني”

جواهر لال نهرو

قال إيمانويل ماكرون “الإسلام يعيش اليوم أزمة في كل مكان بالعالم، وعلى فرنسا التصدي للانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام موازٍ وإنكار الجمهورية الفرنسية”، مضيفاً خلال زيارة لضاحية لي ميرو الفقيرة في باريس: “ما نحتاج لمحاربته هو الانفصالية الإسلامية.. المشكلة في أيديولوجية تدعي أن قوانينها يجب أن تعلو على قوانين الجمهورية”.

حديث الرئيس الفرنسي اثار عاصفة من الغضب والتشنج والتهيج والرعشة والتذمر والتوتر والضغط النفسي وخفقان القلب! عند البعض، قبل ان ننتقل الى هؤلاء الذين اصابهم الارق، نسالهم، اليس من حق رئيس اي دولة في العالم ان يحافظ على بلده واسقراره وابعاد ابناء شعبه عن الارهاب و الفكر والتطرف الديني ليعيش بامن وسلام ! نعتقد لا يختلف اثنان بان للرئيس ايمانويل ماكرون له الحق باختيار الطريقة التي يراها مناسبة لاستقرار فرنسا والمحافطة على علمانيتها وديمقراطيتها ولا يختلف اثنان ايضا بان فرنسا تعتبر من ارقى الدول احتراما لحقوق الانسان سواء كان مواطنا فرنسيا او وافدا من دول اخرى ويتمتعان الاثنان بنفس الحقوق والواجبات.

من اوائل الذين اصابهم التشنج والغضب حفيد العثمانيين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي رد بشكل لا يليق الا باسلوب اجداده حينما رد على ماكرون واصفا تصريحه ” وقاحة وقلة ادب ” والسؤال هل يريد ماكرون ان ياخذ الاذن من اوردوغان ليستاذنه عن الاسلوب الذي يخاطب به شعبه! ويحافظ على ابناء شعبه من الهجمات الارهابية التي تضرب فرنسا بين حين واخر بيد الاسلاميين المتطرفيين والجميع يعلم بان أردوغان حوّل تركيا الى بؤرة ومرتعًا لكل صنوف الجماعات والأفكار الإرهابية.
يعيش في فرنسا اكثر من 5 ملايين مسلم بينهم ثلاثة ملايين يحمل الجنسية الفرنسية يتمتعون بكافة الحقوق التي يتمتع فيها المواطن الفرنسي وبرز بينهم وزراء مثل يمنة زهرة بلعيدي و حملاوي مكاشرة و قادر عريف و جانيت بوغراب ومستشارون واعضاء في مجلس الشيوخ و في فرنسا اكثر من 130 مسجد واكثر من 2000 من الائمة وهناك عشرات الصالات الرياضية وقاعات للاحتفالات تتحول الى مساجد للصلاة ايام الجمع يمارسون فيها شعائرهم الاسلامية بكل حرية وكما نعلم بان الكثير من هؤلاء الائمة متطرفون وينشرون خطب الكراهية ضد الشعب الفرنسي.

في فرنسا العلمانية تتساوى فيها حقوق الفرنسي وغيره من المهاجرين ويصف اردوغان الرئيس الفرنسي بقلة الادب، فماذا نطلق على اوردوغان عندما يحول كنيسة تاريخية الى مسجد و المسيحيين في تركيا ليسوا مهاجرين او لاجئين بل اصحاب الارض! ولماذا يتم تعتيم الرسومات على جدران الكنيسة! بماذا نصف اردوغان عندما تتحول مئات الكنائس الى مساجد او تغلق، بماذا نصف اردوغان عندما أجبرت الحكومة التركية زعماء 18 كنيسة يهودية ومسيحية، على التوقيع على إعلان يفيد بأنهم يتمتعون بالحرية الدينية،اليس هذا قلة الادب والضمير!

اما الاخر الذي غضب على تصريحات الرئيس الفرنسي فهو شيخ الازهر احمد الطيب الذي هاجم بقوة تلك التصريحات الذي وصفها بأنها تصريحات عنصرية من شأنها أن تؤجج مشاعر ملياري مسلم” الظاهر ان هذه التصريحات اججت مشاعر الشيخ الطيب الرقيقة والشفافة ولكن عندما تم حرق وتدمير وحصار اكثر من 100 كنيسة في المنيا واسيوط والفيوم والجيزة والسويس وسيناء والاقصر وسوهاج وبني سويف وغيرها واستهداف محلات وممتلكات الاقباط من عناصر ارهابية واختطاف القبطيات لم تؤجج مشاعر الشيخ الطيب ! وعندما احتلت الدولة الاسلامية في العراق والشام المدن والارياف ودمرت البنية التحية ونحرت الرجال والنساء والاطفال كالنعاج بسيف التطرف وذبحت المئات من ابناء الشعب العراقي وشردت الالاف باسم الاسلام لم تؤجج مشاعر الشيخ الطيب،وعندما فجروا الكنائس والمساجد والاماكن الاثرية وشردوا الالاف لم تؤجج مشاعر الشيخ الطيب! حيث رفض تكفيرهم عندما قال”لكي تكفر شخصا يجب ان يخرج من الايمان وينكر الايمان بالملائكة ” ويرفض تكفيرهم لانهم من اهل القبلة ونطق الشهادتين!! وقال نصا”لا استطيع تكفير “داعش” لانهم يؤمنون بالله” اذا كل هذا الاجرام الذي اقترفوه هؤلاء الارهابين ليس الخروج عن الايمان! ولا نعلم اي ايمان الذي يؤمن به الشيخ الطيب! وهذا تاكيد بان ايمان الدواعش من نفس فصيلة ايمان الشيخ الطيب!

اما الطيب الثالث الذي اصابه الغضب ايضا فهو علي محيي الدين القره داغي الامين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فهو احد تلامذة يوسف القرضاوي في قطر كان له ردا لا يقل عنفا او غضبا من رجب طيب أردوغان او الشيخ الطيب ، حيث خاطب ماكرون قائلا“أنتم في أزمة، أزمة انتكاس أخلاقي وإنساني وسياسي” وسؤالنا للثلاثة”الطيبين” الم تسمعوا بان السعودية تقوم باعدام من يقوم بادخال المخدرات والانجيل الى اراضيها! وانتم تقولون بان الانجيل كلام الله!

هناك الكثير في جعبتنا عن التطرف الديني ولكن نود نختصر ونقول لهؤلاء الثلاثة وغيرهم الذين كشروا عن انيابهم ليهاجموا فرنسا العلمانية ، التي يتساوى فيها الجميع وليس في دستورها مادة حول المذهبية او الطائفية او القومية بل المواطنة وولائها للوطن اولا ، وسؤالنا الاخير ماذا يقول هؤلاء”الثلاثي” عندما خصص ماكرون 10 ملايين يورو الى مؤسسة اسلام فرنسا، نقول لهؤلاء الثلاثة بان فرنسا تبقى علمانية والعالم في طريقه الى النظام العلماني بعيدا عن الارهاب بجميع اشكاله وتطرفه!

المصدر