سلطة الشيعة وأمريكا.. كواليس لقاء نادر جمع خامنئي بقادة فصائل عراقية

كشف موقع “ميدل ايست آي” البريطاني، الخميس، عن أمر وجهه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الأسبوع الماضي، للفصائلَ العراقية الشيعية بوقف هجماتها على المصالح الأمريكية فوراً.

ونقل الموقع عن قائد بارز لأحد الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، والمشاركة في الهجمات، قوله إن أوامر خامنئي كانت واضحةً وصريحة: “يجب أن تتوقّف كل الهجمات التي تستهدف المصالح الأمريكية في العراق”.

كتائب حزب الله، الفصيل الأكثر عداءً للولايات المتحدة والمتهم بتنفيذ غالبية الهجمات، كانت أول المستجيبين لأوامر خامنئي، وسرعان ما تبعتها حركة النجباء وغيرها من الفصائل الصغيرة.

بينما قال قائدٌ بارز في واحدةٍ من تلك الفصائل المشاركة في الهجمات للموقع البريطاني: “يسعى الأمريكيون إلى تأليب الناس ضدنا بمختلف الطرق، لذا قرّرنا إحباط جهود الأمريكيين في هذا الصدد وهو أكثر أهميةً من استهداف السفارة الأمريكية”.

وأضاف أن “تهدئة الشارع العراقي، والحفاظ على الحكومة العراقية والعملية السياسية هي أمورٌ لها أولويةٌ الآن، وبالتالي تَقرَّر وقف كافة الهجمات التي تستهدف المصالح الأمريكية في العراق حتى زوال الخطر”.

التحوّل الكبير في موقف الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، وتوقيت إعلان هذه الهدنة الأحادية أثارا العديد من التساؤلات حول الهدف الحقيقي وراء القرار، وملابساته، ومدته الزمنية، ومن الطرف الضامن للقرار، والأهم من ذلك هو هوية صاحب القرار.

وقال مسؤولون عراقيون وقادةٌ للفصائل المسلحة للموقع إنّ الفصائل المسلحة شُجِّعَت على مهاجمة الأهداف الأمريكية من أجل الضغط على ترامب وحلفائه داخل العراق، ودفعهم إلى اتّخاذ تحركات متهورة تؤدي به إلى خسارة الانتخابات.

رغم ذلك يبدو أنّ الحسابات تغيّرت بعد أن تأكّد الإيرانيون من خطورة التهديدات التي نقلها بومبيو من خلال الرئيس العراقي برهم صالح، بأنّ الولايات المتحدة ستضرب مصالح إيران وحلفائها داخل العراق، وفقاً لزعيمٍ شيعيٍّ بارز مقرب من طهران.

السياسي الذي شارك في المحادثات مع إيران، قال للموقع البريطاني إن الإيرانيين تلقّوا نصيحةً بالغة الأهمية من حليفٍ مشترك كان له دورٌ واضح في تغيير موقفهم، ونصّت النصيحة على تجنُّب استفزاز ترامب في هذه المرحلة، لأنّه جادٌ حيال تهديداته، ولأنّه يائسٌ ولن يتردد في اتّخاذ أي تصرف متهور سيُكلّف الجميع خسائر فادحة. وأي تحرّك عسكري داخل العراق الآن يعني سقوط الحكومة العراقية، ولن تستطيع إيران نفسها التعامل مع تداعيات سقوط الحكومة، وخاصةً التداعيات ذات الطبيعة السياسية والمالية والاقتصادية.

ذلك “الحليف المشترك” المزعوم هو بريطانيا، البلد الذي يرى القادة الشيعة أنّه الطرف الحقيقي على الساحة العراقية في الوقت الراهن، ويُعزى له الفضل في إقناع الإيرانيين بتجنّب استفزاز الأمريكيين واتباع خيار التهدئة.

كما أضاف السياسي أنه لا تتوافر معلومة واضحة، ولكن كل المؤشرات تُشير إلى أنّ البريطانيين هم من أدوا دوراً مؤثراً هذه المرة، رغم أنّهم لم يظهروا في الصورة كعادتهم.

على غير العادة، لم تُنقل تعليمات خامنئي هذه المرة إلى الفصائل المسلحة عبر القنوات المعتادة أو المسؤولين الإيرانيين العاملين في العراق.

بدلاً من ذلك، ونظراً لأهميتها، جرى استدعاء قادة أبرز الفصائل إلى قُم للقاء خامنئي، وفقاً لما أفاد به 3 من قادة الفصائل، بينها أقدم جماعة شيعية مدعومة من إيران في العراق، وهي منظمة بدر، وكتائب حزب الله، وأكثر الفصائل نفوذاً، وهي عصائب أهل الحق، وأُجرِيَ أكثر من اجتماع مع خامنئي.

بينما قال قائدٌ بارز لأحد الفصائل المسلحة إن جوهر الأوامر الصادرة كان الحفاظ على السلطة في أيدي الشيعة، وهذا يعني الحفاظ على منصب رئيس الوزراء والحكومة الحالية، يقول خامنئي إن الكاظمي شيعي، بغض النظر عن كونه صالحاً أو طالحاً من وجهة نظرنا، وسوف يرحل من منصبه إن عاجلاً أم آجلاً، لكن المنصب يجب أن يظل في يد الشيعة.

القائد أضاف أن خامنئي حذّر من أنّ أيّ هجمات الآن ستُهدد حكم الكاظمي، وبالتالي الاستراتيجيات السياسية للجميع، و”لذا فإنّ أي أنشطة قد تُهدّد الحكومة العراقية أو تضعها تحت رحمة الأمريكيين يجب أن تتوقّف فوراً”.

المصدر