رئيس مصرف التنمية: تخفيض نسبة فوائد الإقراض مرهون بشروط

بغداد- واع أكد ممثل العراق في اتحاد المصارف العربية رئيس مجلس إدارة مصرف التنمية الدولي زياد خلف عبد ،أن مواجهة الأزمة المالية تتطلب خريطة طريق لتفعيل القطاع الخاص، فيما شدد على ان تخفيض نسبة فوائد الإقراض مرهون بشروط. وقال عبد في مقابلة مع وكالة الأنباء العراقية (واع): إنه "يجب على الحكومة في الفترة المقبلة العمل على خريطة طريق واضحة ورؤية واضحة ،لغرض تفعيل دور القطاع الخاص وبكل تفرعاته ،وفي مختلف القطاعات الاقتصادية ،وبما يضمن زيادة الإنتاجية ،والتقليل من الأعباء المالية على الحكومة من خلال توفير فرص عمل للقوى العاملة"، لافتاً إلى أنه "من الضروري العمل في الفترة المقبلة على تحرير القطاع المصرفي ،والعمل على توفير جميع الدعم والسبل الممكنة لغرض النهوض بالقطاع ،الذي يعدُّ العامود الفقري ،والمحرك الرئيسي لبقية القطاعات الاقتصادية".
الحلولُ المقبلةُ
وأضاف عبد أن" هناك عدداً كبيراً من الحلول التي من الممكن أن تتطرق لها الحكومة في الفترة المقبلة ،منها تفعيل شراكات القطاع العام والخاص في جانب الكهرباء والطاقة والصناعة والزراعة ،وبما يضمن زيادة كفاءة هذه المؤسسات ،وأيضا التقليل من الأعباء المالية على خزينة الدولة ،وأيضا توفير البيئة المناسبة للاستثمار الأجنبي"، مشيراً إلى أنه "يجب النظر بموضوع الخصخصة للشركات الخاسرة ،التي تزيد من الأعباء المالية على الدولة بحيث تتم خصخصة هذه الشركات بشكل كلي أو جزئي وكل حالة على حدة ،ومن المهم في الفترة المقبلة قيام الحكومة بإعادة النظر بعدد كبير من التشريعات ،والتعليمات الخاصة بالاستثمار الداخلي والخارجي ،وبما يسهم في تطوير بيئة الاستثمار ،وتقليل الكلف والمخاطر والتحديات على الشركات التي تنوي الاستثمار في العراق. وأوضح أن "المصارف الأهلية والحكومية وبالتعاون مع البنك المركزي يجب أن تعمل على توفير الاقراض والتمويل الضروري للشركات في قطاعي الصناعة والزراعة ،وبما يساهم في تحول العراق من اقتصاد ريعي يعتمد على صادرات النفط إلى دولة مصدرة ،ولديها اكتفاء ذاتي".
ثورةُ المصارف
وأشار رئيس مصرف التنمية إلى أن "القطاع المصرفي الأهلي العراقي شهد ثورة ونقلة نوعية في السنوات القليلة الماضية ،وذلك من خلال الخدمات والمنتجات المصرفية والالكترونية المقدمة من هذه المصارف ،التي جاءت بعد أن أدركت المصارف الأهلية أهمية الاستثمار في جانب البنية التحتية ،والانظمة الالكترونية الضرورية اليوم لتطبيق التكنولوجيا المصرفية ،والتحول الرقمي ،وبما يسهم في توفير أفضل الخدمات المصرفية المتطورة"، مبيناً أن "عمل مصرف التنمية وبشكل جاد في تطبيق الممارسات المصرفية الرائدة من خلال توفير باقة متنوعة من القروض والسلف ،وبما يتماشى مع متطلبات الشرائح المجتمعية ،وأيضاً متطلبات الشركات الصغيرة والكبيرة ،وتوفير احتياجات التمويل المطلوبة ،حيث قام المصرف بمنح أكثر من (35) مليار دينار في جانب قروض التوطين ،وأيضاً أكثر من (15) مليار دينار في جانب تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى ذلك قام المصرف باستحداث منتجات متعددة في جانب الودائع ،وبما يسهم في جلب المودعين ،وتوفير الملاذ الآمن للاستثمار من خلال توفير عدد كبير من الودائع ،وباستحقاقات متعددة ،وذلك لتوفير نسب العوائد المرجوة لكل مودع ،والاستمرار بتوزيع أرباح هذا الاستثمار بشكل شهري لمساعدة الزبون على تغطية مصاريفه واحتياجاته اليومية".
نسبةُ الفوائد وفي ما يتعلق بنسب الفائدة على القروض ذكر عبد أن "المصارف تعتمد على سياقات وآليات محددة عند احتساب نسب هامش الفائدة ونسب الفوائد على الإقراض ،حيث يتم الأخذ بعين الاعتبار كلفة مصادر الأموال (Cost of Fund) أي بمعنى آخر الفوائد المدفوعة في جانب الودائع ،حيث تعتبر هذه النسبة في العراق مرتفعة جداً بالمقارنة مع دول الجوار والعالم ،التي تصل إلى أكثر من (7%) سنوياً على الدينار ، بالإضافة إلى ذلك فإن كلفة إدارة الأمول ونقلها وحفظها في العراق تعدُّ مرتفعة وفي ظل المصاريف التشغيلية المرتفعة ،وأيضاً كلفة التأمين على هذه الأموال، وعليه وللحفاظ على نسبة هامش الفائدة المقبولة عالمياً (2%-3%) فإن المصارف العراقية تجبر على الإقراض بما لا يقل عن (10%) سنوياً". وتابع أنه "وبناء على ذلك ونظراً لضرورة التقليل من نسب الفوائد المقبوضة من قبل المصارف في جانب الإقراض فإنه من الضرورة العمل على تحرير القطاع المصرفي ،والتقليل من هيمنة البنوك الحكومية على التعاملات مع القطاع العام ،وبما يعزز من مصادر الأموال المتاحة للقطاع المصرفي الأهلي ،والتقليل بشكل كبير على كلفة مصادر الأموال ،الأمر الذي سيسهم وبشكل مباشر في التقليل من الفوائد في جانب الإقراض"، منوهاً بأن "نسبة الفوائد المدفوعة على الإقراض تأخذ بعين الاعتبار المخاطر المتعلقة بالزبون ،وأيضاً العراق حيث أن الظرف الاقتصادي والأمني الحالي يفرض مخاطر مرتفعة على المصارف ،وبالتالي فإن العائد والمخاطر يجب أن يتماشيا سوياً وحسب الممارسات المصرفية العالمية". ولفت عبد إلى أن "الفوائد المدفوعة على الودائع الثابتة في العراق تعد الأعلى اقليمياً وعالمياً، حيث أنه وفي حال مقارنة الفوائد المدفوعة على الودائع في دول الجوار ،التي لا تتجاوز الـ (3%) سنوياً وفي الدول الأوروبية لا يتجاوز الـ LIBOR عن نصف بالمئة سنوياً"، مؤكدا أن "هذه الفوائد مرتفعة وذلك للمخاطر الكبيرة المتعلقة بالعراق ،وأيضا بسعر الصرف ،الذي يتعرض لتذبذبات كبيرة جراء الوضع الاقتصادي والأمني السابق، بالإضافة إلى أن ثقة القطاع العام والجمهور في القطاع الخاص ضئيلة جداً ،الأمر الذي يفرض على المصارف تقديم عوائد مغرية لجلب هذه الودائع".
ضمانُ الودائع
وبين أن "مشروع شركة ضمان الودائع يعدُّ أحد أهم المشاريع التي قام بها البنك المركزي في الآونة الأخيرة والأكثر أهمية وأولية بالنسبة للقطاع المصرفي الخاص ،حيث أن من شأن هذه الشركة العمل على زيادة ثقة الجمهور بالقطاع المصرفي الخاص ،وأيضاً زيادة الوعي والخبرة بضرورة التعامل مع المصارف ،وأسوة بما هو مطبق في دول الجوار"، موضحاً أن "هذه الشركة تهدف إلى توفير التغطيات المطلوبة للجمهور في حال تعثر أحد المصارف عن تسديد التزامته للمودعين، الأمر المهم جداً هنا أن المصارف مطلوب منها دفع تكاليف مقابل تغطية هذه المبالغ، وعليه فإن الجهات الرقابية في المصارف ،بما في ذلك قسم إدارة المخاطر ،وقسم السيولة سيكون لها دور كبير في إدارة محفظة الودائع بالنسبة للمصرف ،والعمل على الإدارة والموائمة ما بين استحقاقات الموجودات والمطلوبات بشكل سليم يضمن توفير السيولة المطلوبة في جميع الأوقات". ونوه عبد إلى أن "موضوع دمج المصارف هو أمر تحصيل حاصل وليس من الضروري أن يتم فرضه على المصارف، ويوجد في العراق اليوم أكثر من (40) مصرفاً أهلياً وتجارياً وإسلامياً، إلّا أن المنافسة الشديدة ما بين هذه المصارف ستفرض على المصارف الصغيرة الخروج من السوق أو أن تقبل الاستحواذ من أحد المصارف الكبيرة حيث أن هذه الظاهرة حصلت في أغلب دول الجوار ،ولن يكون مستقبل القطاع المصرفي العراقي الخاص مختلفاً عن هذه التجارب"، مشيراً إلى أنه "يتم حصر هذه المصارف خلال فترة الـ (5) سنوات المقبلة إلى (25) مصرفاً كما أن موضوع زيادة رأس المال للمصارف اليوم غير ضروري على الاطلاق ،حيث أن رأس مال المصارف العراقية يعدُّ الأعلى عربياً من ناحية متطلبات البنوك المركزية في دول الجوار ،بالإضافة إلى أن نسبة كفاية رأس المال ،والنسب الرقابية الأخرى المرتبطة برأس المال متحققة ،وبشكل كبير من قبل المصارف العراقية ،وعليه لا يوجد ما يتطلب زيادة رأس المال ،الذي يعدُّ رأس مال معطلاً".
تطبيقُ الحوكمة
وأكد عبد أن "البنك المركزي العراقي قاد في السنوات الثلاث الأخيرة عملية شاملة ،في ما يخص البيئة والإطار التشريعي والرقابي للمصارف ،وبالأخص مواضيع الامتثال، ومكافحة غسل الأموال، والحوكمة المؤسسية الرشيدة، وإدارة المخاطر والأنظمة والبنية التحتية لنظم تكنولوجيا المعلومات المستخدمة في المصارف، الأمر الذي أسهم في نقلة نوعية للمصارف العراقية أسهم في مساعدة مصارفنا العراقية على تطبيق الممارسات المصرفية الرائدة أسوةً بالمصارف في دول الجوار، مشدداً على أن "من أهم الإنجازات التي قام بها البنك المركزي مؤخراً إصدار قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 39 في العام 2015 ،الذي أعطى استقلالية تامة لمكتب الإبلاغ عن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب برئاسة محافظ البنك المركزي العراقي ، بالإضافة إلى إقرار تعليمات شاملة للحوكمة المؤسسية في المصارف التي فصلت ما بين دور السلطة التشريعية في المصرف (مجالس الإدارات) والسلطة التنفيذية للمصرف (الإدارات العليا) ما أدى الى تفعيل دور لجان مجالس الإدارة من خلال إقرار استراتيجية المصرف والسياسات والإجراءات المصرفية وتحديد الحدود والنسب المقبولة للمخاطر (Risk Appetite) ".
وذكر أن "البنك المركزي كان له دور مهم وفعال في العام 2017 من خلال عقد برامج تدريبية متخصصة في مجال إدارة المخاطر، ومكافحة غسيل الأموال، والتحليل الائتماني ،التي تم اشتراك أكثر من ألف موظف مصرفي فيها على مدار العام 2017"، داعياً إلى "أهمية قيام الحكومة في المرحلة المقبلة بالتركيز على تطوير القطاع الخاص بجميع القطاعات الاقتصادية وضرورة أن يتم النظر بكل تفهم وإيجابية ودراسة جادة لكل المطالب التي يتقدم بها القطاع الخاص بجميع قطاعته الفرعية والجزئية ومن خلال الجهات الممثلة له في الغرف الصناعية والتجارية ورجال الأعمال وأصحاب الشركات بكل ما من شأنه أن يعطي القطاع الخاص قوة ودفعة وعزيمة جديدة لتقديم المزيد من العطاء والمبادرة".
وأشار إلى أن "القطاع الخاص لا بد له أن يعمل في بيئة استثمارية وقانونية محفزة وجاذبة للاستثمار ،لأن تشجيع القطاع الخاص على المشاركة الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها اقتصادات دول العالم يساعد بشكل كبير على قيام القطاع الخاص بمسؤولياته التنموية المناطة به على الوجه المطلوب، بالشكل الذي يسهم في تفعيل العملية الإنتاجية وفي خلق الوظائف في الاقتصاد وتنشيط حركة التصدير، بما يحقق النمو الاقتصادي المنشود، كما أن موضوع تبني الحكومة الالكترونية له أثر إيجابي كبير في زيادة الشفافية والافصاح عند مخاطبة المواطن العراقي ،وهو يعالج موضوعات مشاركة المواطن في عملية المحاسبة والمساءلة عبر تقديم المعلومات الكافية عن أداء الحكومة عبر الانترنت ووسائل التكنولوجيا (Payment Gateway) وأن برنامج الحكومة الالكترونية أصبح لازما على الحكومات التحول إليه تماشياً مع متطلبات عصر المعلوماتية في سرعة إنجاز الأعمال وكسر حواجز الروتين والبيروقراطية الذي يكتنف تأديه الأعمال بالطريقة التقليدية واستجابة لرغبة الناس في الحصول على خدمات سهلة وسريعة تواكب روح العصر".
مواجهةُ كورونا
وقال رئيس مصرف التنمية إن البنوك المركزية تعدُّ الأب الروحي للمصارف ،وعملت هذه البنوك في الدول الأوروبية والعالم على توفير حزمة من الإجراءات والمبادرات التي تسهم في تقليل أثر جائحة كورونا على عملية النمو الاقتصادي والاجتماعي بما في ذلك توفير قروض ميسرة مدعومة تسهم في توفير التمويل المطلوب للشركات الصغيرة والمتوسطة ،التي لها دور ومساهمة كبيرة في الناتج القومي المحلي، كما عملت البنوك المركزية على تخفيض نسب التغطية للاحتياطي القانوني على الودائع ،وبما يعزز من وضع السيولة في المصارف ،وفي ظل قيام المصارف بتأجيل استيفاء الأقساط من المقترضين ،والعمل على جدولة القروض في ظل تأثير الجائحة على المبيعات والتدفقات النقدية لهذه الشركات"، مؤكداً أنه "من الضرورة قيام البنوك المركزية أيضاً في الفترة المقبلة بتوفير آليات وإجراءات أكثر ليونة في جانب تطبيق المعيار رقم (9) لغرض احتساب المخصصات الائتمانية وفي ظل قيام المصارف في جدولة وهيكلية القروض الممنوحة ،حيث أن هذا الأمر سيسهم في محافظة المصارف على مستويات الربحية المقبولة ،والنسب الرقابية التي تسمح لها بتوفير منتجات التمويل المناسبة للقطاعات الأكثر تضرراً جراء الجائحة، كما أنه من المهم في الفترة المقبلة قيام البنوك المركزية بإطلاق مبادرات متخصصة للقطاعات الصناعية والزراعية والتجارية بحيث يتم توفير القروض المدعومة لأكبر شريحة من الشركات حيث أن هذا الأمر سيسهم في تقليل نسب البطاقة وأيضا المحافظة على القدرة الشرائية في السوق".
ويعد مصرف التنمية واحداً من المصارف العراقية ،الذي يبلغ عدد الموظفين الموطنين رواتبهم فيه نحو (120) ألف موظف موزعين على أكثر من (110) مديريات وجهة حكومية ،حيث يقوم المصرف بتوفير الخدمات الالكترونية المتنوعة لهم من خلال شبكة فروع المصرف التي وصلت إلى (17) فرعاً داخل العراق ،بالإضافة إلى القنوات الالكترونية ،ومنها أجهزة الصراف الآلي التي وصلت إلى أكثر من (250) صرافاً آلياً موزعة في عموم العراق.
العراقالمصدر