حكومة ( حصان طروادة )

حكومة ( حصان طروادة )

بعد ان فشلت جميع الحزاب الدينية التي حكمت العراق و بمختلف اشكالها و تسمياتها و عنواينها و اوصلت البلد الى حافة الأنهيار من انعدام الأمن و انفلات السلاح الأرهابي و الميليشياوي و انتشار الفساد و الرشوة و سيادة قوانين العشيرة و اندحار قوانين الدولة و تشريعاتها و غير ذلك الكثير من عوامل هدم الدولة و اركانها كان ذلك نتيجة حتمية في تخبط قادة تلك الأحزاب العديمي الخبرة السياسية و القليلي الحنكة و الدراية بأمور الدولة و شؤون الحكم و المستمعين الجيدين للتعليمات القادمة من الخارج و المطيعين بدون تردد او تحفظ في تنفيذ تلك التوجيهات و الأوامر و التي دائمآ ما تصب في مصلحة الجهات الأجنبية المتربصة بعد ان تحول العراق على أيدي هؤلاء الجهلة و العملاء من ( الحكام ) الى ركام دولة و حطام مجتمع .

كانت الأنتفاضة الجماهيرية التي عمت اغلب محافظات العراق في مظاهرات عارمة غاضبة على تلك الطبقة الفاسدة من حكام الأحزاب الدينية في استفتاء متأخر في سحب الثقة من هذه الأحزاب التي فقدت القدرة على تفعيل البرنامج التنموي الوطني كونها تنفذ اجندات اجنبية مشبوه و اغلب تلك التعليمات كانت تأتي من ايران و حكومة ( الولي الفقيه ) فيها و حين بدأت هذه الأحزاب الدينية تلفظ انفاسها الأخيرة و النهائية في الحكم و بعد ان تأكدت و تيقنت ( ايران ) من اخفاق هذه الأحزاب و الحركات في الأنتخابات المبكرة القادمة بعد الرفض الشعبي الواسع الذي تمثل في ساحات التظاهر و ميادين الأعتصام .

حين تفتقت اذهان المتحكمين و المهيمنين على المشهد السياسي العراقي عن البديل الذي لم تتلوث سمعته ( برئاسة الوزراء ) فقط و ان كان مشتركآ في اغلب الحكومات التي تشكلت في اعقاب سقوط النظام السابق بوزراء اغلبهم اما فاسدين او غير مؤهلين لكنه لا يختلف عن تلك الأحزاب الدينية الحاكمة لا في التوجهات و لا في الأفكار و المعتقدات فكان الأختيار على ( الورقة الأخيرة ) كما يعتقد صانع القرار في طهران فتم الأيعاز الى ( التيار الصدري ) بألأشتراك في الأنتخابات القادمة في هدف الفوز بمنصب رئاسة الوزراء في خطوة مكشوفة في سحب البساط من تحت اقدام ناشطي الحراك الجماهيري المعارض للنهج الحكومي .

بعد ان افلست الأحزاب الدينية الحاكمة و فقدت شرعيتها و شعبيتها و التي اطاحت بها تظاهرات تشرين المطالبة بالوطن و الكرامة قبل الخبزو القوت اليومي كان التعويل هذه المرة على ( التيار الصدري ) و الذي لا يختلف عن تلك الأحزاب الدينية الطائفية في الأفكار و الممارسات و التوجهات فهوتيار سياسي ديني اسلامي التوجه شيعي المذهب يؤمن بولاية الفقيه كغيره من الأحزاب الدينية الشيعية و ان ادعى غير ذلك بدليل اشتراكه في الأنتخابات البرلمانية و في كل الدورات و له العديد من الأعضاء في مجلس النواب و كذلك كان لهذا التيار العديد من الوزراء في الحكومات التي اعقبت سقوط النظام السابق .

كان الهدف من ابقاء ( التيار الصدري ) بعيدآ عن الواجهة السياسية الأولى و حتى الأعلامية هو الحفاظ عليه الى هذا اليوم الذي سوف تهزم فيه الأحزاب الدينية شعبيآ و جماهيريآ و التي لا يمكن للحكومة الأيرانية المراهنة عليها من جديد و الوثوق بها بعد ان فقدت المصداقية الشعبية و لا يمكن ان تتقبل ايران الخسارة و الهزيمة التي الحقتها الأحزاب ( الحليفة ) لا بل العميلة بها و بما ان الحراك الجماهيري التشريني هو في موقف غيرودي تجاه الحكومة الأيرانية ان لم يكن معاد تمامآ لها فكان لابد من اللجؤ الى ( الخلية النائمة ) و التي هو ( التيار الصدري ) ان يقوم بأعباء المهمة ذاتها التي عجز عنها اقرانه من الأحزاب الدينية .

بدأ ( التيار الصدري ) حملته الأنتخابية مبكرآ بركوب موجة التظاهرات و اقحام مناصري التيار في ساحات التظاهر و الأعتصام و الأدعاء بنصرة المتظاهرين و دعم مطالبهم العادلة بكل خداع و نفاق بعد ان كان عناصر هذا التيار ممن اشترك مع زملائهم من الميليشيات الأخرى في قمع وقتل المتظاهرين و الفتك بهم و اذا هم بين ليلة و ضحاها يندمجون مع المتظاهرين و المحتجين في الساحات و الميادين ذاتها الا ان تلك الألأعيب لم تعد تنطلي على ابناء الحراك الشعبي التشريني الذين خبروا هؤلاء جيدآ و ادركوا و معهم الأغلبية الساحقة من ابناء الشعب ان هذه الأحزاب و الحركات و التيارات الدينية جميعها ما هي الا ادوات طيعة و مطيعة للولي الفقيه الأيراني يحركها كبيادق الشطرنج وقت يشاء و اين يشاء و يبدو ان مضمار ( الرايسز ) صار مزدحمآ ليس بالخيول العربية الأصيلة انما هي ( أحصنة طروادة ) .

حيدر الصراف

المصدر