تيغراي.. نظرة من بعيد!

عبدالامير المجر

الصراع في اقليم تيغراي الاثيوبي، يستدعي عودة الى التاريخ القريب، فالجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، بزعامة ملس زيناوي، كانت جزءا من (الجبهة الديمقراطية الشعبية الثورية – الاثيوبية)، التي تضم ايضا، المنظمة الديمقراطية لشعوب اورومو، وحركة امهرة الوطنية الديمقراطية، وحركة شعب جنوب اثيوبيا الديمقراطية. وقد تمكن هذا الرباعي في العام 1991 بالتعاون مع اميركا، من الاطاحة بالحكومة الماركسية برئاسة منغستو هيلا مريام، وبالتنسيق مع الجبهة الشعبية لتحرير ارتيريا، التي كانت وقتذاك جزءا من اثيوبيا، بعد ان حصل زعيمها (اسياس افورقي) على وعد بالاستقلال بعد الاطاحة بمريام، وتحقق هذا عند وصول الجبهة بتشكيلاتها الاربعة الى السلطة، بدت (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي) هي الابرز بينها والاكثر نفوذا، ويقال ان هذا يعود لعلاقتها المميزة بأميركا واسرائيل، وانها كانت وراء التعاون مع المخابرات السودانية، ايام الرئيس جعفر نميري لتهجير يهود الفلاشا الى اسرائيل العام 1985، كونها محاددة للسودان، ومعروف للجميع اهتمام اسرائيل بالقرن الافريقي وجهدها الاستخباري فيه، لقد بات ملس زيناوي زعيم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي رئيسا لاثيوبيا منذ العام 1991 وبات اقليم تيغراي صاحب النفوذ الاكبر في البلاد على حساب الاورومو والامهرية وغيرهم، لكن نفوذ الجبهة بدأ بالتراجع بعد وفاة زيناوي العام 2012 وتسلم هايلي مريام ديسالين السلطة بعده، وهو اول رئيس حكومة اثيوبي من البروتستانت وليس من التيغراي او الامهرية، بعد وصول آبي احمد (من الاورومو) الى رئاسة الوزراء العام 2018 عمل على ستراتيجية جديدة لتوطيد حكمه، فقام بتسوية مشكلة الحدود، التي تسببت بحرب العام 1998 مع ارتيريا ووقع اتفاقا بهذا الشأن مع الرئيس افورقي في اسمرة العام 2018، وبما ان ارتيريا مجاورة لإقليم تيغراي، فقد افقد هذا الاتفاق، الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، هامش المناورة العسكرية في حال تمردت على الحكومة المركزية، وتزامن هذا مع تضاؤل نفوذها في اديس ابابا بعد وفاة زيناوي ومن ثم انسحابها اخيرا من الائتلاف الحاكم العام 2018 اثر اتفاق القوى المشاركة على تولي آبي احمد رئاسة الوزراء، مؤخرا اعلنت الجبهة اجراء انتخابات في الاقليم، لكن رئيس الوزراء آبي احمد طلب تأجيلها بسبب كورونا، ورفضت الجبهة طلبه، فعدّها غير شرعية، ليتطور الامر الى مواجهة، لم تسندها فيها ارتيريا، فرآها قادة الاقليم خائنة لهم، وهذا ما يفسر توجيه صواريخهم لارتيريا، الخلاصة ان هناك واقعا جديدا فرض نفسه، لايسمح للأقلية في اقليم تيغراي ان تحكم البلاد للابد، وعليها ان تفهم هذا.المصدر