سعاد حسن الجوهري
لم تهنأ بغدادنا باستقرارها طويلا حتى طالتها يد الذئاب الدموية مرة اخرى. تفاءلنا بمغادرة العام 2020 الذي وزع بين احبتنا الموت بفعل كورونا وفجعنا بأعزة خالدين بذكراهم في شغاف قلوبنا، حتى استقبلنا العام الجديد بعزاء آخر. مشهد تراجيدي مؤلم يوخز الضمير الانساني ذلك الذي رأيناه وقد انتشرت على جنباته اشلاء فقراء هذا الوطن في منطقة الباب الشرقي، جثة لبائع الشاي وأخرى لبائع أقنعة الاطفال وثالثة لسائق التكتك والعشرات غيرها بين شهيد وجريح. آه يا الهي اي يوم كان يوم بغداد البارد بكل شيء؟ ببرودة طقسه وبرودة اعصاب من ضغط على صاعق الموت، ليفجر جسده وسط اجساد انهكها تعب الحياة ومشاق المعيشة، لحظة كلمح البصر او هي اقرب الا والارواح تفارق الاجساد المثقلة بتلك الارواح المعذبة، نار تأكل في هشيم القلب حزنا على نحو 100 أسرة منكوبة بالابن والاب والمعيل. وحزن على شباب استهلوا يومهم بلقاء الحتوف وهم ينتظرون أن يختموه بكسب لقمة خبز يعودون بها الى من ينتظرهم بلهفة. وخوف وهاجس من مغبة عودة ذئب الارهاب الاسود الذي حصد ارواحنا وفجع أهلنا خلال 16 عاما بلا رحمة او هوادة. الخوف من المجهول حق مشروع كوننا من حقنا ان نعيش كباقي الامم والشعوب، لاسيما تلك التي اختتمت عامها المنصرم الذي وصفناه بالحزين وهي تتسابق على تربع عرش قائمة الشعوب الاكثر سعادة في العالم، من حقنا ان لا نرزح تحت وطأة الفقر والحرمان وهاجس الموت المجاني اسوة بباقي بلدان المعمورة. ومن حقنا ايضا ألا نكون ضحية حسابات سياسية خاطئة نكدت علينا حياتنا ونغصت لقمة عيشنا وجعلت حاضرنا كمستقبلنا على جناح ذبابة المجهول. لا أملك غير الدعاء لجرحى هذه الكارثة الانسانية المؤلمة بالشفاء العاجل وللضحايا بالرحمة والغفران، كما لا املك سوى دمعة اذرفها حزنا علّي أواسي طفلا او طفلة دخلوا طابور الايتام العراقي الممتد الى ما لا نهاية.المصدر