ميسان – واع – شذى السوداني وعبدالحسين بريسم
المجر الكبير..مدينة سالت من دجلة واستقرت على نهر سّمي باسمها ،هدّها التعب، نزح أكثر أبنائها نتيجة جور الإقطاع، الباقون هم الذين بهرتهم هذه المدينة الجميلة ،فهي ليست عذراء ولا مراهقة، لأن الشط يشقها من المنتصف ،وأصبحت أكثر استرخاء وطهارة، تبدو من الجو كشفتين عذبتين تغريان بإطالة النظر إليهما، شط عريض جار متدفق يمشي، يحيلك إلى قرى وأماكن وتجمعات وفطرة وشهامة وعنفوان وبراءة.
ويعد قضاء المجر الكبير واحد من اهم واكبر اقضية محافظة ميسان وفيه اهم المصانع والمزارع ومنها معمل ومزرعة قصب السكر، كما يوجد في هذا القضاء أقدم اعدادية للزراعة ،إضافة الى أنه يعد أكبر مركز سكاني في المحافظة بعد مركز مدينة العمارة.
لهجة جنوبية
وكالة الأنباء العراقية (واع) دخلت الى عمق هذه المدينة للتعرف على مكنوناتها الفكرية ولهجتها الجنوبية الممزوجة بطين الهور وعبق قصبه، ويقول الكاتب والروائي سعدون جبار البيضاني: إن "هذه المدينة جميلة ومعطاء وتغنى بها المطرب مسعود عمارتلي في ثلاثينيات القرن الماضي :
(يالمِنْحِدِر وياك عالمجر ذبني) ..وأخذتها منه صديقة الملاية وناظم الغزالي وغيرهم ،وأغنية آ يهل المجر يالمالكم ﭼارة وأغنية عمّوا علّيه اهل المجر وغيرها، وكانت لأهل المجر الكبير لهجة متميزة تختلف عن اللهجات العراقية ،لا بل حتى عن لهجة أهل العمارة المركز ،فكل من يمشي أو يسير من العمارة باتجاه جنوبها يقولون مِنحْدِر(بكسر الميم وسكون النون وكسر الحاء والدال ) لذلك قال المطرب بالمجر ذبني (انزلني)لأنها محطة للجمال، فالمدينة يشقها نهر المجر الكبير من المنتصف فتبدو كشفتين عذبتين جميلتين".
وأضاف أنه " شاع استخدام كلمة المدينة وذلك لأن المجرهو المجرى النهري حيث يتفرع المجر الكبير من الضفة اليمنى من نهر دجلة غربي محافظة ميسان… والمجر الكبير ومركزها القرية المسماة باسمها التي سكنها الشيخ وادي ،أحد رؤساء البو محمد العام 1886–1923م، وسماها بعض المؤرخين (سوق وادي )… وريف المجر الكبير هو عبارة عن مقاطعة لأسرة آل خليفة التي كان يمثلها الشيخ مجيد الخليفة أحد رؤساء البو محمد ،وقد ذكرها الرحالة الشهير (سباستياني) في رحلته العام 1656م، وتحدث عن العمارة والمنصورية وفي العام نفسه تحدث عنها الرحالة (فنشو) وبعده مر بها الرحالة (تافرنييه) .
الكاتب عبد الرزاق الساعدي ،أحد سكنة المجر الكبير قال: "سأدخل في الجانب الاقتصادي الصناعي لقضاء المجر الكبير، إذ يوجد فيه مصنع الورق ومصنع السكر ،الذي تأسس في أواسط الستينيات من القرن الماضي بواسطة شركة هاوايان الامريكية والمشروع يتكون من المزرعة والمصنع، والمزرعة تقسم الى قسمين هي المزرعة القديمة والعيداوية بمساحة إجمالية 45 الف دونم تزرع بقصب السكر، أما المصنع فقد صمم لإنتاج 100 ألف طن سكر سنوياً، وبلغ مجموع العاملين فيه أكثر من 2000 من الأيدي العاملة وتحول اسم المشروع إلى الشركة العامة للسكر.بعد استلام المشروع من الأمريكان ويحتوي على ثلاث قرى سكنية كبيرة".
ويضيف الساعدي أن هناك معلماً آخر في القضاء ،هي اعدادية الزراعة التي تخرج منها كوادر كثيرة باعتبارها أول المدارس الزراعية في العراق ،وكانت تضم من ثلاث مراحل بتسعة صفوف وأقسامها التالية : قسم البستنة، قسم المحاصيل، قسم تربية الحيوان، قسم الميكانيك، قسم الدواجن، قسم الصناعات الغذائية، وقد رفدت المحافظة بكوادر وسطية ومتقدمة يشار لها بالبنان لرصانة التعليم فيها ،ولكنها الآن تعاني الاهمال والتجاوز وانتشار المحال المتجاوزة على أبنيتها ومزارعها".
المؤرخ علي العقابي قال لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "الموقع الجغرافي لمدينة المجرالكبير في الضفة اليمنى من نهر دجلة وعلى الطريق الرئيس (بصرة ــ عمارة) كان متميزاً كونها تحتوي على مساحات شاسعة خصبة تصلح للزراعة ، ويضاف إليها كثرة الجداول المتفرعة منها ،ما جعلها مركزاً حيوياً لاستقطاب الناس".
وأضاف: " لقد كانت المدينة في العهد العثماني والبريطاني والجمهوري تشتهر بتصدير الحبوب وخاصة (الرز) إلى مدينة عبادان في إيران وبعض دول الخليج ،وكان النقل آنذاك بواسطة السفن الشراعية (المهيلات) وتبلغ مساحة مدينة المجر الكبير (19) كيلومتر مربعاً تقريباً وأغلب هذه المساحات الشاسعة كانت زراعية، وعند إنشاء معمل سكر القصب في ميسان تحولت هذه الأراضي الشاسعة إلى حقول زراعية تابعة إلى معمل سكر القصب الذي اُسس العام 1967م وأصبحت المدينة محاطة بحزام أخضر وسواقٍ كثيرة ، ما جعل اتساع المدينة صعباً جداً لا يتناسب مع عدد سكانها الهائل الذي تجاوز (160) ألف نسمة في العام 2015م، وهي تتكون من(54) حياً وقاطعاً و(89) مدرسة بين روضة وابتدائية ومتوسطة وثانوية وإعداديات زراعة وصناعة وتجارة ومعهد إعداد المعلمين وكليتين ،الإدارة والاقتصاد، والزراعة، ونقلتا بعد ذلك لمركز المحافظة وهي المدينة الوحيدة التي تعمل بين أحيائها سيارات الأجرة (التاكسي).