الطب والشعر / ذكرياتي مع حبّـة بغداد

الطب والشعر / ذكرياتي مع حبّـة بغداد
د. حسن كاظم محمد
تمهيد: داء حبة بغداد من أشكال داء اللشمانيات له تاريخ قديم إلى قبل الميلاد بسنين وأول من وصفها وسماها، حبة بغداد، هو العالم الإسلامي إبن سينا نسبة إلى موقع انتشارها في القرن الثامن عشر. وهو بسبب طفيلي يُصاب به الشخص من خلال تعرضه للدغ أنثى من البعوض تسمى حشرة الرمل لصغر حجمها وتمتاز بكونها عديمة الصوت عند الحركة، وتتواجد في الأجواء الحارة الرطبة. وعند قيام الحشرة الحاملة للطفيلي بلسع الإنسان أو الحيوان تقوم بحقن الطفيليات في جسمه لتلحق به المرض.
ذكرياتي: ذكرياتي معها تعود إلى أربعينيات القرن الماضي حيث أصبت بها في مرحلة الطفولة وتركت ندبه على الخد الأيسر. كما أصابت أختي الأكبر مني وكذلك أخي الأصغر بعدة ندبات. تظهر بشكل، ندبة أو عدة ندب وتسبب حكه، احمرار، تقرح وقيح وأخيرا تلتئم تاركة أثرا عن الإصابة طول الحياة ولذا سميت شعبياً الأخت. كما أعتقد أن وجودها في بغداد كان قبل الأربعينيات لأن والدي رحمة الله عليه كانت له واحدة على خده الأيسر ومن الصدف إني كذلك.
العلاج: ونحن نسكن الكاظمية، كان المعالج المتواجد هو السيد إبراهيم الحكيم مختص في طب الأعشاب وأخيه السيد مرتضى عطارية أعشاب مقابل عيادة الحكيم. أما الدكتور العصري محمد أمين التركي فيقوم ببعض الحالات الجراحية البسيطة كالختان وفتح الدنابل. يقوم السيد أبراهيم عند مراجعته في العيادة بالفحص الدقيق ويعطي الوصفة التي تتضمن العلاج الموضعي المتكون من خميرة ممزوجة بالحبة السوداء ومواد أخرى وتلصق على سطح القرحة. ننتظر لحين سقوطها تلقائيا ونعود لزيارة أخرى وهكذا لحين الالتئام تاركة أثراً في منطقة الإصابة. فترة الشفاء كانت تستغرق نحو الشهرين. كما كان في المدينة بعض البيوت المعروفة تهتم بالمعالجة في سبيل الله والثواب وتحتفظ بسر مكونات لصقة العلاج، والتي كانت من علچ المستكي وحبوب عشبية مثل الحبة السوداء.
مخلفاتها وآثارها: بعد الشفاء من الحبه بالعلاج المتبع بذلك الوقت تترك علامات واضحة في الوجه وبمختلف الأشكال على الخدين وإذا أصابت الأنف فتقضم جزءاً من مدخليه مما يؤدي إلى تشويهه وهذه النتائج السلبية أصبحت من العلامات الفارقة للشخص العراقي في ذلك الوقت والتي تثبت في الوثائق الرسمية كجواز السفر والجنسية.
الوقاية خير من العلاج: لتجنب الحشرة الملعونة كانت تستعمل الناموسية، وهي من قماش الململ الأبيض، توضع فوق مهد الطفل (الكاروك) لحمايته. وفي أيام الصيف والنوم على السطوح مساءً توضع فوق السرير الحديدي وكانت تدعى الكُلّه. ترفع صباحا وتكرر الحالة يومياً لحين انتهاء فصل الصيف.
الدارمي
الحبيب
حَـبّـه من بغـداد عـندي مِـن زمان
عَـله خَـد أيـسر ثِـبَـت إلـهه مِچـان
الحبيبة
لا قلق مَحسوبه عـِندي يا حبيب
هـيّه حَـبّة حُب لْي ونِعم النَصيب
الأبوذيّـة
أريد اوصِي حـبيـبي وَرْد اگُـلّـه
بْـوكت الـصيف ينصب إله كُـلّه
يُبقه مْحافُظ عْـلـه الوَجِـه كُـلّه
وْخَـد اْيدوم اِلَه يِـسبـي الـبَريّـه
وإلى اللقاء

المصدر