أكد السفير الروسي في بغداد ماكسيم ماكسيموف، أن موسكو تعتبر بغداد شريكا ستراتيجيا، مضيفاً ان حجم الاستثمارات الروسية في العراق في مجال إنتاج الهيدروكربونات يتجاوز 14 مليار دولار. فيما كشف عن أن موسكو لم تتلق حتى الآن طلبا رسميا من الجانب العراقي لتوريد أنظمة (S-400).
وتأتي تلك التصريحات في حوار أجرته (المدى) مع سعادة السفير الروسي السيد ماكسيم ماكسيموف، بمناسبة العيد المهني الدبلوماسي في روسيا، الذي يصادف الـ10 من شباط كل عام.
وفي ما يلي نص الحوار:
• تحتفل روسيا في 10 شباط بعيد الدبلوماسيين. ما هو تاريخ هذا العيد؟
– تم تحديد هذا العيد المهني بموجب مرسوم صادر عن رئيس روسيا الاتحادية في 31 تشرين الاول 2002. يمكن القول إنه بهذه الطريقة شهد الاعتراف العام العالي في روسيا بمهنة الدبلوماسي. يرتبط تاريخ العطلة بأول ذكر وثائقي (10 فبراير 1549) لـ”بوسولسكي بريكاز” (Posolski Prikaz) – الهيئة الاولى في تاريخ بلدنا المسؤولة عن الشؤون الخارجية. على الرغم من أنه من الواضح أن عمر الخدمة الدبلوماسية الروسية أقدم بكثير. وعادة في هذا اليوم يُعقد اجتماع رسمي في وزارة الخارجية الروسية، ويصرح الوزير وممثلو الجهات الحكومية الأخرى بكلمة ترحيبية خلاله ويجري تكريم موظفي الخدمة الدبلوماسية بجوائز.
• يطمح العراق وكما عبر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مؤخراً إلى تنمية مستوى العلاقات بين العراق وروسيا. ما هي الإجراءات المعينة لتعزيز العلاقات؟
– التعاون بين روسيا والعراق متقدم ولبلدينا علاقات ودية طويلة الأمد، ونعتبر بغداد شريكًا ستراتيجيًا. على الرغم من جائحة فايروس كورونا تستمر الاتصالات بين البلدين وتمت استعادة تبادل الوفود. تجري مناقشة آفاق مشاركة الشركات الروسية في مشاريع بالعراق.
وخير مثال على ذلك هو زيارة معالي الوزير فؤاد حسين، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية لجمهورية العراق إلى روسيا في تشرين الثاني من العام الماضي. كما هو معروف التقى خلال الرحلة مع زميله سيرجي لافروف وكذلك مع وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولغينوف. كما شارك على هامش الزيارة في الاجتماع الرئيسي للمشاركين في اللجنة الروسية العراقية المشتركة للتجارة والتعاون الاقتصادي والعلمي الفني. ومثل معالي السيد يوري بوريسوف، نائب رئيس الوزراء لروسيا الاتحادية الجانب الروسي وتم الاتفاق على عقد الاجتماع التاسع للجنة الحكومية المشتركة في هذا العام في موسكو.
في الوقت نفسه، نشعر بالدعم المستمر من السلطات العراقية. نحن ممتنون لرئيس الوزراء والحكومة العراقية على الاهتمام الذي يولونه لتطوير التعاون الثنائي.
• العراق ينتظر بفارغ الصبر الشركات العالمية من أجل الانخراط في عملية إعادة الاعمار لا سيما في المناطق المحررة من داعش، فهل روسيا مهتمة بتعزيز حضورها الاقتصادي في العراق، هذه المرة ليس عن طريق صفقات السلاح؟
– يحتل العراق مكانة مهمة في نظام التجارة الخارجية والعلاقات الاقتصادية لروسيا. ويتطور التعاون بشكل أكثر نجاحًا في الوقت الحاضر في قطاع النفط والغاز، حيث تراكمت فيه خبرة مشتركة ضخمة طويلة الأجل. على الرغم من حقيقة أن جميع المشاركين في هذا السوق دون الاستثناء واجهوا في عام 2020 تحديات خطيرة – تقلبات كبيرة في أسعار النفط العالمية ووباء فايروس كورونا، تواصل شركات النفط والغاز الروسية تنفيذ مشاريع إنتاج الهيدروكربونات في وسط وجنوبي العراق وفي إقليم كردستان. يتجاوز الحجم الإجمالي للاستثمارات الروسية في هذه الصناعة 14 مليار دولار.
أود أن أسلط الضوء بشكل خاص على شركة “لوك أويل” التي تنفذ مشروعي غرب القرنة – 2 وبلوك 10، وشركة “غازبروم – نفت” بالأخص مشروعها في حقل بدرة وشركة “باش – نفت” التي تعمل في إطار مشروع بلوك 12. وتعمل شركة “روس – نفت” في تطوير بلوك 8 و 9 و 10 و 11 و 13 في إقليم كردستان، وكذلك “غازبروم – نفت” في بلوك كارميان. وتتخذ الشركات الروسية مثل “زاروبيج نفت” و”ستروي ترانس غاز” و”تات – نفت” خطوات لاستئناف أنشطتها أو لدخول سوق النفط والغاز العراقي.
في الوقت نفسه أود أن أشير بشكل منفصل إلى أنه في ظل الظروف الحالية، يظل اهتمام الشركات الخاص بالالتزامات الاجتماعية، في شكل حفاظ على الوظائف للسكان المحليين وبرامج أخرى التي تركز على الدعم الاجتماعي والاقتصادي للعراقيين. نحن نتحدث عن بناء مرافق البنية التحتية وإيصال الغذاء والدواء.
طبعا العوامل السلبية المذكورة أعلاه أجرت تعديلاتها الخاصة على خطط الشركات لتطوير الحقول، لكن هي تلتزم تماما بشروطها التعاقدية أمام الشركاء العراقيين وتقوم ببناء خطط لتطوير العلاقات مع المراعاة على المدى الطويل.
يجب القول إن الإمكانات في قطاع النفط والغاز لم يتم تحقيقها بالكامل بعد. من أهم المهام التي تعمل عليها القيادة الحالية للعراق هي تسريع العمل على تطوير حقول الغاز في البلاد، في المقام الأول لاحتياجات منشآت توليد الطاقة التي تستخدم الغاز الطبيعي كوقود.
في هذا المجال نرى إمكانات جدية لتطوير التعاون الاستثماري. أقصد بحقول كبيرة مثل المنصورية في محافظة ديالى وعكاس في محافظة الأنبار. بالإضافة إلى ذلك، تعمل شركاتنا جاهدة على تنفيذ برامج تهدف إلى الحد من حرق الغاز البترولي المصاحب أثناء إنتاج الهيدروكربون، مع جمعه وتكريره لاحقًا.
يعتبر ترميم وتطوير مرافق توليد الطاقة وعناصر البنية التحتية للطاقة، وكذلك تحسين كفاءة نظام توزيع الكهرباء بين المستهلكين مهمة بالغة الأهمية في العراق الحديث، مع مراعاة الاحتياجات المتزايدة. أقام المهندسون السوفييت والروس عددًا كبيرًا من محطات الطاقة الكهرومائية والحرارية، فضلاً عن مرافق شبكة الطاقة في أراضي العراق، وقد تم تشكيل أساس متين هنا. بناءً على الخبرة المتراكمة، فإن الشركات الروسية مثل “إينتير راو إنجينيرينغ” و”باور ماشينز” و”تيكنو بروم إيكسبورت” تبحث عن طرق لتجديد شراكة مفيدة للطرفين في سوق الكهرباء في البلاد.
• يعلم العراقيون أن روسيا قدمت مساعدات عسكرية إلى العراق في حربه على داعش، لكن العراق يواصل إلى اليوم عملياته العسكرية للقضاء على بقايا الإرهاب الداعشي. هل لروسيا دور في تلك العمليات؟ وما هو دور المركز الرباعي في هذه الحرب؟
– الحقيقة أنه يظل تعزيز التعاون مع الشركاء الأجانب في مكافحة الإرهاب إحدى الأولويات للسياسة الخارجية الروسية. وفي هذا السياق نقدر تقديرا عاليا الدور الذي لعبه العراق في هزيمة داعش ونكرم ذكرى المدنيين والعسكريين العراقيين الذين استشهدوا في القتال ضد الإرهابيين.
على الرغم من أن هذه المجموعة الإرهابية قد تكبدت في السنوات الأخيرة خسائر فادحة في كل من العراق وسوريا إلا أنه تواصل العصابات الإرهابية المتفرقة في بعض المناطق تنفيذ هجمات إرهابية وهجمات على مسؤولي الأمن والمدنيين، وتبقى هناك “خلايا نائمة” في عدد من المدن. وبحسب الأمم المتحدة يبلغ عدد الإرهابيين في البلدين اليوم 10 آلاف شخص وهو الامر الذي يضع مهمة على قادة روسيا والعراق لتعزيز التنسيق في تبادل المعلومات حول أماكن انتشار الإرهابيين والعمل الاستخباري الوقائي وكذلك القضاء على الجماعات الإرهابية العاملة في أراضي العراق وسوريا. ويخدم مركز المعلومات الرباعي المتكون من الخبراء العسكريين السوريين والعراقيين والروس والإيرانيين هذا الامر ويعمل المركز في بغداد بنجاح منذ عام 2015. كانت المساهمة المهمة الأخرى لروسيا في الانتصار على الإرهابيين تتمثل في توريد أنواع مختلفة من الأسلحة للعراق. إن الجيش العراقي على دراية جيدة بالأسلحة الروسية وقد اقتنع مرارًا بجودتها وموثوقيتها في ساحة المعركة، بما في ذلك أثناء عملية مكافحة الإرهاب ضد داعش من 2014 إلى 2017.
• تعلمون ان هناك حراكا في العراق لشراء منظومة الصواريخ S-400. الى اين وصلت تطورات تلك الصفقة؟
– كما تعلمون منذ الحقبة السوفيتية كان التعاون العسكري التقني أحد المجالات الرئيسة للتفاعل بين موسكو وبغداد. بالطبع نحن نتفاوض حول سبل تطوير العلاقات مع العراق في هذا المجال من أجل تعزيز قدرة الجيش العراقي على التصدي لأية تهديدات خارجية. ومع ذلك، أستطيع أن أشير إلى أننا حتى الآن لم نتلق طلبا رسميا من الجانب العراقي لتوريد أنظمة S-400.