الحكيم بين التوازن والمحاور .
محمد حسن الساعدي
دائماً ما يعاب على السياسي ميله بشكل ما لنظام المحاور.. ودائماً ما يتهم بأنه ليس مستقلاً في رأيه وموقفه سواءً كان أسلامياً أو غيره..
هذا الاتهام ليس المراد به النقد لأجل الإصلاح أو تعديل المسار، بل يدخل في خانة الإسقاط والتسقيط، وما انفك المخالفون يتحينون الفرص من أجل ضرب من يختلف سياسيا معهم في عرضه وسمعته، وهذا أخسئ اختلاف يمكن أن يصل إليه السياسي، بل هو انحطاط أخلاقي يصل إليه حين يشعر بالإفلاس وعدم الوصول إلى درجة الرقي في الفكر والثقافة السياسية،الأمر الذي جعل أي خلاف في الرأي أو الفهم السياسي يصل إلى درجة التقاطع ويتحول إلى صراع نفوذ ينعكس إلى الشارع في اغلبه .
لا مجال في انتهاء هذا الصراع بين التوازن والمحاور، فمحور الشر لايمكن له أن يتحول يوماً إلى خير مطلقاً، ولم نسمع يوماً أن الشيطان تحول إلى ملك ، فصراع المحاور قائم في ساحة العراق ولايمكن لأي من المحاور الاستسلام أو التراجع خلف الساتر ، فالكل يدعي الوطنية، وأنه الاحرص على سمعة البلاد والحفاظ على وحدتها،في حين أنت الأرض بيعت والأرض سرقت وعلى ورقة بيضاء بين هذه المحاو..
التاريخ لاينسى ولن ينسى، وكل ذلك يجري تحت أنظار المجتمع الإقليمي والدولي والذي يعتبر المستفيد من هذا الصراع، لأنه يمتلك خيوط تلك المحاور بل ويتحكم بها في الغالب، وان أهمية العراق تكمن في موقعه الجغرافي والاستراتيجي، إلى جانب كونه أهم ساحة للصراع في الشرق الأوسط خصوصاً والعالم عموماً، وسوف لن يكون خارج حسابات احد هذين المحورين .
الحكيم الشاب وجد نفسه أمام هذين الخيارين.. فهو بين الدخول في احد هذين المحورين، والتي لم تكن سوى مطرقة تضرب العراق أرضاً وشعباً.. لذلك المراقب المنصف يجد أن الصراع بين هذه المحاور يحاول توسعة رقعة حركته، خصوصاً وأن الصراع تحول إلى صراع بالوكالة، ويدور حسب مصالحه وغاياته وأهدافه لذلك تعمد قوى الصراع والمحاور إلى تنويع هذا الصراع.. هناك محاور كانت تقف بجانب العراق بحربه ضد الإرهاب، فيما عمدت محاور أخرى إلى قتل الشعب العراقي عبر مشاريع الذبح والمفخخات والتي تمارسه العديد من مسميات الإرهاب وأشكاله، والتي أفضت أن يكون العراق ساحة لهذه المحاور .
الحكيم اختار أن يحاول اتخاذ موقف الوسط بين هذه المحاور ، وعلى الرغم من الضريبة القاسية التي يدفعها في ظل هذا الخيار، وهذا الأمر تعدى حتى في داخل تياره ، حيث عمد على ترسيخ هذه الوسطية بين الأجيال في تياره ، حيث الجميع يعلم الصراع الدائر بين الأجيال ، والذي كان السبب في خروج الحكيم من عباءة المجلس الأعلى.. فهو بين جيلين..
جيل يريد أن يبقى الحكيم يعمل على نظرية المحور الواحد ، في حين يرى هو أن الوسطية تخلق التوازن بين أقطاب الصراع ، إضافة إلى محاولة تهدئته.. لذلك فان درجة ميله إلى هذا المحور أو ذاك رهين بقدرته على التعاطي الايجابي مع هذين المحورين، وقدرته على اللعب بكرة المحاور بمهارة وذكاء عالي .