الانتخابات الأمريكية بين الواقع والمثال
جمال حسين مسلم
كثير من الشعوب التي تعيش على هذه المعمورة ممتنة كثيرا من السيد دونالد ترامب الرئيس الحالي للولايات المتحدة الامريكية والاكثر امتنانا منها حكومات هذه الشعوب ولا سيما دوال العالم الثالث والدول العربية على وجه الخصوص؛ فقد كان هذا الجمع ولعشرات السنين ينظر بعين الاحترام والتقديس الكبيريين لللانتخابات في الولايات المتحدة الامريكية , معتقدا وفي كثير من الاحيان جازما انها ممارسة ديمقراطية عظيمة, قل نظيرها في العالم ومن هذا المنطلق كانت الولايات المتحدة الامريكية نفسها تحاول وبكل الوسائل المتاحة لديها فرض فكرة الديمقراطية الانتخابية الامريكية على الاخرين وإنْ لم تتفق معهم فالعصا لمن عصا والعقوبات الاقتصادية والضربات العسكرية مباحة لامريكا دون غيرها بوجه حق أو بدون وجه حق وحتى ساعة الانتخابات الامريكية الاخيرة لعام 2020 , أما اليوم فقد تبين الحق من غيره لدى أغلبية الناس وحكوماتهم إلا من رأى نفسه الخاسر الاكبر في المسالة فلاذ بالصمت ازاء ماجرى ويجري هناك.. قبل اربع سنوات كانت التلميحات الإعلامية تؤشر على تدخل روسي فاضح في نتائج الإنتخابات الأمريكية من خلال التلاعب بالبريد الالكتروني للسيدة المرشحة آنذاك بيل كلنتون عن الديمقراطيين , ولكن القضية لم تأخذ أبعادا قانونية كبيرة وكانت موضوعة إعلامية فقط…وحين حطت رحالها الإنتخابت الأخيرة بين المتنافسين السيد ترامب عن الجمهوري والمرشح بايدن عن الديمقراطي كانت الأسرار تفوح رائحتها ولم يعد هناك مايبرر لنا بأن تكون هذه التجربة مثالا يحتذى به من قبل الأخرين , فقد كانت تهمة التلاعب بالنتائج هي الرئيسة في المشكل الأنتخابي ونتائجها؛ فظهرت الأصوات عالية تصدح بالتزوير وتطالب القضاء بالتدخل ,وإن كانت مجرد مطالبات من جيوش المحامين الترامبوين ولكنها صدرت أيضا من شخصيات قانونية وسياسية مهمة وتم تأييدها بجمهورعريض من الشعب الأمريكي , بلغ عشرات الملايين وإن لم نكن نصدق بهذا فعلينا أن نصدق بقدرة هؤلاء على الكذب والغش وخداع الشعوب في أكثر مسالة حساسة لدى الجمهور الامركي ..ومن النتائج الخطيرة الأخرى التي افرزتها هذه العملية الأنتخابية انقسام المجتمع الأمريكي على نفسه بشكل حاد هذا الأنقسام ودلالاته العنصرية والطائفية متأت من خلفيات دينية متشددة وعرقية بائسة تؤمن بتفوق العرق الابيض أو الاورنجي على سواه وإن عاشوا تحت علم واحد , فأين الاستتراجية الثابتة في النظام السياسي في أمريكا ,هنا يكمن السؤال هل نحن أمام عميلة غالت في ديمقراطيتها إلى حد اللعنة أم أمام واقع حال لم نكن نرغب بالحديث عنه دون شهادة من أهله أو لأسباب أخرى ,فلماذا تفرض العنجهية العالمية شروطها على الأخرين بمختلف الوسائل , أم هي أجندة تنفذها دون خجل أو حياء ولكن شاء الله أن تفتضح وتدون في عصر ذهبي لوسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي التي كتبت التاريخ بشكل مغاير تماما فصار الجميع شاهد عيان على هذا البؤس السياسي وبؤس من يفرضه على الاخرين وخيبة من آمن به.