أيهم افضل وأحسن ترامب ام بايدن لافرق الذي يقرر المسار النظام والمنظومة لا الرؤساء؟؟؟

أ.د.سلمان لطيف الياسري

كشفت مؤشرات عدة عن تحسن نسبي في وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانتخابي خلال الأيام الأخيرة، فبعدما تراجعت حظوظه عقب المناظرة الرئاسية الأولى التي أضرته كثيراً وخلال إصابته بمرض كوفيد-19، أظهرت استطلاعات الرأي التي تجريها حملة المرشح الجمهوري استقراراً في شعبيته وتحسناً طفيفاً في ولايات مثل فلوريدا ونورث كارولينا وجورجيا وأوهايو، بل وأيضاً في بنسلفانيا التي انكمش فيها الفارق بينه وبين منافسه جو بايدن. فكيف ستتعامل حملة ترمب مع هذا التحسن وكيف ستعزز هذه المكاسب وصولاً إلى يوم الانتخاب؟ وما الخطاب الذي تنصح الرئيس ترمب أن يعتمده في الأيام الأخيرة من السباق الانتخابي؟

يوم الاثنين الماضي، دخل الرئيس ترمب في معركة مع أنتوني فاوتشي، أكبر خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة واصفاً إياه بأنه “كارثة”، وفي اليوم التالي كانت ليزلي ستال مقدمة برنامج “60 دقيقة”، أحد أشهر برامج شبكة “سي بي إس”، تجري معه حواراً تليفزيونياً، لكن ترمب أوقف التصوير وأنهى الحوار بعدما شعر بالإحباط من تركيز الأسئلة على وباء كورونا. ثم سخر من ستال على “تويتر” لعدم ارتدائها كمامة في البيت الأبيض، ما صدم عدداً من مساعديه الذين يعتبرون أن إثارة الخلافات مع أشخاص ليسوا في الواقع خصوماً للرئيس، ليس إلا مضيعةً لوقت محدود ينبغي أن تُكرَّس فيه كل الجهود لجعل السباق الانتخابي استفتاءً على خصمه الوحيد جو بايدن وليس العكس.

مع ذلك يرى مستشارو ترمب بصيص أمل في الاستطلاعات الخاصة التي تجريها حملته الانتخابية، والتي تظهر استقراراً في شعبيته وتحسن محدود في عدد من الولايات، بعد الضربة المزدوجة التي تلقتها جماهيريته، نتيجة أدائه في المناظرة الرئاسية الأولى ضد بايدن، ثم دخوله المستشفى بعد إصابته بمرض كوفيد-19.

وبينما يواصل بايدن التقدم على ترمب في ولايات مثل ويسكونسن وجورجيا وأريزونا، إلا أن الفارق يُعدّ ضئيلاً بما يعطي الأمل في إمكانية تقليصه وتجاوز الهوة الحالية عندما يحل موعد الاقتراع الفعلي في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وإذ كان ترمب متقدماً بنحو ثلاث نقاط على خصمه بايدن في تكساس وأوهايو، ويكاد يتعادل معه في فلوريدا بحسب بعض الاستطلاعات، إلا أن حملته ستركز كثيراً على ولاية بنسلفانيا خلال الأيام المقبلة في محاولة ماراثونية لتقليص الفارق مع بايدن، والذي يصل حالياً إلى نحو 4 نقاط.

ويراقب مسؤولو حملة ترمب الأعداد الضخمة التي أقبلت على التصويت المبكر حتى الآن ببعض التشكك، نظراً إلى عدم وجود سوابق مماثلة يمكن مقارنتها بهذا الإقبال، ويعتقدون أن الديمقراطيين لن يتمكنوا من تحقيق هدفهم بأن يصوت 40 في المئة من ناخبيهم عبر البريد.

واستبشرت حملة ترمب خيراً بنتائج استطلاع أجرته شبكة “أي بي سي نيوز” يوم الثلاثاء، أظهر تقلص الفارق بين المرشحَين إلى نقطة مئوية واحدة في ولاية نورث كارولاينا المتأرجحة التي أنفقت فيها الحملة مالاً وجهداً للحفاظ على تأييدها الرئيس ترمب وسط معركة انتخابية ساخنة.

ويراهن مستشارو حملة ترمب على أن توفر مناظرة ليلة الخميس فرصةً أخيرة لإعادة ضبط نسب التأييد الشعبي له قبل يوم الانتخابات. ونصح بعض مستشاريه بمحاولة استخدام بعض الدُعابة خلال المناظرة ومزيداً من الجدية والاهتمام، حتى أنهم أقروا بحقيقة أن العديد من الناخبات في المناطق الحضرية في الضواحي، والناخبين الأكبر سناً الذين يحتاجهم ترمب بشدة، امتنعوا عن تأييده بسبب حدة نبرته في المناظرات وخلال اللقاءات الجماهيرية، فضلاً عن تغريداته التهكمية والساخرة على تويتر.

وعلى الرغم من ذلك، لم يُظهر ترمب من قبل، قدرةً على قبول الإرشادات والنصائح عندما يتعلق الأمر بمواجهة الجمهور. وبدأ بالفعل في التعبير عن غضبه، ليس فقط من أنتوني فاوتشي وليزلي ستال، بل ضد لجنة المناظرات الرئاسية التي طالبها بتغيير القواعد المنظِمة للمناظرة الأخيرة، وإضافة محور السياسة الخارجية إلى المواضيع الأخرى المتفَق عليها بين ممثلي طرفَي المناظرة.

ويظهر الرئيس ترمب وفريق حملته شعوراً بالتفاؤل الحذر عندما يجتمعون مع قادة الحزب الجمهوري والمتبرعين للحملة، ويخبروهم بقدرتهم على تحقيق نصر أكيد على بايدن، بينما يواصل الرئيس وأبناؤه رفض ما تكشف عنه استطلاعات الرأي التي تشير إلى آفاقِ قاتمة حول بطء تقدمه، بخاصة في الولايات الحاسمة التي تحدد مصير الانتخابات.

في غضون ذلك تمتلئ أجندة الرئيس بالفعاليات الجماهيرية خلال الأيام المتبقية على موعد الانتخابات، والتي تصل حالياً إلى ثلاثة حشود انتخابية على الأقل في اليوم الواحد. ويقول مسؤولو حملة ترمب للجمهوريين في العاصمة واشنطن، إنهم يتوقعون أن يتفوقوا في استطلاعات الرأي العام بحسب بياناتهم الخاصة التي تشير إلى تقارب السباق في عدد من الولايات، بما فيها أريزونا وبنسلفانيا، بعكس ما تشير إليه الاستطلاعات التي تجريها المؤسسات الإخبارية ومراكز قياسات الرأي العام. كما يراهنون على أن تسجيل الناخبين وآلية الإقبال على التصويت التي بناها فريق ترمب على مدى السنوات الأربع الماضية، ستمنحهم في نهاية المطاف ميزة في الولايات المتأرجحة خلال يوم الانتخابات.

ومع ذلك، أشار قياديون جمهوريون بارزون بلغة مباشرة وغير مألوفة إلى احتمال هزيمة ترمب، إذ قال السناتور ليندسي غراهام عن ولاية ساوث كارولاينا، وهو حليف مقرّب من الرئيس، إن الديمقراطيين لديهم فرصة جيدة للفوز بالبيت الأبيض، بينما اعترف السناتور بن ساسي عن ولاية نبراسكا أن الحزب الجمهوري ربما يواجه “حمام دم”، في إشارة ضمنية إلى خسارة البيت الأبيض وعدد من المقاعد في مجلس الشيوخ بما يجعل الجمهوريين من دون سيطرة على أي من السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وفي حين يرفض ترمب التفكير في احتمال الهزيمة التي يكرهها، ما قد يدفعه إلى تغيير أسلوبه وإستراتيجيته في الوقت القليل المتبقي على الانتخابات، تشير بعض وسائل الإعلام الأميركية إلى وجود هوة واسعة تفصل بين تجربة الرئيس في الحملة وبين التقييمات السياسية الواقعية لعدد من الخبراء الإستراتيجيين الجمهوريين.

ففي وقت ينصح الخبراء الإستراتيجيون أن يُقدّم ترمب رسالة ختامية تهدف إلى تغيير تصورات الناس حول طريقة تعامله مع فيروس كورونا، أو إثبات سبب قدرته على إنعاش الاقتصاد بشكل أفضل مما يستطيع بايدن، يمضي الرئيس الأيام المتبقية في مهاجمة خصومه وتصوير نفسه على أنه ضحية، وتجنّب الأسئلة حول اختبار فيروس كورونا بعد خروجه من المستشفى، بل إنه هاجم المدعي العام ومكتب التحقيقات الفديرالي، وشكك في فوائد ارتداء الكمامة.

ويقول الخبراء الإستراتيجيون في الحزب الجمهوري إنه بدلاً من التأكيد على التناقض الواضح مع بايدن بشأن الاقتصاد، فإن الرئيس يفعل ما يحلو له وليس ما تتطلبه الانتخابات للفوز بها، فهو لايزال يفضل مهاجمة هانتر نجل جو بايدن بسبب تعاملاته التجارية في أوكرانيا، واطلاق الإهانات الشخصية ضد مرشح يتقدمه في استطلاعات الرأي.

وفي حين يخشى الجمهوريون من انتقام ترمب إذا نصحوه بتغيير نهجه الحالي، الأمر الذي أدى إلى تكميم أفواه معظم أعضاء الحزب، إلا أن الخبراء الإستراتيجيين للانتخابات قلقون للغاية من أنه قد يمضي الأسابيع الأخيرة من الحملة في الترفيه عن مؤيديه الحاليين وتحفيزهم ولكن من دون أي جهد منسق لضم مؤيدين جدد إليه من الناخبين المستقلين المترددين.

أكثر من ذلك، هناك أيضاً إحباط متزايد بين الجمهوريين في الكونغرس، حيال عدم توجيه البيت الأبيض رسالة إيجابية قوية حول ترشيح القاضية آمي كوني باريت إلى المحكمة العليا، وهي معركة اعتبرها الجمهوريون حتى وقت قريب أفضل فرصة لهم لتحقيق تحوّل سياسي من شأنه أن يساعد الرئيس والمرشحين الجمهوريين إلى مقاعد مجلسَي النواب والشيوخ.

ويقول محللون إستراتيجيون إن مسار حملة ترمب في أسابيعها الأخيرة يعكس نقاط ضعف بنيوية طويلة الأمد وانقسامات داخلية، في وقت لم يكن للحملة شخصية إستراتيجية مهيمنة في ظل وجود رئيس واحد فقط مُسيطر هو الرئيس ترمب، صاحب الرؤية القاتمة للطبقة السياسية المهنية في واشنطن.

في ظل هذا الوضع يبقى الأمل يراود الجمهوريين في أن يعمل الرئيس على مدى الأيام الإثني عشر المتبقية بما يكفي لتضييق الفجوة مع بايدن، وإنقاذ مرشحي الحزب في مجلسي النواب والشيوخ عبر دعمهم انتخابياً في الدوائر والولايات التي يواجهون فيها منافسة حامية.

وعلى الرغم من أن الوقت قد يكون نفد، إلا أن المناظرة الانتخابية الأخيرة تظل الفرصة الأوفر حالياً لتقديم نوع من التباين بين المرشحَين الرئاسيين، ما قد يغير مسار السباق. وهذا يتطلب أمرين لا ثالث لهما، إما أن يتغير ترمب ويظهر بشكل مختلف قادر على الإقناع، أو أن يرتكب بايدن خطأ فادحاً يكلّفه السباق الانتخابي مرة واحدة، وهذا هو أفضل أمل للجمهوريين.

المصدر