أفاعي داعش تلدغ من جديد ! ..

بقلم مهدي قاسم

عندما أُعلن الانتصار النهائي على عناصر داعش الإجرامية فقد شعرتُ بارتياح ، ولكنني لم أفرح كثيرا ، و ذلك لشعوري و علمي ــ كمتابع لأحوال هذه المنظمة الإرهابية الشرسة ــ أن هذا الانتصار لا يعدو أن يكون مجرد انتصار ميداني فقط على هذه العصابات البربرية ، و أن القضاء النهائي عليها يتوقف حصريا على أمرين الأول هو :

ـــ إزالة الحواضن والمضافات التي تحتضن هذه العناصر و تقدم لها كل أنواع المأوى والدعم اللوجستي ، بينما الثاني يتجسد بإزالة مصادر الفكرة الداعشية الإرهابية المعششة ـــ أو التي تعشعش حاليا ــ من أذهان بعض العراقيين ..

إضافة ــ وكما هو معروف للكثير ــ إلى وجود عوامل أخرى محلية ــ مثل أحزاب وتنظيمات فاسدة وميليشيات ــ وإقليمية على عالمية ــ التي تستغل وجود داعش لتحقيق وتنفيذ أجندة مصالح أو أهداف سياسية و فئوية .

ولكن الملفت للنظر في هذا الأمر أن نلاحظ أنه في الوقت الذي تُكاد أن تنعدم حاليا ، تلك الحواضن والمضافات التي كانت تقدم لعناصر داعش في المناطق الغربية ، فأن هذه الحواضن والمضافات انتقلت بالكامل إلى المناطق الشمالية من العراق ابتداء من جبال حمرين في محافظة ديالى ومرورا نحو قرى وبلدات خانقين و صعودا إلى مناطق وبلدات كركوك أيضا ، حيث زادت العمليات الإرهابية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة ، الأمر الذي يتطلب تحركا سريعا وواسعا للجيش وقوات مكافحة الإرهاب ، ولكن بشرط أن يكون الأمر مدعوما باستطلاعات استخباراتية و أمنية واسعة مسبقة لكشف ومحاصرة جيوب فلول داعش بهدف مباغتتها ومن ثم سحقها في محلها ــ بشكل نهائي وكامل ــ و بدون أن ترك أي أسير أو جريح ..

أقول بدون ترك أسير أو جريح منهم ، و ذك لأنني أعتبر غالبية الدواعش مثل فئة مصابة بطاعون ” فكري ” خطير ومميت و غير قابل للعلاج إطلاقا : إذ عبثا يُسجن الداعشي و من ثم يُطلق سراحه فإنه بمجرد الإفراج عنه يعود ليمارس أعماله الإرهابية مجددا بكل قسوة ووحشية ..
و عندنا عشرات أمثلة على ذلك ..

هذا كما نعتقد بأن أحد أسباب تزايد العمليات الإرهابية للداعش في بعض المناطق الشمالية يرجع إلى حصولهم على حواضن ومضافات من قبل الحركات “النقشبندية ” ذات وجود ونشاط ملحوظ في تلك المناطق الشمالية الآنفة الذكر ، ولهذا فيجب التركيز الاستخباراتي على هذه التنظيمات والحركات النقشبندية والتعامل معها كقوى معادية متواطئة مع القوى الإرهابية دون أن ننسى احتمال تواطؤ بعض الأحزاب و التنظيمات الكوردية ــ ولو بشكل غير مباشر ــ مع عناصر داعش و ربما غض النظر عن عملياتها الإرهابية، بغية إثبات عجز القوات الأمنية ” الاتحادية ” عن حماية تلك المناطق ومن ثم المطالبة بعودة” اسايش” إليها بعدما طردتها منها حكومة حيدرالعبادي من هناك ، وكذلك من كركوك أيضا..

فضلا عن احتمال تواطؤ بعض المليشيات أيضا ، لإرباك حكومة مصطفى الكاظمي و إثبات فشلها الأمني بهدف إسقاطها ، تحت ضغط من قبل النظام الإيراني و الأحزاب الإسلامية الفاسدة..

إذ كلنا نتذكر كيف جرت العملية ” الهوليودية ” المالكية لتهريب قادة الدواعش مع آلاف من عناصرهم الإرهابية من سجن ” ابوغريب ” المحصن حينذاك بعشرات حواجز أمنية ، و التي انسحبت فجأة قبل الهروب بساعات وذلك بناء على أوامر” فوقية ” ــ مثلما صرح آنذاك وزير العدل حسن الشمري قاصدا بذلك عميد الساسة الفاسدين نوري المالكي عندما كان رئيسا للحكومة ــ وما أعقب ذلك من سقوط محافظات عديدة وبكل سهولة و بساطة ـــ بعد هروب مئات آلاف من قادة و ضباط و جنود وعناصر شرطة بشكل مخزي ـــ لتقع تلك المحافظات تحت سيطرة بضعة مئات من دواعش هاربين من سجون عراقية و الذين كانوا بالكاد يجيدون القتال والمعارك في ذلك الوقت ..

بالمناسبة لماذا توقفت عمليات تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق الإرهابيين ؟ ..

فهل بسبب صفقات سياسية جديدة أم ماذا ؟ ..

المصدر