التواكل عند بعض المسلمين
الكثير من الجهلة المسلمين يحملون الله فشلهم في كثير من الافعال التي يتحملون مسؤليتها هم انفسهم. انهم يرفضون مجاهدة الهوى والنفس الامارة بالسوء. فعندما تنصحه بعمل الخير والاقلاع عن الظلم والشر يقول هذا الامر مكتوب علي! ولو شاء الله لهداني. هكذا يضع وزر ذنبه على الله تعالى وكان الله يامر الناس بالفحشاء في حين ان الله لا يامر الا بالعدل والاحسان “ان الله يامر بالعدل والاحسان وإيتاء ذا القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي…”. نسى او تناسى هذا المتواكل بان الله منحه حرية الاختيار وامره بعمل الخير بمحض ارادته الشخصية. كي يرضى عليه الله ويدخله الجنة. لكنه ان فعل العكس فان مصيره النار لانه هو الذي اختار طريق الشر والظلم والعدوان.
قال تعالى “واذا قيل لهم انفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين امنوا انطعم من او شاء الله اطعمه ان انتم الا في ضلال مبين”. تبين هذه الاية الكريمة بعض صفات المعاندين الجهلة للهروب من المسؤلية الاجتماعية لمساعدة الفقراء والمساكين بحجة ان الله قد كتب عليهم الحرمان ولو شاء لاطعمهم ورزقهم. بات امرا عاديا اليوم بعد تجهيل الناس بقواعد دينهم. انه عندما يتصرف بعض هؤلاء المسلمين بحماقة كان يعمل حادثة اصطدام في سيارة بسبب شربه الخمر او سياقته لها بسرعة. نراه ومن اجل الهروب من مسؤلية خطئه يحمل الله تعالى المسؤلية فيقول انه امر مكتوب علي. لقد اوقف تفكيره ولم ياخذ حذره ويفكر في عاقبة امره. ان القران الكريم قد ذكر حرية اختيار الانسان للخير او الشر مرارا وتكرارا “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”. كما ان الله لم يتركه هملا بدون توجيه فعمل الخير جزاءه رضى الله والجنة وعمل الشر عقابه غضب الله والنار.
قال تعالى “فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون الا ما كنتم تعملون”. توضح الاية الكريمة بان دخول الجنة او النار ليس صدفة انما نتيجة اعمال الدنيا. ومن يدخل النار فلا يلومن يومئذ الا نفسه. لان الله سبق ان حذره من مغبة عمل الشر. كما يقص علينا القران الكريم حسرة اهل النار بسبب غباءهم وعدم ادراك عقولهم لضرورة عمل الخير آنذاك فيقولون “لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير”.
هناك تواكل اخر اذ يعتقد البعض بان مجرد نطق الشهادة كفيل بدخول الجنة. اعتمادا على حديث رسول الله القائل من قال لا اله الا الله دخل الجنة. هذا التأويل مناهض ومعاكس لمنطق عموم القران الكريم والسنة النبوية نفسها. هذا القول يناقض روح ومقصد رسول الله لانه لا ياخذ معنى الشهادة بشرطها وشروطها. انه يهتم باللفظ ويهمل العمل. بل يتنكر لاحكام القران “يايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون”. كذلك فان السور الاخرى الكثيرة تربط الايمان بالعمل الذين امنوا وعملوا الصالحات. المتواكلين يغشون انفسهم ويمنوها الاماني عندما يتكلون على مجرد هذا القول. دون ترجمته الى اعمال صالحات تعالج واقع الحياة. فلا معنى لتحريك اللسان بالشهادة دون الالتزام باوامر الموحد (الله). خصوصا فيما يتعلق بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ان المنافقين عبر العصور يقولون كلمة التوحيد ايضا لكنهم في الدرك الاسفل من النار. ان مثل هؤلاء كمثل بعض المصلين المرائين الذين قال فيهم رسول الله رب مصل لم تزده صلاته عن الله الا بعدا.
ان هؤلاء الجهلة من المسلمين هم السبب في اعتقاد غير المسلمين بان الاسلام يدعوا الى التخلف والتواكل والكسل. انهم باسم الاسلام يعيشون في الجاهلية الاولى ولا يمكنهم ان يواكبوا عصرهم ليرفدواً البشرية علما نافعا. ان كلمة اقرا اول اية قرانية نزلت على رسول الله لحث المسلمين على العلم. ان القران يجازي العاملين خير الجزاء “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”. لكن يحاول بعض الاتكاليين عبثا ان يعطوا انطباعا للاخرين بان هذا الدين يحارب العلم ولا يحث على العمل. ان الله لم يخلق الانسان عبثا ومنحه حرية الاختيار ليميزه عن الحيوان. من دون هذه الحرية اذن ما الفائدة في ارسال الرسل والكتب والحساب والعقاب والجنة والنار.
الدكتور نصيف الجبوري