شباب تشرين يشكلون 15 كيانًا سياسيًا استعدادًا لخوض الانتخابات المبكرة

931

باتت الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، التي خرجت في معظم المدن للمطالبة بالإصلاحات الشاملة، بمثابة نقطة تحول في المشهد السياسي، بعد أقل من عام على اندلاعها. ووفقا لموقع (المونيتور)، فإن مجموعات من الشباب العراقي، اتجهت لتشكيل كيانات سياسية مختلفة، خلال الأشهر الثمانية الماضية، وذلك استعدادا لدخول الاستحقاق النيابي المقبل.

وكانت التظاهرات العراقية، قد اندلعت في تشرين الاول 2019، للمطالبة بتحسين الخدمات العامة، والإصلاح السياسي في البلد الواقع بأزمات مختلفة.

وأدت التظاهرات إلى استقالة حكومة عادل عبد المهدي، فيما دعا رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي إلى انتخابات نيابية مبكرة، تعقد في 6 حزيران 2021.

وقال مصدر في مفوضية الانتخابات، إن 15 كيانا سياسيا جديدا في طور التسجيل لدى المفوضية، وهي جهة حكومية محايدة تخضع لرقابة مجلس النواب، وتحمل على عاتقها مسؤولية التنظيم والإشراف على كل الانتخابات والاستفتاءات في البلاد. وتتكون هذه المجموعات من نشطاء في المجتمع المدني العراقي وقيادات شبابية في الاحتجاجات الشعبية الأخيرة، التي كان لفايروس كورونا المستجد الدور الأكبر في كبح جماحها. وأودت المظاهرات بحياة نحو 600 شخص، وجرح آلاف الآخرين، في صدامات دامية بين الشباب الغاضب وقوات الأمن أحيانا، أو الميليشيات الموالية لإيران، ويعاني الشباب العراقي من شح فرص العمل، بعد أن وصلت نسبة البطالة إلى 12.8 في المئة، بحسب البنك الدولي. ومع ذلك، فإن هذه النسبة ربما تكون أعلى بكثير بعد تفشي الفايروس التاجي. وسجل العراق أكثر من 240 ألف إصابة مؤكدة بفايروس كورونا، بينهم أكثر من 7 آلاف حالة وفاة جراء “كوفيد 19”.

ويقول عضو في أحد الأحزاب الجديدة التي لم يتم إطلاقها رسميا: “نسعى أن نكون بديلا ناجحا للأحزاب الحالية”. وأضاف: “لسنا حزب الشباب الوحيد، هناك مجموعات أخرى من الشباب بدأت تشكيل أحزابها، وسيتم الإعلان عنها قريبا”.

من جانبه، قال مدير مكتب زعيم حزب الحكمة، صلاح العرباوي إنه شرع في تشكيل حركة جديدة من الشباب، بعد انسحابه من التيار الذي يقوده عمار الحكيم. ورغم ذلك، لم تعلن هذه الأحزاب تشكيلها رسميا؛ لأنها بحاجة إلى موافقة مفوضية الانتخابات، لكنهم بدأوا فعليا العمل على المستوى التنظيمي. وأضاف: “عام 2018 شكل علامة فارقة مهمة، ونقطة تحول تاريخية في العراق، إذ بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات ما لا يزيد عن 20 في المئة، وهذا يشير إلى أن قرابة 80 في المئة من الشعب العراقي مستاء من الطبقة الحاكمة في ظل عدم وجود بديل، وبناء على ذلك، طلبنا في ذلك الوقت بديلا ليحل محل الجيل الأكبر سنا”.

وأشار العرباوي إلى أنهم يهدفون إلى تطوير نظام الحكم، من خلال تعديل الدستور العراقي الذي ينص على أن يتم انتخاب الرئيس مباشرة من قبل الشعب، وتعيين الحكومة بناء على نتائج الانتخابات، وأن يكون هناك ائتلاف موال للحكومة وآخر معارض داخل قبة البرلمان.

لكن تبقى هناك مخاوف من أن تكون بعض أحزاب الشباب هذه بمثابة جبهات غير رسمية للأحزاب الكبيرة. وقالت مصادر داخل ساحات الاحتجاجات، إن الكاظمي والحكيم وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي هم أبرز الشخصيات التي عملت على دفع الشباب إلى الصدارة في التشكيلات الجديدة.

وتواصلت بعض الأحزاب مع المجموعات الشبابية لحثهم على الانضمام إلى صفوفهم، أو تشكيل كيانات جديدة، مع التركيز على نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي وأصحاب النفوذ في المجتمع. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد عادل بديوي، إن “بعض القوى السياسية بدأت في دفع الشباب إلى تشكيل أحزاب سياسية من شأنها أن تجتذب الشباب على أساسها في الانتخابات المقبلة، لهذا السبب يبنون تكتيكهم على شخصيات جديدة بين الشباب”.

وتابع: “قيادات المظاهرات الشبابية ليست جيدة في التكتيكات الانتخابية، يمكن للقوى السياسية الحالية العودة للسلطة من خلال التلاعب بالشباب”. وغالبية السكان في العراق هم من الفئة الشابة التي تتراوح أعمارها بين 15 إلى 24 عاما، وهذا ما يشكل حوالي 56 في المئة من إجمالي السكان.

لكن تبقى عملية وصول التكتلات الشابة إلى السلطة مغامرة محفوفة بالمخاطر، مع افتقارهم للخبرة السياسية الكافية.

في هذا الإطار، استبعد العضو المنتدب السابق لمركز البيان للدراسات والتخطيط ساجد جياد، إمكانية فوز “أحزاب الشباب بمقاعد في مواجهة الأحزاب القديمة”، مضيفا “لا توجد بوادر واعدة”. وتابع: “في حال بقي قانون الانتخاب على حاله، ستحقق الأحزاب الكبيرة نتائج عظيمة في الانتخابات، فهي تملك السلاح والمال والقاعدة الشعبية”. وتحتاج الكيانات الشبابية الجديدة إلى 10 أشهر من العمل الدؤوب، قبل التوجه لصناديق الاقتراع، منتصف العام المقبل.

ومبكرًا جدًا بدأ الصراع الانتخابي في بعض المحافظات، وظهرت معه خريطة جديدة لتشكيل الاحزاب والقوى السياسية التي ستتنافس على مقاعد البرلمان. وتشير حركة بعض الاحزاب في المدن، بحسب تقرير لـ(المدى) نشرته قبل ايام، الى وجود 3 اتجاهات رئيسة ستظهر خلال منافسات الانتخابات، اغلبها يدور حول قوى احتجاجات تشرين. ووفق مسؤولين محليين وناشطين في مدن مختلفة، تحدثوا لـ(المدى) حينها، ان بعض القوى السياسية “بدأت تتحرك لتشكيل احزاب وكتل جديدة استعدادًا للانتخابات”. وبحسب تلك الجهات، فان الاحزاب الجديدة تتحرك بثلاثة مسارات: الاول تشكيل احزاب تمثل احتجاجات تشرين، والثانية مختلطة بين القوى السياسية التقليدية وتشرين، والثالثة بين اطراف الحشد وجهات تدعي انتماءها الى التظاهرات.

وقال علي عمران، ناشط في النجف لـ(المدى): “بعد اشهر من الاحتجاجات بدأنا نفكر بان يتحول التظاهر الى شكل سياسي ونشكل حزبا يضم المحتجين”. كان واحدًا من ابرز مطالب متظاهري تشرين، هو اجراء انتخابات مبكرة، بشرط اجراء بعض التعديلات على قانون الانتخابات وضمان النزاهة. يضيف عمران قائلا: “تسعى بعض الاحزاب التي خسرت رصيدها الى ان تغازل اطرافا من المحتجين لعقد شراكة ضمن احزاب جديدة لتدخل منافسة الانتخابات”.

ويشك الناشط المدني وزملاؤه في نوايا تلك الجهات. ويتابع: “ستصعد هذه الاحزاب على اكتاف تشرين الى السلطة ثم تطردهم او تهمشهم بعد ذلك”. وتعهد الكاظمي بعد تسميته في بداية أيار الماضي، بأن تقود حكومته “الانتقالية” العراق نحو انتخابات مبكرة. وجاء ذلك في أعقاب الاحتجاجات التي انطلقت في تشرين الأول الماضي وأدت إلى استقالة سلفه عادل عبد المهدي.

المصدر