الـ بيــك أب المنفلتة تــروع الناشطــين: 5 محاولات اغتيال وآخر مختطف

136

بغداد/ تميم الحسن

بدأ عشرات الناشطين موجة هجرة جديدة من مناطقهم الاصلية الى مدن اخرى، عقب تهديدات وملاحقات من جماعات مسلحة. وكان نحو 200 ناشط قد غادروا بغداد ومدن الجنوب الى كردستان في منتصف 2020، عقب سلسلة اغتيالات طالت عددا من المشاركين في حركة الاحتجاجات.

ومنذ الجمعة الماضية تعرض 5 ناشطين الى محاولات اغتيال بالاضافة الى اختطاف ناشط واحد في عدد من المحافظات فيما داهم مسلحون يستقلون سيارات نقل صغيرة بيوت متظاهرين في النجف.

واطلق ناشطون اسم الـ”بيك أب المنفلتة” في استعارة لجملة “المليشيات المنفلتة” المتداولة بين الاوساط السياسية، على العجلة التي تلاحق المتظاهرين خلال الايام الثلاثة الاخيرة.

وكانت آخر عملية اغتيال ضد ناشطين، قد سجلت في نهاية 2020، حين قتل مسلحون المتظاهر البارز صلاح العراقي في بغداد.

وتوقعت حينها، لجنة الامن والدفاع في البرلمان تصاعد عمليات الاغتيال في البلاد ضد ناشطين مع تزايد الازمات السياسية والاقتصادية.

مداهمة منازل الناشطين

بدوره، يقول علي النجفي، وهو اسم مستعار لناشط في النجف لـ(المدى)، ان “6 منازل لناشطين في النجف تمت مداهمتها من مساء يوم الجمعة”.

وجاء ذلك بعد ساعات من انتشار مقاطع فيديو لشباب يهتفون ضد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في مؤتمر لاحياء الذكرى السنوية الاولى لما عرف بـ”مجزرة النجف”. ويضيف الناشط الذي تحفظ على اسمه الصريح خوفا من الملاحقة: “وفي الايام الثلاثة الماضية، تعرض ناشطان اثنان الى محاولة اغتيال، وثالث الى الخطف، وهم جميعا كانوا حاضرين في المؤتمر”.

ورد لاحقاً صالح محمد العراقي، الذي يعرف نفسه بـ “وزير مقتدى الصدر”، ببيان على “هتافات المؤتمر”، اتهم فيه من وصفهم بـ “البعثيين والدواعش وعشاق العدو الصهيوني” بالوقوف وراء إقامة الندوة وتوجيه الانتقادات للصدر. ووفق الناشط النجفي، ان شباب النجف وبغداد وواسط والناصرية ومدن اخرى، كانوا قد اتفقوا على اقامة الاحتفالية في ساحة الصدرين التي شهدت العام الماضي، سقوط 11 ضحية من المتظاهرين وجرح نحو 140 آخرين.

لكن الظروف الجوية اجبرتهم على ترك الساحة التي كانت ساحة الاعتصام المركزية في النجف خلال احتجاجات تشرين، الى قاعة مؤجرة داخل اتحاد الادباء في المحافظة، تبين بعد ذلك انها كانت “مجانية”.

ويتابع الناشط: “لم تشهد القاعة حضورا بهذا الحجم، والتحق الشباب من المحافظات، والقيت قصائد فيها اشارات الى مسؤولية الصدريين عن مجزرة النجف، فيما صاح شباب هاتفين ضد زعيم التيار”.

مؤتمر الاتحاد

وكانت مقاطع فيديو اظهرت شبابا في آخر القاعة يهتفون: “ذيل سيد مقتدى..ذيل”، وعقب انتشار تلك المقاطع قال ناشطون ان “منازلهم تعرضت الى مداهمات في النجف”، وتطور الامر الى شباب في مدن اخرى حضروا الندوة.

وظهرت صور للناشط احمد الحلو في بابل الذي كان حاضرا للمؤتمر في النجف، وقد تعرض الى العنف بعد محاولة اغتيال. وكان الحلو قد كتب قبل ساعات قليلة من محاولة اختطافه، في حسابه على “فيسبوك”، أن “قوة مسلحة من سرايا السلام داهمت منزل أهلي وروعت النساء والأطفال واعتقلت والدي”. وقال المقرب من مقتدى الصدر صالح محمد العراقي في توضيح إن “ما حدث في مقر أدباء النجف لا يمثلهم على الإطلاق بل قد صدر من مجموعة بعـثية ودواعش أو اناس لا وطن لهم غير التشبه بالغرب وعشق العـدو الصـهـيوني، لان مثل تلك الافعال تفرح العــدو وتثير الفتــنة”. وأضاف، “من هنا أوجه ندائي للمخلصين بعدم التظاهر أمام المقر إطلاقا” وتابع، “اننا سنتصرف بطرق اجتماعية وقانونية أخرى وسنجعلهم عبرة للجميع فكيل التهم جزافا جـريمة يعاقب عليها الشرع والقانون”.

وأكد على ان “الصدر وجه مسؤوله الأمني الخاص بحماية المقر”.

وكانت جماعات قد تظاهرت امام مقر اتحاد الادباء في النجف، فيما أصدر الاخير بيانا يتبرأ فيه من المشاركين في الحفل ويقول إن مسؤوليته عنهم تنحصر في أنه “قام بتأجير القاعة لهم”، وأدان “اعتداءهم على الرموز الوطنية”.

لكن الناشط النجفي، اكد ان “الاتحاد اعطى القاعة مجانا، وان الاتحاد كان دائما يقف مع المحتجين واجتماعات التظاهرات كانت تجري داخل بنايته”.

وعقب حادثة الحلو، اظهرت مقاطع فيديو قيام سيارة نقل بيضاء صغيرة، بخطف الناشط رائد الدعمي في كربلاء، قبل ان يلقوا به في المقبرة بالمدينة مقيد اليدين وقد تعرض للتعذيب.

ويقول علي النجفي ان “الدعمي كان حاضرا ايضا في مؤتمر النجف، وعملية اختطافه هي محاولة اغتيال فاشلة كما جرى للحلو”.

واضاف النجفي ان حركة “البيك أب المنفلتة” –كما اسماها ناشطون- في مداهمة المنازل قد جرت امام انظار القوات الامنية التي وقفت متفرجة.

واكد الناشط ان شرطة النجف “نفت وجود اي بلاغات قد وصلت اليها حول تعرض منازل الى حملات دهم من جماعات مسلحة”.

مغادرة إجبارية

واكد علي النجفي، قيام عشرات الناشطين في المدينة بالانتقال الى محافظات اخرى وترك اماكن عملهم. وتابع قائلا: “عمليات الانتقال تجري منذ شباط 2020 حين جرت مجزرة النجف”، فيما كان يوسف جبران قد اختطف من قبل جماعات مسلحة في النجف بعد القائه قصيدة في المؤتمر الاخير، وافرج عنه بعد وقت قصير من الاختطاف.

ونفس التحركات جرت في الناصرية، على الرغم انها تبعد عدة كيلومترات عن النجف، لكن مصطفى الناصري، وهو اسم مستعار ايضا لناشط في المدينة، يقول ان “الناشطين في الناصرية دائما يتلقون الرد عن اي تصعيد في المحافظات”.

ويرى الناشطون في ذي قار، انهم مسؤولون عن الحركة الاحتجاجية في عموم البلاد، وعند حدوث اي عنف او تحريض ضد المتظاهرين عليهم اتخاذ مواقف للرد على تلك الاحداث.

ويضيف الناشط الناصري في حديث مع (المدى) انه “منذ حادثة مؤتمر النجف، بدأ التحريض ضد الناشطين في الناصرية بسبب موقفهم مما جرى من تهديد للمتظاهرين”.

وتعرض 3 ناشطين في الناصرية، امس، الى محاولة اغتيال حين قام مسلحون يستقلون دراجات نارية باطلاق الرصاص على علي عماد، وعلي هاشم، وشخص ثالث كان برفقتهم.

وتعرض الناشطون الى اصابات في القدم، بحسب الناصري، فيما كان منزل الناشط احمد عباس في الناصرية قد وضعت امامه مساء الاحد عبوة ناسفة، قبل ان تقوم القوات الامنية بتفكيكها.

وكانت اكثر من 30 عبوة قد وضعت امام منازل ناشطين في ذي قار، منذ احداث ساحة الحبوبي اواخر العام الماضي، حين حاول مسلحون اجبار المتظاهرين على انهاء الاحتجاجات.

ويقول الناشط علي الناصري، الذي طلب عدم نشر اسمه الصريح خوفا من ملاحقة المسلحين ان “المليشيات صارت اقوى من قبل خصوصا مع فشل الحكومة في تحرير سجاد العراقي” الذي اختطف في الناصرية في ايلول 2020.

المصدر