المدى/ حسن الإبراهيمي
يشعر انمار الجبوري (اسم مستعار) مع زملائه بالقلق الدائم والخوف من فقدان وظيفتهم لعدم وجود قانون يحميهم ويعزز مكانتهم الوظيفية.
(المدى) التقت الجبوري مع زملائه، العاملين في احدى شركات السفر والسياحة، مفضلين عدم ذكر اسمهم في التقرير، وقالوا في حديثهم إننا “نشعر بالقلق الدائم ازاء مستقبلنا الوظيفي”.
مضيفين أننا “نواجه خطر التسريح المفاجئ دون أية حقوق وبلا مكافأة نهاية الخدمة”، مؤكدين أنهم “مجبرون على العمل برواتب قليلة لا تتناسب مع الشهادات الاكاديمية التي يحملونها بسبب شحة الوظائف في سوق العمل العراقية”.
الموظفون خط أحمر
وخلال السنوات السابقة، ركزت الحكومات المتعاقبة على شريحة الموظفين دون ادنى اهتمام بالقطاع الخاص وعماله، تركيزٌا يتلخص بتأمين رواتب الموظفين بأوقاتها المحددة، بالاعتماد على الايرادات النفطية التي من المفترض ان تذهب لفئات الشعب كافة، بموجب الدستور.
هذه السياسة “الخاطئة” من وجهة نظر المختصين، جعلت الحكومة تواجه مشكلة حقيقية في تأمين رواتب موظفيها بسبب الأزمة المالية الناجمة عن تدهور أسعار النفط وتفشي جائحة كورونا خلال العام 2020 ناهيك عن الفساد الذي التهم واردات العراق وخيراته.
اذ لجأت الحكومة خلال العام الماضي، إلى اقتراض 18 مليار دولار من الداخل والخارج لتوزيع رواتب الموظفين العاملين في القطاع العام بالاضافة الى تسديد نفقات تشغيلية اخرى تتعلق بتأمين مفردات البطاقة التموينية فضلاً عن رواتب السجناء السياسيين والشهداء والرعاية الاجتماعية.
قراءة أولى
وفي 23 كانون الاول 2021، عكف مجلس النواب على القراءة الاولى لمشروع قانون الضمان الاجتماعي للعاملين في القطاع الخاص.
قانون ينتظره اكثر من 500 ألف عامل مدرج ضمن قوائم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
يقول مصدر في الوزارة في حديث لـ(المدى) إن “قانون الضمان الاجتماعي فيه الكثير من الامتيازات للطبقة العاملة في القطاع الخاص العراقي فضلاً عن القطاع التعاوني والمختلط”.
ويضيف أنه اذا ما تم تطبيق هذا القانون فأنه سوف يقلل من اعداد العاطلين عن العمل لانه سيدفع الكثير من العاملين نحو القطاع الخاص بدلاً عن القطاع الحكومي.
50 عاماً
ويوضح المصدر أن “عُمر قانون الضمان الاجتماعي الذي تعمل به الوزارة 50 سنة، فهو لا يتناسب والتغييرات التي طرأت على المجتمع العراقي”.
وكشف عن أن “عدد المشمولين بالضمان الاجتماعي في الفترة الاخيرة يُقدر بـ200 الف عامل بالاضافة الى 250 الف عامل مضمن في السابق، اي أن المجموع الكلي للعاملين يبلغ 450 ألف عامل مضمون”.
ويشير الى أن “خطة الوزارة تستهدف الوصول الى 500 الف عامل مضمون”.
وتحسب الرواتب التقاعدية للعمال المضمونين وفقاً للمعادلة الاتية؛ “سنين الخدمة ضرب متوسط الاجر لثلاث سنوات الاخيرة ضرب 2،5 % تقسيم 12 ويضاف لها، وفقاً للقانون الجديد، 1 % غلاء معيشة”.
فيما يقول عضو لجنة العمل النيابية حسين عرب، إن “قانون الضمان الاجتماعي يعد من اهم القوانين التي يعمل مجلس النواب على تشريعها خلال المرحلة المقبلة”.
ويعزو ذلك الى انه “يضمن حقوق شريحة واسعة من الفئات العاملة كذلك يضمن حقوق ارباب العمل”.
ويؤكد عرب في حديثه لـ(المدى)، أن أبرز ما يميز هذا القانون هو تخفيف الزخم الحاصل على القطاع الحكومي عبر تقديم امتيازات، بموجب القانون، للعاملين بالقطاع الخاص لعل ابرزها؛ راتب تقاعدي مجز ومكافأة نهاية الخدمة.
حماس نيابي
ويلفت عضو مجلس النواب الى أن “مجلس النواب متحمس لاقرار هذا القانون لكن بعد اجراء بعض التعديلات على فقراته”، موضحاً أن لجنته سجلت ملاحظات عديدة على مسودة القانون وعلى صعيد المثال “صلاحيات وزير العمل في صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي وفقرة مكافآت نهاية الخدمة”.
ويتابع عرب أن لجنته ستعقد المزيد من الاجتماعات خلال الايام المقبلة لمناقشة التعديلات التي ستطرأ على القانون والتي من شأنها ضمان حقوق العاملين في القطاع الخاص.
بدوره يقول الخبير الاقتصادي باسم انطوان، إن قانون الضمان الاجتماعي سيعيد الثقة بالقطاع الخاص العراقي والعاملين فيه.
ويضيف أنه بات من الضروري تعزيز فرص العمل في القطاع الخاص وتشريع قوانين خاصة بحماية العاملين، في ظل اعداد كبيرة من المتخرجين سنوياً.
ويوضح انطوان في حديث لـ(المدى) أن تشريع هذا القانون سيخفف من الضغط الحاصل على القطاع الحكومي، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة منح المتقاعدين بموجب قانون الضمان الاجتماعي “رواتب تقاعدية مجزية لا تقل عن اقرانهم في القطاع الحكومي”.
ويطالب انطوان بابعاد القانون عن المزايدات الحزبية والاسراع بتشريعه لاعادة الثقة بالقطاع الخاص العراقي.
وبموجب القانون الجديد فأنه يتم منح مكافأة نهاية الخدمة بعد ثلاثة اشهر من احالة العامل على التقاعد، كما انه يسمح بنقل الخدمة في القطاع الخاص الى الحكومي في حال حصول العامل على وظيفة حكومية.
رفض نقابي
لكن نقابة العمال في العراق ترفض تمرير القانون بصغيته الحالية، لانها لم تشارك في اعداد المسودة الخاصة بالقانون، وفقاً لرئيس الاتحاد العراقي لنقابات العمال وليد نعمة.
ويضيف نعمة في حديثه لـ(المدى) إن “النقابة دعت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وممثلا عن مجلس النواب الى حضور مؤتمر النقابات العمالية الذي عقد منذ مدة قصيرة”.
ويكمل أن “أحداً من الجهات المذكورة لم يحضر في هذا المؤتمر الذي كان هدفه مناقشة مشروع قانون الضمان الاجتماعي الجديد”.
وعبر منعم عن استغرابه “من قراءة القانون قراءة سرية في مجلس النواب وهذا ما يثير الشك والريبة”، على حد تعبيره.
ويلفت الى أن “هناك بعض التسريبات تتحدث عن حذف بعض المواضيع المهمة من القانون وابرزها الاصابات اثناء العمل”.
وطالب رئيس الاتحاد العراقي لنقابات العمال في العراق، بمشاركة نقابات العمال في إعداد الصيغة النهائية للقانون لكي يتناسب مع سوق العمل في العراق، مؤكداً أن نقابات العمال في العراق تسعى لانشاء قاعدة قانونية رصينة تضمن حقوق جميع العاملين في القطاع الخاص.
ويعمل في العراق بحدود 4 ملايين موظف في القطاع العام، تحتاج الدولة الى ما يقارب الـ6 تريليونات دينار لتأمين رواتبهم الشهرية.