مراقبون: قوى سياسية تخطط لإقالة الحكومة أجبرت المفوضية على تأجيل الانتخابات

142

بغداد/ وائل نعمة

وجدت بعض القوى السياسية من مفوضية الانتخابات “شماعة جاهزة” لتحميلها مسؤولية تأخير الانتخابات، وهي خطوة ستجر معها مواعيد اخرى قد تنتهي بالغاء الانتخابات المبكرة. واقترحت المفوضية، مساء الاحد، إرجاء الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها بحسب تعهدات رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، في 6 حزيران المقبل، لـ4 أشهر.

ولا يوجد نص في الدستور يمنح المفوضية صلاحية تحديد موعد الانتخابات المبكرة، وانما ينحصر هذا الدور في حالتي انتهاء الدورة البرلمانية بشكل طبيعي او الاستفتاء.

وكانت مصادر قد رجحت لـ(المدى) قبل ساعات قليلة من صدور اقتراح المفوضية، ان يكون الغاء الموعد المفترض، مقدمة لاقالة حكومة مصطفى الكاظمي. ودائما تذكر بعض القوى السياسية، ان المهمة الاساسية و”الوحيدة” لحكومة الكاظمي التي جاءت عقب احتجاجات تشرين، هي اجراء انتخابات مبكرة.

وعلى اساس هذا الضغط اضطر الكاظمي ان يعلن العام الماضي، تحديد شهر حزيران كموعد مفترض لاجراء الانتخابات، وهو ما اوقعه في “شباك المعارضين”. وكانت عدة مؤشرات قد ألمحت الى احتمالية تأجيل الانتخابات الى شهري ايلول او تشرين الاول المقبلين، لكن مفوضية الانتخابات كانت مصرة على الموعد القديم حتى نهاية الاسبوع الماضي.

أسعدهم مقترح المفوضية!

وتعود المصادر المطلعة على نقاشات القوى السياسية حول الانتخابات لتؤكد لـ(المدى) ان “بعض القوى السياسية الرافضة لاجراء انتخابات مبكرة اسعدها مقترح المفوضية للتأجيل”.

ويضيف المصدر وهو سياسي ضمن احد القوى الكبيرة: “تم الاتفاق على تحميل المفوضية وهي الحلقة الاضعف، مسؤولية التأجيل لتمرير هدفها بالغاء الانتخابات المبكرة”. وبررت مفوضية الانتخابات مقترح التأجيل، لعدم كفاية الوقت لتسجيل “المرشحين” ولزيادة “الرقابة الاممية”، و”التسجيل البايومتري”. لكن المصدر يقول: “في حال الغي موعد حزيران فستكون البلاد امام خيارات مفتوحة من التوقيتات والاحداث الكبيرة التي قد تمنع اجراء الانتخابات المبكرة”.

ولا يوجد حتى الان “سيناريو دستوري” لاعلان التراجع عن الموعد السابق للانتخابات، على الرغم من توجيه المفوضية رسالة الى الكاظمي بمقترح توقيت الاقتراع. ويمضي المصدر قائلا: “قد يلجأ الكاظمي الى عقد لقاء موسع مع القوى السياسية والرئاسات للخروج ببيان موحد عن اللقاء”. ويعتبر المصدر ان الكاظمي كان قد وقع في “الفخ” حين اعلن في وقت سابق موعد الانتخابات المبكرة، بينما لا يعطي الدستور هذا الحق. ولا يوجد في الدستور الذي يضم اكثر من 140 مادة عبارة “انتخابات مبكرة”، باستثناء في المادة 64 التي تتحدث عن “انتخابات عامة” شرط حل البرلمان لنفسه، وهي مادة لم يستخدمها رئيس الوزراء في بيان اعلان موعد الانتخابات، كما لم تذكر المفوضية على ماذا استندت في مقترح التأجيل.

وتنص المادة 46 من الدستور “أولاً:- يُحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء”.

كما تقول المادة نفسها / ثانياً: “يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية”. ويعتقد المصدر السياسي ان “القوى السياسية المعارضة للكاظمي ستكون امامها فرصة لاقالته واختيار رئيس وزراء بديل برؤية جديدة ومواعيد انتخابات جديدة”.

وتخشى بعض القوى السياسية بحسب ما يدور في الكواليس من ثلاث قضايا: السلاح المنفلت، مشاركة المقاطعين وهم اكثر من نصف عدد الذين يحق لهم التصويت، وتراجع شعبية بعض الاحزاب.

تحذيرات سابقة

بدوره، يقول كاطع نجمان، النائب عن ائتلاف دولة القانون، بان كتلته كانت تدرك ان اعتماد “الدوائر المتعددة” في نظام الانتخابات “سيؤخر اجراء انتخابات مبكرة”.

وتم اعتماد نظام الدوائر المتعددة في قانون الانتخابات الجديد، بناء على مطالب تظاهرات تشرين الاول 2020 التي اطاحت بحكومة عبد المهدي.

ويضيف نجمان: “بعض القوى السياسية عاندت ولم تستمع لتحذيرات تأخير الانتخابات واصرت على الدوائر المتعددة، وقلنا حينها ان ذلك سيمنع تحديد موعد للاقتراع”.

والدوائر المتعددة، هو نظام يجربه العراقيون لاول مرة منذ 2005 – اول انتخابات بعد 2003- حيث يمنع هذا النظام ان تذهب اصوات المرشحين الخاسرين الى احزابهم.

ويتابع النائب عن ائتلاف المالكي، ان الموعد الجديد الذي اقترحته المفوضية “سيكون نهائيا لانها من اقترحته ويفترض انها استشارت معنيين بهذا الشأن”.

لا تدخلات سياسية

وحتى الخميس الماضي، وهو وقت اجتماع الرئاسات الثلاثة الذي ناقش قضية الانتخابات، كانت مفوضية الانتخابات متمسكة بموعد 6 حزيران.

لكن كريم عفتان وهو نائب عن الجبهة العراقية يقول لـ(المدى) ان “المفوضية محقة في طلب التأجيل لاسباب فنية بحتة متعلقة بتسجيل الكيانات واصدار بطاقات الناخب”.

وكانت الناطقة باسم المفوضية جمانة الغلاي قد قالت الخميس الماضي للوكالة الرسمية، ان “اجتماع الرئاسات مع مفوضية الانتخابات والمبعوثة الأممية بحث الاستعدادات لإجراء الانتخابات المقبلة”. واضافت ان “الاجتماع ناقش التحديات وانجاز العملية الانتخابية”، مؤكدة “استعداد المفوضية فنياً لاجراء الانتخابات في موعدها في السادس من حزيران المقبل”. وينفي من جهته النائب عفتان وهو وزير كهرباء سابق ان “تكون هناك ضغوط سياسية على المفوضية او الحكومة لتأجيل الانتخابات”.

هيئات غير مستقلة

ويظهر التيار الصدري اكبر المتحمسين لاجراء انتخابات مبكرة، غاضبا من مقترح التأجيل.

ويقول النائب عن سائرون التابع للتيار في اتصال مع (المدى) ان “قرار المفوضية ليس مهنيا ولا احترافيا وانما قرار سياسي”.

واضاف رياض المسعودي ان “هذا القرار يؤكد ان الهيئات المستقلة ليست مستقلة”، في اشارة الى مفوضية الانتخابات التي تعتبر من ضمن الهيئات المستقلة التي تفوق الـ20 هيئة.

ويشير النائب الى ان “ارادات سياسية اجبرت المفوضية على طلب تأجيل الموعد، كما ان تلك القوى والحكومة ايضا لم تحل ازمة المحكمة الاتحادية، او النازحين، او تنقلات السكان” وهي قضايا تعرقل اجراء الانتخابات بحسب المسعودي.

المصدر