أيها الجمهور قبل ان تخدع مجددا بأكذوبة القشور ..!

357

احمد الحاج
قالوا في الامثال الشعبية قديما “أواعدك بالوعد وأسكيك ياكمون ” ويضرب المثل للوعود الكاذبة والعهود الزائفة وأخال أن المثل متولد من رحم نظيره العربي الشهير”مواعيد عرقوب”للدلالة على الوعود غير القابلة للوفاء من قبل أصحابها حتى قالت العرب “كانت مواعيد عرقوب لها مثلا..وما مواعيدها إلا الأباطيل”،وقصته بإختصار أن بخيلا من بخلاء اليمن يدعى عرقوب كان له بستان نخيل فقال لأخيه ان هذه النخلة لك هدية عندما تثمر،فلما حملت النخلة بلحاً، قال عرقوب لأخيه دعها حتى تصفر،فلما أصفرت، قال عرقوب دعها حتى تحمر، فلما احمرت قال دعها حتى تصبح رطبا،فلما اصبحت رطبا قال دعها حتى يصلح تمرها، ثم جمع عرقوب ذات ليلة التمر كله وولى به هاربا،من دون علم اخيه الذي طال صبره وانتظاره لتمر النخلة الموعود،فظل حائرا يضرب كفا بكف على وعود لم تتحقق وليس في النية الوفاء بها مذ قطعت له زورا وبهتانا، بمعنى أن عرقوب هذا قد نجح في خداع شقيقه وتخديره لأن شقيقه وعلى ما يبدو يعشق الخداع والانخداع بالقشور لحين جني التمر والفرار به كله وكان حري بالاخ ان يطالب بحصته من الميراث في البستان كله بدلا من انتظار ثمر نخلة واحدة لم ولن يطال تمرها البتة،وكان الأجدى بالأخ الشقيق ،أن “لايلدغ من جحر واحد مرتين “، وكان الأجدر به، أن يدرك ” بأن عار الخداع على يد شخص ما مرة انما يكون على المخادع ،فيما عار الخديعة للمرة الثانية تكون على المخدوع ” فما بالك وقد خدع عرقوب وأمثاله اشقاءهم وأتباعهم وناخبيهم وأبناء محافظاتهم مرات ومرات ؟!
وبالقياس على العراق فقد صار جليا بأن عموم الجمهور بات مخدوعا بمواعيد عرقوب السياسية – تيك اواي – وبما يتعهد به الساسة من القشورعلى حساب النهضة الحقيقية وتحقيق المطالب الحقة واستعادة الحقوق السليبة والتي من شأنها لو تحققت أن تعلي من شأن العراق بين بقية البلدان وتحلق بالشعب العراقي عاليا بين الشعوب لما يمتلكه من طاقات وخبرات وثروات وخيرات، ويبدو ان ساسة المكونات والطوائف والقوميات اضافة الى تجار الحروب قد فطنوا الى هذه اللعبة جيدا فلم يعد يعنيهم تحقيق النهضة الواعدة ولا الاستجابة للمطالب الملحة بقدر مغازلة الجماهير والنفاذ اليها من خلال تلكم الابواب التقليدية المشرعة براغماتيا وديماغوجيا ودوغماتيا وطوباويا مراهنين على العصبيات الجاهلية والطائفية والعشائرية والمناطقية التي تستهوي كل فريق منهم فحسب للاستحواذ على مقدرات العراق كله والضحك على ذقون الجماهير ..كل الجماهير من زاخو الى الفاو بمن فيهم اتباعهم وناخبيهم كذلك !
اليوم وعلى سبيل المثال لو أراد ساسة العرب السنة وقادتهم “الا ما رحم ربك ” من احزاب نحاسية وحديدية و-تنك قراطية- والتي تكاد خلافاتهم وانشقاقاتهم ومؤامرات بعضهم ضد بعض،بل وتحالفاتهم مع من يزعمون عداءهم في العلن أمام وسائل الاعلام افتراءا فيما امورهم مع هؤلاء -الاعدقاء – دهن ودبس في الخفاء ومن وراء الستارة ،اقول لو حاولوا مغازلة جمهورهم لاسيما قبيل الانتخابات النيابية فحسبهم”تقديم وعود – مجرد وعود فارغة ولاقيمة لها على ارض الواقع اذ سبق ان تبين زيفها – عبر وسائل الاعلام عن اصدار قانون العفو العام ، الغاء الاجتثاث ، تجميد المساءلة والعدالة ،اعادة ضباط الجيش السابق وبقية ما يسمى بالدوائر المنحلة الى وظائفهم السابقة واحالة من بلغ السن القانونية منهم الى التقاعد ،مع تقديم وعود – فالصو -بإعادة اعمار المناطق المدمرة واعادة النازحين ..ولايفوتهم المرور سريعا بين الحين والاخر على موضوعة الاقليم السني الذي يظهر الى العلن فترة ومن ثم يخمد اخرى على لسان ذات الشخصيات وبحسب الحاجة المرجوة من إثارة هكذا موضوع كورقة ضغط سياسية – فقط – ومن ثم ما يلبث ان يخمد وكأنه لم يطرح يوما قط لامن بعيد ولا من قريب ،علاوة التحدث بقضية المغيبين والمهجرين والمفقودين والمعتقلين بوشاية المخبر السري ممن لم تثبت ادانتهم ..وووبس !
هذه هي مجمل طروحات ساسة العرب السنة وجلها وعلى قول عبد الله رويشد”أتاري كل ما قلتي كلام في كلام ، ياويلي ما بقى صاحب ،وعلى الدنيا السلام” ولو سألتهم لماذا لم تنفذوا وعودكم تلك طيلة 17 عاما مضت ، وماذا عن خطط اعادة المليارات المهربة والمنهوبة والمهدورة ،عن محاربة الفساد المالي والاداري والسياسي ،عن بناء المدارس والكليات والجامعات ، تشييد العيادات والمستشفيات ، تأهيل المصانع المدمرة والمتوقفة في محافظاتكم ، تأهيل المزارع المجرفة،البساتين المحروقة بما يوازي الاف الدونمات الزراعية ،ماذا عن المعالم والمناطق السياحية والاثارية في مناطقكم ..ماذا عن المشاريع المطلوبة لإستكشاف واستخراج المعادن والثروات الطبيعية، فلاجواب لأن الجمهور العربي السني عموما قد ادمن أو أحبط أو رضي بالقشور والعرقوبيات المقطوعة له – دعاية – مع كل حملة انتخابية من باب (أمني النفس بالآمال أرقبها ..ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل) ،اقول الانشغال بالاماني والقشور لأن هذا الجمهور يعي تماما بأن أي مطلب من مطالبه تلك لن يتحقق من خلال التجربة الطويلة والمريرة المعاشة،والمجرب لايجرب ،ولكن لافائدة ،ستتكرر العرقوبيات وستأكل الجماهير ذات الطعم ومن نفس الصياد لأن الجمهور ولكثرة ما ألم به من صدمات وما عاشه من ازمات وعلى قول اشقائنا المصريين “عاوز كده” !
كذلك ساسة الكرد في اقليم كردستان فجل حديثهم ووعودهم قبيل الانتخابات منصبة حول الانفصال ،حصة الاقليم من الموازنة الاتحادية، حصتهم من المناصب السيادية وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية، حصتهم من الدرجات الخاصة،حصتهم في المفوضية العليا للانتخابات، في وزارة الخارجية والمالية والنفط وبقية الوزارات ، رواتب ومستحقات الموظفين والبيشمركة، حصتهم في محافظة كركوك وضواحيها،حصتهم من النفط ،ترتيب الاوراق بغية الدخول الى الانتخابات النيابية بقوائم موحدة للحصول على اكبر عدد ممكن من المقاعد وووبس ” ولو سألتهم وماذا عن بناء السدود، استصلاح الاراضي الزراعية ،تشييد المصانع ،حفر القنوات ،بناء الاحواض والخزانات ، بناء المدارس المعاهد والجامعات ،بناء المشافي والمستوصفات، النهوض بالثروة الحيوانية، بناء محطات عملاقة تستثمر مياه السدود لانتاج الطاقة الكهربائية ، ومثلها لإستثمار الرياح في انتاج الطاقة ، ومثلها لانتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، ماذا عن النهضة السياحية، ماذا عن بناء مئات المجمعات السكنية لمحدودي الدخل والعاطلين وصغار الموظفين، ماذا عن اطلاق حملات لمحو الامية في عموم كردستان، ماذا عن واردات نفط كردستان ،ماذا عن عائدات كمارك ومنافذ كردستان المليارية ؟ فلن تسمع شيئا لأن الجمهور هناك قد رضي اسوة بشقيقه العربي السني بالقشور وبمواعيد عرقوب التخديرية ،ولسان حالهما سوية ماقاله العندليب يوما “موعود معايا بالعذاب،موعود يا قلبي ،ولا بتهدا ولا بترتاح في يوم يا قلبي، يا قلبي” .
ولايختلف الحال بتاتا مع ساسة العرب الشيعة فكل الوعود العرقوبية المقدمة لجماهيرهم من قبل احزابهم وتياراتهم وكتلهم على مدار سنوات طويلة عبارة عن قشور تلقى طعما للجمهور،ولاتعدو ان تكون مجرد هواء في شبك، زوبعة في فنجان ،جعجعة من غير طحين ، معظمها تركز على الجانب العاطفي والوجداني لا اكثر،على جانب الزيارات،وتكثيرالعطل والمناسبات، واقامة مجالس العزاء ،وبكاء الساسة المصطنع امام الكاميرات، مع المرور – الانتخابي – على التأريخ وشخوصه ورموزه ليتذبذب ذلكم المرور بين الطعن واللعن ، وبين الثناء والمدح لهذا الطرف أو ذاك …مع الحديث المتواصل وتعليق الاخطاء كلها على شماعات الانظمة السابقة واخفاقاتها وتداعياتها واشكالاتها منذ العهد الملكي وحتى 2003 ” ياعم راح يصيرلكم 18 سنة بالحكم وهذه فترة سبق لليابان والمانيا وروسيا وايطاليا وبولندا والنمسا وبقية الدول التي دمرتها الحرب العالمية الثانية عن بكرة ابيها ان نهضت خلالها واصبحت رقما صعبا بين الدول ولو كانت مستشارة المانيا ميركل على سبيل المثال ومع كل اخفاق اقتصادي أو سياسي أو أمني تقول ولكن هتلر كان ظالما،ولكن الزعيم النازي كان قاسيا ، ولكن الفوهرر قد ترك لنا تركة ثقيلة،لوجدت المانيا تراوح مكانها ولرأيتها اليوم دولة من دول العالم النائم ولا اقول النامي اذ لاتنمية ولا يحزنون ” ثم وماذا بعد ؟ لاشيء اطلاقا ،فلا مستشفيات ولا مدارس ولاجامعات ولامصانع ولا مزارع ولاسدود ولا مرافئ ولاقنوات ولا بناء حقيقي ولا اعمار ولا ردم مستنقعات ولا ازالة نفايات ولا تأهيل معالم سياحية واثارية ، لاتصفية مياه ولا توفير كهرباء ولا تحسين خدمات، لامشاريع لتوفير فرص عمل للعاطلين فضلا عن الكفاءات ،لا بناء مجمعات سكنية للقضاء على ازمة سكن لمحدودي الدخل والعاطلين وذوي الاحتياجات ،لا افتتاح او حتى تعبيد طرق ولا بناء جسور ولامجسرات ” وما يبنى منها فهو تافه وسطحي – ويخرب من الضحك – سرعان ما يتصدع ويتهاوى بعد اسابيع برغم تشييده بالمليارات عبر بيع المقاولات ” ، لا فتح للابواب امام الرصين من الاستثمارات ولا كبح حقيقي ومدروس لجماح المخدرات ،لا سحب للسلاح المنفلت والموازي والمؤدلج وايقاف فوري وصارم للنزاعات والثارات، لا حرب جدية على الفساد المالي والسياسي والاداري والحد من السرقات والتخفيف من حدة الخلافات والاختلافات والتي تنذر بين الحين والاخر بتفجير الوضع برمته في كل المحافظات، لاحرب على تزوير الشهادات والعملات ، لا استصلاح اراض ولاتأهيل مزارع وبساتين ولا استحداث لحقول دواجن ، احواض اسماك ، حظائر مواش وحمايتها من الاوبئة والافات والسموم الناقعات ولطالما سمعنا بنفوق ملايين الاسماك والمواشي والدواجن في كل عام مرات ومرات بأمراض او بسموم القى بها مجهولون لافساح المجال امام المستورد – الستوك – الاجنبي …الداخل بلا تقييس ولاسيطرة ونوعية من جميع المنافذ الحدودية الجنوبية وبالمليارات ، مع ان الجنوب عبارة عن كنز هائل وثروة كبرى تحلم بها كل شعوب الارض فضلا عن حكوماتها فيما لو احسن استغلالها واستثماراها على الوجه الامثل ،ولكن هيهات لها ان تستثمر على الوجه الصحيح ابدا بوجود العرقوبيين والعرقوبيات الاحياء منهم والاموات !
وعلى الجماهير ان لاترضى بالعرقوبيات مطلقا وان لاتنتخب العرقوبيين مطلقا ، وعندما يغازلك مرشحك بالقشور قبيل الانتخابات فإعلم بانه بصدد -الضحك عليك مجددا-وبنفس الاساليب وبذات الاكاذيب،فدع عنك القشور وطالب باللب فقط لاغير ،اذا كنت تنوي تغييرا لأوضاعك البائسة مطلقا والعيش كبقية الشعوب سالما منعما وغانما مكرما ، وبخلاف ذلك وعلى قول ثومة “ماتصبرنيش ما خلاص، انا فاض بيه ومليت” . اودعناكم اغاتي

المصدر