ما بعد اقتحام الكابيتول ليس كما قبله

232

ما بعد اقتحام الكابيتول ليس كما قبله
د. ماجد احمد الزاملي
دونالد ترامب رفع الستار عن الأزمة البنيوية التي تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية, و التى أنكرتها النخب الأمريكية طويلاً , من خلال الإعلام المهيمن عليه من اللوبيات و الداعم للحزب الديمقراطى تقليدياً. ان النظام النيوليبرالى المتوحش و الذى دمَّر الطبقة الوسطى الأمريكية و أفقرها من خلال نقل مركز الشركات إلى خارج الولايات المتحدة الأمريكية حيث رُخص الأيدى العاملة و المواد الخام و الطاقة و قربها من الأسواق الجديدة مما يقلل تكاليف النقل و التأمين.. و بالتالى يحقق لها أرباحاً أكثر و لكنه على حساب الطبقة العاملة الأمريكية, حيث أغلقت كثير من الشركات و المصانع أبوابها و خاصة صناعة السيارات فى ديترويت فقد تحولت المدينة الى مدينة أشباح وتركها سكانها و ذهبوا للبحث عن فرص عمل فى مدن أخرى. و بالتالى ظهور الترامبية , و بطريقة جديدة خارجة عن المألوف و النمط الأمريكى. و القريب جدا من الشرائح المتضررة من سياسات الدولة العميقة , و خاصة من الطبقة العاملة صاحبة البشرة البيضاء فى المدن و الأرياف, خلق له قاعدة شعبية كبيرة من خلال تغريداته و خطاباته الشعبوية و العنصرية و تحميل الأخطاء و المشاكل للمهاجرين و اللاجئين من امريكا الجنوبية أو الأقليات الافروامريكية. و بالتالى أدى إلى شرخ طولي و قطاعي فى المجتمع الأمريكى, من خلال تصريحاته العنصرية و شعاراته الفارغة و الزائفة, لإعادة امريكا مرة أخرى عظيمة ,و بالتالى أصبح ترامب بقاعدته الشعبية العريضة فى طول البلاد و عرضها يشكل خطراً حقيقياً على الدولة العميقة و دورها فى المستقبل , خاصة وهى التى ترسم سياسات الدولة الخارجية و الداخلية، و تُعيِّن الرؤساء والنواب فى مجلسي النواب و الشيوخ و الإدارات على مستوى الدولة. من شاهد فيديوهات انصار ترامب من الامريكيين وهم امام الكونجرس والبيت الابيض كيف قامت الشرطة بتسهيل عملية دخولهم لاثارة الشغب ، لتكون الذريعة القوية لاسقاط ترامب .وهذه الاحداث قد تُسرع من انهيار اميركا بل تسريع لانهيار منظومة النظام العالمي، واعتقد ان عام 2021 سيكون عام متغيرات كبرى في الساحة الدولية ستتغير الموازين وتنقلب المعادلات.
لن تصمد أمريكا طويلاً في وجه التغيرات والتطورات العالمية التي تشير بوضوح إلى قطبيات تنشأ نداً لها إن كان على الصعيد الإقتصادي كما تمثله الصين أو على الصعيد العسكري وهو ما تمثله روسيا وحتي إيران نفسها هي قطب لا يمكن تجاوزها أو الاستهانه بها وان لم تكن كذلك لهاجمها ترامب إلاّ أنه لم يفعل. أمريكا مطالبة بأن تعترف بالمنطق والمعادله العالميه الجديده وهي ستفعل ذلك وهي صاغرة خلال الفترة القصيرة القادمة. اميركا ستسقط وستنتهي إسطورة القطب الأوحد والقائد الاوحد للعالم تغزو وتجوِّع شعوب كالشعب الفتزويلي والفلسطيني والسوري والايراني والعراقي .ترامب يذهب الى مزبله التاريخ كما ذهب سلفه من الزعماء الديكتاتوريين في دول العالم الثالث العربيه وغير العربيه. اميركا تمر بمرحله اعاده تأهيل نتيجة التآكل الذي التي تسبب فيه ترامب وزمرته من الجمهوريين على الساحه الامريكيه والدوليه. وعندما شعر الشعب الاميركي ومن كافه الاصول والانتماءات بان بلدهم في خطر وديمقراطيتهم في خطر من جراء تصرفات ترامب والمقربين منه هرعوا لانقاذها بالانتخابات في جورجيا ثم تخلى البعض عن ترامب وابتعد البعض عنه ليس حباً في الديمقراطيين وانما خوفاً على الوطن وتركوه ليقاتل بنفسه لقد ادرك ترامب ان الديمقراطيه واحترام سياده الدستور الامريكي امر مقدس للغالبيه العظمى من الشعب الامريكي كما حصل في فرنسا قبل عشرين سنة تقريبا عندما فاز اليمين المتطرف في الجولة الاولى من الانتخابات وفي الجولة الثانية خرج الشعب الفرنسي عن بكرة ابيه واسقطوا جبهة اليمين المتطرف .
حيث خضع وأقرَّ ترامب بفوز بايدن لدرجه انه هاجم من دخل مبنى الكابتول لنصرته ومن دعمه من أنصاره المقربين . ترامب وزبانيته يحاولون التشويش بشتى الوسائل على بايدن لفوزه بالانتخابات ولربما يقدم على افتعال حرب مع ايران كآخر هديه لبايدن ليتعامل مع ارث لا يعلم احد متى سينتهي وكيف. ترامب والجمهوريون بارعون في زرع الألغام ولربما يورطوا امريكا في حرب مع ايران قبل خروجه ويترك لبايدن كارثه فوق كوارث الوباء والانقسامات ليتعامل معها .لكن في اعتقادي القوي ان البساط مسحوب من تحت قدمي ترامب وان جنرالات الجيش الامريكي لن يخضعوا لأوامره وان الامر بات بيد الكونجرس المنتخب بشقيه الشيوخ والنواب وبيد الدولة العميقة التي لن تسمح بذالك. لقد مرت الولايات المتحدة بأزمات كثيرة عبر تاريخها أثبتت من خلالها أنها دولة مؤسسات ورغم سجلها الأسود في الاستهانة بأرواح ومصالح الشعوب الأخرى خاصة العربية وانحيازها الأعمى لاسرائيل على حساب الفلسطينيين إلا أن احتمال اندلاع حرب أهلية أو إشعال حرب غير محسوبة النتائج لا يتعدى نسبة صفر بالمائة وربما تكون الأحداث الاخيرة مجرد مسرحية تم بها التحايل على ترامب بطريقة قانونية. نانسي بليوسي مثلها مثل غولدمائير فهي صهيونية حتى النخاع هى لا تعترض على ما يقوم به ترامب من عنصريه او ما يفعله من اجل الصهاينه في فلسطين ولكنها تعترض على الاسلوب الذي تظن انه يُهدد العلاقه المستقبليه مع الدول العربيه .ما حصل في امريكا متشعب ويستطيع أيا كان يعتبرها مؤامره على ترامب وخطط كانت مفصله من قبل مسيرة الاحتجاجات هناك القانون يجب النظر والتحقيق في هذه القضيه من خلاله في جميع جوانبها وأخذاً بالاعتبار كل الاحتمالات المطروحه. الترامبية ظاهرة جديده على السياسه الامريكيه وهى مرغوبه جدا في اوساط الشعب الامريكي الجديد كونها تضع نهج أكل عليه الدهر وشرب ولا يتماشى مع رؤية الاجيال الجديده والمتغيرات التي حصلت في المجتمع الامريكي القضية صعبه جدا على الساسه الامريكان والذين جُلّهم عجائز تتحرك بالادوية. ترامب علامة فارقة بالتاريخ الأمريكي …. هو بالتأكيد زرع بذور الشقاق في المجتمع الأمريكي . السنوات القادمة ستشهد الولايات المتحدة مزيدا من التحيز والتطرف سواء باتجاه اليمين القومي (القومية على اساس اللون الابيض ) …او بأتجاه اليسار الراديكالي وتصبح المدن الثائرة سياتل وسان فرانسيكو ولوس انجلوس معقل اليسار الراديكالي ومنطقة جبال روكي والجنوب معقل اليمين القومي….وجود ترامب في السلطة أو خارجها سيغذي هذا الانقسام…ومن المحتمل ان تتناسل حادثة ( أوكلاهوما ستي ) … في المحصلة الانقسام الداخلي الأمريكي ينعكس على وزن الولايات المتحدة الخارجي ويكون من الصعب على أمريكا للصمود في اي نزاع خارجي بسبب ضعفها الداخلي( ولن يكون للعملية الديمقراطية اي تأثير في وجه موج الانقسام الهادر).
لذا ، كان المطلوب التخلص من ترامب و عدم منحه فرصة أخرى لقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لأربع سنوات قادمة.. حيث قامت الدولة بكل أجهزتها الإعلامية من تلفزيونات و راديوهات و جرائد و مجلات و كذلك الشوسيال ميديا بشيطنته و و صفه بأنه شخصية نرجسية مريضة تارة و بأنه فاقد الأهلية و عنده جنون العظمة و العنجهية مرة أخرى( كلمة حق يُراد بها باطل ). إن الدولة العميقة تسيطر على مفاصل الدولة بشكل كامل وبالتالى لن تسمح لترامب بأن يقوم بأى حماقة سواء خارجية من خلال إشعال حرب أو عدواناً, أوإضطرابات داخلية من خلال تحريض المليشيات التابعة له بخلق فوضى منظمة فى المدن و الأرياف الأمريكية. كما لا أعتقد بأن تقوم الدولة العميقة فى تحقيق أهدافها بعزل ترامب من الرئاسة في الأيام القادمة ,و خاصة أن مؤيديه فى مجلس النواب أو مجلس الشيوخ لن يسمحوا بذلك لأن هذا يعنى خلق حرب أهلية لا داعى لها فى أمريكا كما أنه لن يستقيل و الظاهرة الترامبية لن تختفى من المشهد السياسي في المستقبل القريب حيث سيظهر عشرات على شاكلة ترامب.. لأن الخطوط الحمر للدولة العميقة تم كسرها .. و ان الولايات المتحدة الأمريكية بعد اقتحام الكابيتول أصبحت ليس كما قبل الإقتحام.
هل هو الإنهيار الكبير أو أنه مُعد له مسبقاً للتأقلم مع الحاضر الجديد هل هناك قنبلة نووية ستُرمى في الشرق الأوسط ماذا عن المليار الذهبي الذي يتم تنفيذه بكرونا وغيره والمشروع الصهيوني لا زال قائما وله خريطة معلومة ترسم معالم المنطقة حسب المخطط الصهيوني والنظام العالمي الجديد بزعامة إسرائيل الدولة العميقة لا شك أنها وراء ما يجري بشأن الوضع الداخلي لأمريكا وتحاول جعل أمريكا تتأقلم مع التأثيرات الداخلية والخارجية وإن كان الثمن باهظاً ,لا أعتقد أن هناك حدث داخلي أو خارجي خارج توقعات الدولة العميقة المتصهينة وجُل ما يفاجئهم هو أن لا يتحقق ما خططوا له ولكنهم توقعو عكسه سلفاً ومن غير المعقول أن ترامب يخالف الدولة العميقة لهذا يريدون إستبداله ببايدن إلاّ إذا كانت مسرحية لا أكثر لإظهار ترامب أنه هو الثور الجريح الغير متوقعة تصرفاته القادمة ليلقي على كاهل ضعيف الكاريزما بايدن ما لا يتحمله أو أيا كان الذي بعده لأنه هناك ملفات شائكة جدا لا يستطيع حلها رئيس إلاّ بشق الأنفس أو حتى معجزة وسيحرق أمريكا إن ضرب إيران ولكن هل حقا لا تريد إسرائيل والماسونية والدولة العميقة ضرب إيران وإذا كانت لا تريد فلماذا لا تريد ذلك وإن أمر ترامب بذلك سينفذ مباشرة لأنه دمية في يدهم وسيبقى بذلك رئيسا إلى حين نهاية ما افتعله وإيران ليست الوحيدة هناك الصيني والدب الروسي ويعرف الجميع أن أمريكا دولة حروب ونشر للفتن وبارعة في صنع الذرائع والمبررات في السياسة الأمريكية لتبرر أفعالها خصوصا إذا ما كانت تراه دفاعا عن النفس في التهديدات الخارجية.

المصدر