تحقيقات الكاتيوشا: فصائل مسلحة تسيطر على مراكز شرطة وتضغط على الضباط فـي الرصافة

222

بغداد/ تميم الحسن

كانت بغداد على موعد مع نحو 10 صواريخ اخرى حينما سقطت 8 قذائف كاتيوشا على مجمع سكني في منطقة القادسية يوم الاحد. وأكد مسؤولون العثور على منظومة صواريخ كبيرة قبيل اطلاقها ليلة الاحد الماضي.

وكشفت التحقيقات الاولية عن وجود “خرق كبير” في بعض القطاعات الامنية الماسكة للارض و”ثغرات” في الطوق الامني الذي فرضته العاصمة قبل عدة اشهر لمحاصرة مطلقي الصواريخ، وهو ما دعا الحكومة الى اعتقال ضباط كبار على خلفية الحادث.

وتعرضت السفارة الاميركية في بغداد، مساء الاحد الماضي، الى هجوم صاروخي، نتج عنه سقوط عدة صواريخ في محيطها، وعلى عمارة في مجمع القادسية، كما سقط صاروخ آخر في منطقة الجادرية. وعلى اثر ذلك اعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، اعتقال مجموعة من المشتبه بهم في عملية القصف الأخيرة.

ساعات قبل الكارثة

ويقول نائب قريب من اجواء التحقيقات في الحادث لـ(المدى)، ان “هناك منظومة صواريخ اخرى تم العثور عليها قبل وقت قصير من انطلاقها كانت تحمل 9 صواريخ”، مرجحا ان تركها كان امرا مقصودا “لاحراج الحكومة واعطائها رسالة بانها كانت يمكن ان تقصف بشكل اوسع”.

وكان بيان خلية الاعلام الامني، الذي صدر مساء الاحد قال إنه “تبين أن منطقة الانطلاق كانت من معسكر الرشيد، وسقطت داخل مجمع سكني في منطقة القادسية، حيث نتج عن ذلك حدوث أضرار مادية في هذه البنايات وعدد من العجلات المدنية دون خسائر بشرية”.

كيف دخلت “الكاتيوشا” معسكر الرشيد؟

ويشير النائب المطلع على سير التحقيقات بالهجوم، الى ان عملية نقل الصواريخ الى معكسر الرشيد، ونصبها يحتاج الى “عجلات ووقت”، موضحاً ان ذلك جرى بسبب “خرق في بعض الاجهزة الامنية”.

وكشف النائب عن “اعتقال القوة الماسكة في منطقة معسكر الرشيد بينهم ضباط وكبار وآمر الفوج”، فيما نفى الاخير علمه باعتقال “مطلقي الصواريخ”. وقال الكاظمي في مؤتمرٍ صحفي، يوم الاثنين، إن “قصف المنطقة الخضراء عمل إرهابي جبان، والصواريخ وقعت على عراقيين وأصابتهم، ولن نقبل بأي اعتداء على البعثات الدبلوماسية”.

وشدد رئيس الوزراء على عدم قبوله بأي اعتداء على البعثات الدبلوماسية في العراق، مضيفا: “اعتقلنا مجموعة من المشتبه بهم في عملية القصف، وأوقفنا مسؤولين عن قواطع أمنية وأدخلناهم السجن”.

وكانت للحكومة تجربة غير ناجحة في اعتقال ما قالت انهم المسؤولين عن اطلاق الصواريخ في حزيران الماضي، لكنها اطلقت سراحهم بعد اقل من اسبوع، وقاموا بعدها بوضع صور الكاظمي تحت اقدامهم واحرقوها امام الكاميرات. وفي نهاية ايلول الماضي قال المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء أحمد ملا طلال، إنه “تم القبض على عدد من المتورطين بإطلاق صواريخ الكاتيوشا”، مشيرا، في مؤتمر صحفي، إلى “سجن 19 ضابطا ومسؤولا أمنيا” تم إطلاق الصواريخ من مناطق مسؤولياتهم.

خرق طوق العاصمة

وكشفت التحقيقات الاولية بحسب النائب المطلع، “سيطرة فصائل مسلحة على مراكز الشرطة في مناطق في الرصافة وقريبة من معكسر الرشيد وعلى شرطة النجدة”، كما تمارس تلك الجماعات “ضغوطات على الضباط في المناطق المسؤولين عن حمايتها”.

وكانت مصادر قد ذكرت في وقت سابق لـ(المدى) ان بعض الفصائل داخل الحشد الشعبي “لا تلتزم بالقوانين وباوامر الحكومة”، وان “قضية الحشد جزء من الدولة كذبة كبيرة”.

ونقلت تلك المصادر على لسان عدد من القيادات العسكرية في البلاد، بانهم “لا يستطيعون ايقاف اي عجلة تحمل صواريخ كاتيوشا تابعة لتلك الفصائل، وإلا تحول الامر الى حرب”.

ودعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عقب سقوط الصواريخ الاخيرة الى اعلان حالة الطوارئ ونزول الجيش الى الشوارع.

ويقول النائب المطلع انه “جرى ضرب الطوق الامني الذي فرضته القيادة العسكرية في تشرين الاول الماضي، والذي نجح بتراجع في الهجمات”.

ويتضمن الطوق مراقبة طريق مطار بغداد بشكل مكثف وبعض المناطق التي شهدت عمليات اطلاق صواريخ، في غربي العاصمة، كما جرى تقسيم بغداد الى “مناطق عسكرية” لتحديد المسؤولية بشكل سريع اثناء الخروقات. وفي غضون ذلك اعلنت قيادة العمليات المشتركة عقب الحادث الاخير، عن اتخاذها جملة اجراءات، لوقف الهجمات على البعثات الدبلوماسية.

فصائل مدعومة سياسياً

وتقول لجنة الامن والدفاع في البرلمان انه على الحكومة “اعادة النظر” في الخطط الامنية في بغداد.

واضاف عضو اللجنة بدر الزيادي لـ(المدى) انه “عمليات محاصرة مطلقي الصواريخ تبدو غير ناجحة ولذلك تعود الهجمات في كل مرة”.

ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة تحسين الخفاجي، امس، قوله، إن قيادة العمليات تقوم بعمل كبير من أجل إيقاف الهجمات على المنشآت والأهداف الحيوية للبلد ومن ضمنها السفارات والبعثات الدبلوماسية من خلال “تفعيل الجهد الاستخباري والأمني”.

وأكد الخفاجي أن الإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها ستكون لها “نتائج واضحة للعيان خلال الأيام القليلة القادمة”. المتحدث الرسمي، أوضح أن قيادة العمليات المشتركة والأجهزة الأمنية ووفقا لتوجيه القائد العام للقوات المسلحة مستمرة بالضغط على المجاميع “المنفلتة” التي تستخدم السلاح خارج إطار الدولة وتهدد أمن وسيادة البلاد. وبحسب الخفاجي، أن قيادة العمليات لن تسمح بأن يكون هناك تهديد للسلم المجتمعي أو أن تكون هناك صورة غير صحيحة وسلبية بالنسبة للعراق أمام المجتمع الدولي. بدوره يؤكد الزيادي، عضو لجنة الامن في البرلمان ان “مطلقي الصواريخ لديهم قوة على الارض وغطاء سياسي”، داعيا العمليات المشتركة الى “تسيير طائرات في النهار والليل، ووضع كاميرات مراقبة على مناطق مرتفعة في بغداد”.

اما بخصوص المعتقلين الذين اعلن رئيس الوزراء القاء القبض عليهم، قال عضو لجنة الامن: “ليست لدينا معلومات، لكنهم مشتبه بهم حتى الان وقد يكونوا مسؤولين عن الحادث او ابرياء”.

المصدر