شهر عسل منفّر بين اسرائيل والامارات

144

شهر عسل منفّر بين اسرائيل والامارات

بقلم: بيلين فرناندز
من موقع الحزب الديمقراطي الاشتراكي في الولايات المتحدة
ترجمة: قصي الصافي

منذ اعلان التطبيع ايلول الماضي كرّست اسرائيل والامارات جهودهما فيما يجيدانه عادة: انتهاك الحريات و اقتراف الأعمال الوحشية و تبييض صفحة الاحتلال.
عام2010 عبّر توماس فريدمان في مقال بجريدة نيويورك تايمز عن تذمّره ( من النقاد غير المنصفين الذين ينعتون غزة بانها سجن اسرائيلي كبير، دون الاشارة الى أن حماس – بعد مغادرة اسرائيل لغزة – لو قررت تحويلها الى دبي وليس الى طهران، لكان سلوك ايران في غزة مختلفاً تماماً)! !
لو غضضنا الطرف عن حقيقة أن اسرائيل لم تغادر غزة أصلاً، وحتى لو أن حماس قد خططت فعلاً لتحويل تلك المنطقة الصغيرة المعزولة تماماً الى عاصمة ايرانية، فان القانون الدولي لا يبيح لأسرائيل تحويل غزة الى أكبر سجن بالهواء الطلق في العالم. كما انه لايبدو واضحاً كيف يمكن لغزة ان تتحول الى دبي وهي محاصرة على الدوام، مع القصف الاسرائيلي المتكرر؟، وكيف يتسنى لأهالي غزه بناء المولات، أو اي نوعٍ من البناء في الوقت الذي تمنع فيه اسرائيل وبشكل متكرر مرور مواد البناء الى ذلك القطاع الضيق من الارض؟!!
الآن مع ” بشائر” اتفاقية ايلول للتطبيع و – التي توّجت علاقة الحب السري الدفين طويلة الامد- يبدو ان الفلسطينيين سيتذوقون طعم دبي، مثلما سيتذوق الاماراتيون طعم النبيذ الاسرائيلي المصنع في مرتفعات الجولان الواقعة تحت الاحتلال غير القانوني.
في تقرير لمراسل سي أن أن بعنوان ” شهر عسل أكثر من مجرد تطبيع علاقات ” كتب بين وودمان بان “الحماس المفرط بين حكومة اسرائيل و المشيخة العربية قد بلغ ذروته، بحيث أسقطت الامارات عملياً جميع اعتراضاتها على إحتلال اسرائيل للأراضي العربية”، وهذا بالطبع لم يكن اعتباطياً، فتغييب مسألة الاحتلال يعدّ شرطاً اساسياً لاتمام التطبيع، الأمر الذي ينسجم مع وجهة نظر توماس فريدمان للسلام في الشرق الأوسط ( لو أن الفلسطينيين يكفّون فقط عن التشكي من أن اراضيهم محتلة، وانهم يتعرضون للمجازر على الدوام، و يمضون بدلاً من ذلك لتدبير امور حياتهم، عندها يمكن ان تصبح غزتهم دبي ايضاً)، قل لمن تلتهم النيران منزله أن يغض الطرف عن الحريق!!!
يسرد تقرير بين وودمان بركات العرس الاسرائيلي الاماراتي الصاخب: الغاء تأشيرات الدخول، استيراد نبيذ الجولان ، رحلات لقادة المستوطنات في الضفه الغربيه الى الأمارات، خط جوي بين تل أبيب ودبي يبدأ مستهل العام الجديد، تمويل اماراتي أمريكي اسرائيلي لتحديث تقنيات نقاط التفتيش في الضفة الغربية للمراقبة والسيطرة على تحركات المواطنين الفلسطينيين. بالطبع لايعني التحديث أن الجنود الإسرائيليين سيتوقفون عن ضرب أو قتل أو احتجاز الفلسطينيين والاعتداء عليهم في نقاط التفتيش، ولكن قد تساعد الامارات في إنشاء ردهات أمومة متنقلة للتعامل مع النساء الفلسطينيات اللاتي يجبرن على الولادة أثناء التفتيش في تلك النقاط.
من الجدير بالذكر ان نقاط التفتيش محدثه أصلاً بما فيه الكفاية، فكما ورد في تقرير أن بي سي العام الماضي بأن شركة مايكروسوفت قد انجزت برنامج تمييز الأوجهrecognition facial للتجسس على الفلسطينيين في الضفة الغربيه، على الرغم مما أدلت به تلك الشركة العملاقة بأنها لن تستخدم تلك البرامج فيما يقوّض او ينتهك الحريات، أما بالنسبة للامارات فالامر ليس بجديد، حيث لامكان فيها للحريات على الاطلاق، وجزاء من يبدي انتقاداً بسيطاً للحكومة الاعتقال أو التعذيب وربما التغييب، بيد أن التعاون في ميدان التجسس الالكتروني كان سابقاً للاعلان الرسمي عن رابطة الغرام المتبادل بسنوات، ففي عام 2015 نشرت عين الشرق الاوسط وصفاً لمنظومة التجسس الالكتروني التي أنشأتها اسرائيل في ابوظبي ” تتم مراقبة الجميع منذ مغادرتهم عتبة الباب حتى لحظة عودتهم، أعمالهم و تحركاتهم وجميع نشاطاتهم يتم تسجيلها وتحليلها و أرشفتها”، سمّها بربرية معاصرة – أو حلم اليمين النيوليبرالي حيث تنتهك أبسط الحقوق الأساسية مقابل الابراج الشاهقة، والجزر الصناعية، ومهرجان دبي السنوي للتسوق، وغيرها من البهرجات التي بنيت على ظهور العماله المهاجرة التي تكدح في ظل ما يشبه العبودية.

لجهودهما في التطبيع تم ترشيح نتنياهو ومحمد بن زايد لجائزة نوبل للسلام، تبدو حالة شاذة حتى نتذكر الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما، الرجل الذي أمر باسقاط 26171 قنبلة على سبع دول ذات أغلبيه اسلاميه في سنه 2016 فقط، استلم تلك الجائزة ايضاً.
السلام ليس خياراً في هذا الزمن للفلسطينيين أو اليمنيين أو شعوب المنطقه الذين ينحرون كالأضاحي لتسمين ارباح صنّاع الاسلحة ومنتجات الحداثة المدمّرة بإسناد الولايات المتحدة، والخطاب الامبريالي الذي يصر على أن إيران هي المسبب الوحيد لهذا الدمار.
هكذا يتمتع الشريكان في شهر العسل الطبيعي بالحصانة، من قتل 2251 مدنياً بغزة في غضون خمسين يوماً فقط، أو الاشراف – كطرف في التحالف الذي تقوده السعودية- على الانتهاكات الجنسية للمعتقلين اليمنيين أو المجاعة وموت الاطفال في اليمن.

مع مضي عملية التطبيع، ما يبدو مريعاً ومخيفا أن الجميع يرى ما يجري أمراً طبيعياً.

المصدر