زيارة الكاظمي إلى البصرة رفعت فيتو أحزاب وعشائر تمنع ملاحقة خلايا الاغتيالات

628

حتى منتصف نهار الاحد، لا توجد اي مؤشرات على اعفاء محافظ البصرة اسعد العيداني من منصبه، كما كان يتوقع مراقبون عقب زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى المدينة.

وكان الكاظمي، قد وصل مساء السبت، الى البصرة فور عودته من واشنطن، بعد تزايد عمليات الاغتيال في الجنوب.

ويهدد بقاء المحافظ، بتصعيد الاحتجاجات التي تعد الاخير، جزءًا من الاطراف التي تساعد على قتل الناشطين وتتستر على الجناة.

ويلمح المتظاهرون في البصرة، الى انه في حال عدم الكشف عن القتلة، فان تظاهرات الناصرية – التي شهدت تهديم مقار احزاب- ستكون بمثابة نزهة مقارنة بما قد يحدث في المدينة.

وتعهد الكاظمي، بعد زيارته لمنزل الناشطة رهام يعقوب التي قتلت الاسبوع الماضي في البصرة، بتعقب قتلة المحتجين والناشطين في العراق.

وقال الكاظمي وسط اسرة يعقوب: “أقسم أن المجرمين لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن، وأن دماء الشهيدة والشهيد هشام الهاشمي، والشهيد تحسين أسامة لن تذهب هدرًا”. وكان مسلحون مجهولون قد اطلقوا، الاربعاء الماضي، الرصاص على سيارة الناشطة يعقوب، وسط البصرة، ما ادى الى استشهادها على الفور. وبعد ساعات قليلة على وصول رئيس الحكومة إلى البصرة، أعلن وزير الداخلية عثمان الغانمي عن انطلاق قوة أمنية فجر الأحد، لاعتقال القتلة في البصرة. ويقول مصدر امني في البصرة لـ(المدى) ان “عمليات الاعتقال في المدينة تواجه صعوبات كبيرة، بسبب حماية العشائر والاحزاب لبعض المطلوبين”. وأكد مصطفى الكاظمي خلال اجتماعه مع القيادات الأمنية والعسكرية في مقر قيادة عمليات البصرة، أن وجوده في المحافظة جاء لأمر استثنائي، وقال “أنتظر منكم عملا جادا، وعليكم الكشف عن المجرمين بأسرع وقت”. وبحسب المصدر الذي طلب عدم الكشف عنه اسمه، ان “وزير الداخلية الذي وصل الخميس الى البصرة بعد مقتل الناشطة يعقوب، كان بحاجة الى دعم الكاظمي لتنفيذ اعتقالات كبيرة”. وبين الكاظمي خلال اجتماعاته بالقيادات الامنية، أن جماعات خارجة عن القانون تحاول منذ فترة ترهيب أهل البصرة، وهي تشكل تهديدا لهم ولجميع العراقيين. وقال أيضًا “البصرة مهمة لدينا ولا نقبل بالإخفاقات في حماية أمنها”، رافضًا أي شكل من أشكال التدخلات السياسية في العمل الأمني. كما شدد على وجود العمل بكل الإمكانيات لتوفير الأمن لأهالي البصرة، وقال “هناك مجرمون يرتكبون عمليات اغتيال، لكن لم نرَ عملا يوازي خطورة هذه الجريمة”. بالمقابل قال مسؤول محلي سابق في البصرة لـ(المدى) إن “عصابات كبيرة تسيطر على المحافظة، والمسؤول غير قادر على حماية نفسه”.

وكشف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان “مسؤولين كبارا في البصرة بدأوا يستعينون بافراد من العشيرة للحماية خوفا من الاستهدافات”.

وشهدت البصرة الجمعة الماضية، تطبيق الخطة الأمنية التي اشرف عليها وزير الداخلية عثمان الغانمي لتعقب القتلة.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا في بيان، أمس، أنه “حسب توجيهات وزير الداخلية عثمان الغانمي نفذت قوة امنية كبيرة للثلاثة ايام الماضية وبإشراف ومتابعة ميدانية من قبل قائد شرطة محافظة البصرة اللواء عباس ناجي ادم، أوامر القبض بحق مطلوبين للعدالة في كافة أنحاء المحافظة”. واوضح ان العمليات اسفرت “عن القاء القبض على متهمين اثنين مطلوبين قضائيا وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الارهاب والقاء القبض على 304 متهمين مطلوبين قضائيا وفق مواد جنائية مختلفة كما تم ضبط 12 بندقية كلاشنكوف و 1 بندقية نوع RBK و2 بندقية نوع GC وأعتدة مختلفة و3 مسدسات كما تم ضبط مواد مخدرة وادوات تعاطي المخدرات وحبوب مخدرة وتمت إحالتهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل”. واضاف المتحدث باسم الداخلية: “كما شملت الحصيلة الامنية لمفارز افواج شرطة الطوارئ وشرطة النجدة ضبط (1985) عجلة و(1481) دراجة نارية مخالفة لقواعد وتعليمات مديرية المرور، وتأتي هذه العملية ضمن حملات تفتيش مستمرة بغية بسط الامن والاستقرار في المحافظة”. وأكد ان “شرطة محافظة البصرة ماضية في عمليات فرض القانون لطمأنة المواطن بوجود قوات أمنية قادرة على حفظ الأمن والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار المحافظة”.

وكان 20 ناشطا في “البصرة قد غادروا المدينة، خلال اليومين الماضيين، في اعقاب تصاعد عمليات الاغتيال وتلقي تهديدات”. وكشفت (المدى) الاسبوع الماضي، عن وجود “قوائم اغتيالات” لدى جماعات مسلحة في الجنوب، يتم اعطاء كل ناشط رقما معينا في القائمة، وبحسب تسلسله يتم استهدافه.

ومن بين ابرز قيادات الاحتجاجات المغادرين للبصرة، الناشطين الثلاثة الذين تعرضوا مؤخرا لمحاولة اغتيال فاشلة. وهاجم مسلحون، قبل يوم من مقتل يعقوب، سيارة تضم الناشطين في البصرة (فهد الزبيدي وعباس صبحي ولوديا ريمون)، فيما اصيب اثنان منهم بجروح. وكانت “لوديا” قد تعرضت الى اصابة في قدمها، بينما عباس اصيب في صدره، فيما لم يصب الناشط الثالث الذي كان يقود السيارة. كما اطلق مسلحون الرصاص، في نفس اليوم الاخير، على الناشطة والمهندسة رقية الدوسري في البصرة، ولم تتعرض لأي اصابات. وكان مسلحون مجهولون اقتحموا الجمعة الماضية، مكتب عمل الناشط تحسين الشحماني، وسط البصرة وأطلقوا عليه اكثر من 20 رصاصة ما أدى إلى مقتله على الفور. ووجه الشحماني، وهو احد ابرز المحتجين في البصرة، انتقادات لاذعة الى جهات مسلحة، ومسؤولين وقادة عسكريين في البصرة قبل مقتله بأيام.

العيداني مستمر في عمله

وكان محتجون غاضبون على مقتل يعقوب والشحماني، قد منحوا محافظ البصرة اسعد العيداني، يومين لمغادرة المنصب، قبل ان يعودوا الى التظاهرات.

وتوقع ناشطون ان يقوم الكاظمي، باقالة العيداني فور وصوله الى البصرة، لكن هذا لم يحدث حتى الآن. ويقول عبد عون علاوي، النائب عن البصرة، لـ(المدى): “لا توجد اي نية حتى الان بتنحية العيداني. لا يمكن اقالته الا بقرار من البرلمان”.

ويثير العيداني جدلًا واسعًا منذ 3 سنوات بسبب تمسكه بمنصبه، على الرغم من تسجيل نحو 18 تظاهرة ضده، 11 مرة منها تمت محاصرة ومهاجمة منزله.

ويضيف علاوي، وهو نائب عن تحالف الفتح (المظلة السياسية لفصائل الحشد) ان “العيداني من افضل محافظي العراق ولذلك يحاول البعض تخريب عمله”، في اشارة الى التظاهرات.

ونفى المكتب الاعلامي لمحافظ البصرة اسعد العيداني، ما تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي، عن قيام رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي باقالة الاخير من منصبه.

وقال بيان من مكتب العيداني، ان من نشر هذه الاخبار هي “صفحات مدعومة من قبل بعض الجهات لا تريد الاستقرار في محافظة البصرة”. واضاف البيان، ان “هذه المنشورات هي مزورة وعارية عن الصحة كون ان أغلب الصفحات تعمل ضمن مسلسل خلق الفوضى في البصرة”. ويمكن إقالة المحافظ وفق القانون 21 لسنة 2008 حسب المادة 7 وفق أحد الأسباب: هدر المال العام، عدم النزاهة، استغلال المنصب، أو فقدان شروط العضوية بالاستجواب بناء على طلب من ثلث أعضاء مجلس المحافظة ووفق حالة عدم القناعة بأجوبة المحافظ يصوت مجلس المحافظة بالأغلبية المطلقة على تحديد جلسة جديدة للتصويت على الإقالة بالأغلبية المطلقة في أحد أسباب الإقالة أعلاه، وهو ما نصت علية المادة 7 من القانون، وهو يسري على نواب المحافظ، لكن هذه الطريقة معطلة بعد حل مجالس المحافظات.

كما يحق لرئيس مجلس الوزراء الطلب من البرلمان أن يقيل المحافظ لأحد أسباب الإقالة أعلاه، فإذا صوت البرلمان بالأغلبية البسيطة تتم إقالة المحافظ ووفق المادة 7 من قانون مجالس المحافظات 21 لسنة 2008 ويستمر المحافظ في عمله بتصريف الأعمال لحين مصادقة المحكمة الإدارية العليا على ذلك. ويعرقل انقسام البرلمان وتغيبه منذ ازمة كورونا هذا الاجراء.

ويحق ايضا لرئيس مجلس الوزراء سلطة سحب يد المحافظ أو تجميد عمله وفق قانون انضباط موظفي الدولة 14 لعام 1991، ووفق المادة 78 من الدستور، بعد تشكيل لجنة تحقيقية تثبت تقصير المحافظ. وأحرق محتجون مساء الجمعة، مقر مجلس النواب في البصرة، غضبا على استمرار عمليات اغتيال الناشطين في المحافظة، قبل ان يغلقوا المبنى بشكل نهائي.

ويقول سمير المالكي، احد الناشطين البارزين في البصرة لـ(المدى): “اذا لم تتحقق مطالبنا فان التظاهرات ستتصاعد وبشكل اقوى مما حدث في الناصرية، ستكون بمثابة نزهة عما سيجري هنا”.

وكان متظاهرون غاضبون قد هدموا، السبت الماضي، بجرافات عددا من مقار الاحزاب في الناصرية، على خلفية انفجار دراجة نارية قرب ساحة الاحتجاج.

ويضيف المالكي: “لم تكشف اسماء القتلة ولم نسمع باي اخبار عن اقالة المحافظ، والمتظاهرون لن ينتظروا الموت وانما سينزلون لمواجهته في الشارع”.

المصدر